حزب الله يكشف عن اسرار سياسية وعسكرية
حزب الله يكشف عن اسرار سياسية وعسكريةحزب الله يكشف عن اسرار سياسية وعسكرية

حزب الله يكشف عن اسرار سياسية وعسكرية

بيروت - قلما يكشف حزب الله أسراره السياسية والعسكرية على الورق فهو حزب يكتب تاريخه في الميدان العسكري ويخاطب أعداءه بقلم رصاص بكثير من الغموض وقليل من البوح ولو بعد حين.

ونادرا ما تأتي إصداراته الورقية على شكل تفاهم بين مكونات مجالسه وعلى رأسها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله. ومن هنا يأتي كتاب نائب الحزب في البرلمان اللبناني حسن فضل الله "حزب الله والدولة في لبنان الرؤية والمسار" مقدما صورة سعى الحزب فيها منذ تكوينه سياسيا للبحث عن الدولة "حيث بفقدانها نستقبل الفوضى".

ينطلق فضل الله في كتابه من رؤية الإسلام لمفهوم الدولة والتي "يقرها كضرورة ويعتبرها من الحاجات الأساسية لتنظيم الحياة على الأرض وتوفير مقومات رقيها" ويبحث عن الأصول التي يستمد منها حزب الله ثقافته حيال الدولة بخاصة عندما لا تستند إلى حكم الشريعة الإسلامية.

وقد وجد فضل الله أن فكرة تطبيق الحكم الإسلامي "في هذه الظروف الموجودة في لبنان لا تسمح بتطبيق فكرة الدولة الإسلامية نتيجة التنوع الطائفي والسياسي القائم".

وبالتزامن مع ترك فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية في الحكم استقى الحزب خياراته الدينية فضلا عن تنسيقه السياسي والأمني من إيران "وما لبثت الجغرافيا الإسلامية أن انصهرت في إطار ثقافة عامة أشاعتها ولاية الفقيه".

وقد حدد الولي الفقيه الإمام الخميني في عام 1982 التكليف بمقاومة الغزو الإسرائيلي واعتبر حينها "أن واجب الشباب اللبناني تأدية هذا التكليف وليس أي شباب آخر وكان تكليفه للحرس الثوري الذي حضر إلى سوريا مساعدة الشباب اللبناني بالتدريب والتسليح ولم يوافق على تولي الحرس مهمة القتال المباشر".



*العلاقة مع سوريا

ومن ثنايا صورة الدولة الواردة في النص يفرد فضل الله صفحات يتناول فيها العلاقة مع سوريا الحليف الوثيق للحزب بعد اتفاق الطائف حيث "خضع لبنان آنذاك لإشراف إدارة سورية كاملة وتحكم فرقاء لبنانيون بالمفاصل الداخلية فولدت مؤسسات هذه الدولة على يد القابلة السورية وتحولت أداة طيعة بيد قلة من المسؤولين السوريين وتقدمت مصالحهم في أحيان كثيرة على مصلحة سوريا نفسها".

ويتهم فضل الله هنا من يسميهم "رسامون محليون" باستجلاب منافع خاصة وفئوية ولو أدى ذلك إلى تسليم الأوراق والمفاتيح بأكملها إلى الراعي السوري وذلك في إشارة لمرحلة سلم فيها رئيس وزراء لبنان الأسبق الراحل، رفيق الحريري، مفتاح بيروت إلى رئيس جهاز الأمن والاستطلاع، غازي كنعان، الذي كان خلال تسعينيات القرن الماضي الحاكم الفعلي للبنان.

وتلاقى حزب الله مع سوريا على الهدف المركزي هو التصدي لإسرائيل لكنه اختلف معها في قضايا كثيرة "وتصادم معها في بعض الأحيان فهو لم يكن على وئام مع السياسة التي انتهجها الفريق السوري لإدارة الملف اللبناني وسبق له أن دفع ثمنا من حياة عناصره عندما استهدفت سوريا أحد معاقله في بيروت عام 1987 بما عرف بمجزرة فتح الله".

ويقول فضل الله إنّ الخصومة مع سوريا تأسست على وقع دم سال في بيروت وظلت ترافق الطرفين طيلة حقبة التعايش كاشفا عن "أفخاخ في طريق العلاقة" وعن "قيادات سورية تحكمت بالقرار واستجلبت لنفسها ثروات طائلة".

*القضايا الاستراتيجية

لكن فضل الله يميز دور الرئيس السوري الراحل، حافظ الأسد، الذي "أمسك بالقضايا الاستراتيجية وفي مقدمها الصراع مع إسرائيل تاركا هامشا كبيرا في الملعب المحلي لفريقين سوري ولبناني تقاسما مغانم الدولة وخيراتها".

وتأتي صفحات الكتاب الذي كان الأكثر مبيعا في معرض "بيروت العربي الدولي للكتاب "الذي اختتم أعماله في وقت سابق من الشهر على مراحل ومحطات يقول فضل الله فيها "إن إدارة الملف اللبناني في دمشق كانت شريكة بزرع الألغام في طريق المقاومة للإيقاع بها ومن أبرز وقائعها حربا إسرائيل على لبنان في عامي 93 و96" وكاد الأمر أن يوقف عبور الصواريخ من سوريا إلى حزب الله.

لم يرق للفريق السوري اللبناني المشترك خوض حزب الله للمواجهة مع إسرائيل في حرب إبريل/ نيسان عام 1996 ورفض غازي كنعان الذي تولى لاحقا منصب وزير الداخلية قبل انتحاره عام 2005 سياسة الحزب في الرد على الهجمات الإسرائيلية ومارس تهويلا نفسيا حول المدى الذي سيبلغه رد الفعل الإسرائيلي وسأل "هل يريد الحزب لسوريا أن تخوض الحرب في حمص لأن إسرائيل ستصل إلى هناك"؟.

وذهب نائب الرئيس السوري أنذاك عبد الحليم خدام إلى أبعد من ذلك بعدما وجه اللوم إلى حزب الله حيال ما يجري وقال في جلسة مع الحزب "ماذا يعتقد نفسه السيد نصر الله حتى يخوض هذه الحرب؟ هل يريد أن يكون أبو عمار ثاني؟ عليكم من جانبكم وقف النار".

حيال هذا الطوق فتح حزب الله قناة اتصال مع حافظ الأسد عبر نجله باسل فطلب الرئيس السوري من المسؤولين السوريين "الكف عن الضغط على المقاومة ولم يكتف برفع الضغط السياسي بل جرى العمل على توريد الصواريخ ولكن عن طريق الجبهة الشعبية القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل".

وفي صفحات عام 2000 قبيل الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان تحت وقع ضربات مقاومة كان حزب الله رأس الحربة فيها، يكشف فضل الله عن اغتيال قبل أوانه كان سيصادف قائده العسكري البارز عماد مغنية الذي قتل في انفجار بدمشق عام 2008.

ويقول فضل الله "وصل الحاج مغنية وقيادات الصف الأول في المقاومة إلى قرب موقع بلاط على الحدود (مع إسرائيل) وكانت نيتهم الصعود ثم عدلوا عن ذلك لتأخر الوقت فيما توجهت مجموعة من المقاومين لاستطلاع الموقع وتحريره، لكن جنود العدو كانوا في الجزء الفلسطيني منه فاشتبكوا مع المقاومين وقضى عدد منهم وقدر لتلك المجموعة القيادية العليا أن تكون أول من يدخل الموقع وتقع في ذلك الاشتباك".


* عروض الحريري

يحرص النائب فضل الله في الكتاب على تقديم صورة إيجابية عن تمسك رفيق الحريري بالشراكة مع حزب الله مع الاحتفاظ بقوته العسكرية حتى إنجاز التسوية مع إسرائيل وينقل عنه كلاما قاله عام 2004 خلال لقاء مع الأمين العام لحزب الله "إما توافق المقاومة على صيغة حل لوضعها بعد التسوية وإما يتخلى الحريري عن مسؤولياته الرسمية ولا يمس بهذه المقاومة".

وحسب فضل الله فإنّ لعروض الحريري أثمانا سياسية تتعلق بالسلطة وبرفضه عودة الشيعي، نبيه بري، رئيسا لمجلس النواب مقترحا أسماء أخرى بديلة عنه بينها نواب حزب الله في البرلمان مثل علي عمار ومحمد رعد أو محمد فنيش.

وقد تبلورت فكرة مقايضة السلاح بالسلطة في دوائر القرار الفرنسي وأبلغها الرئيس الفرنسي السابق، جاك شيراك، إلى الرئيس الإيراني آنذاك محمد خاتمي ثم حملها مسؤول ياباني إلى حزب الله مبديا الاستعداد لتمويل مشاريع بنيوية بمليارات الدولارات في مناطق الحزب وتقديم مساعدات مالية سخية لبيئته الشعبية في مقابل تخليه عن السلاح مع الاحتفاظ بدور سياسي محوري له في لبنان ورفعه عن لائحة الإرهاب الأمريكية وفتح الأبواب الغربية أمامه.

وهذا العرض جاء أيضا ضمنيا من نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني عبر أحد أصدقائه الذي عرض تقديمات مالية سخية ودورا مركزيا في السلطة.


* الحرب مع إسرائيل

ويفرد فضل الله حيزا كبيرا من كتابه الواقع في 237 صفحة للحرب مع إسرائيل في يوليو/ تموز عام 2006 والتي استمرت 34 يوما.

ويشير إلى "الرسالة المفتاح" التي كان قد وجهها الإمام، علي خامنئي، خلال الأيام الأولى للحرب إلى نصر الله، مشيدا بصمود مقاتلي حزب الله "حتى الآن عشرة أيام في الوقت الذي هزمت فيه الدول العربية خلال ثلاثة أيام. هذا نصر جيد".

* الحدود الممنوعة

وتطرق فضل الله في كتابه إلى التحولات في المنطقة وفي مقدمتها الحرب الدائرة في سوريا، مشيرا إلى أن الحزب انتظر سنة وبضعة أشهر قبل اتخاذ قرار المشاركة في الحرب إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد وفي مناطق محدودة جدا. ويعتبر المتشددون السنة الذي يقاتلون لسحق نظام الرئيس بشار الأسد حزب الله واحدا من أهم أعدائهم.

وقال فضل الله :"حين لامس الخطر الحدود الممنوعة لم يعد بإمكان المقاومة الانتظار فأخذت قرار الدفاع عن مشروعها وعن وجود بلدها. وهو القرار الذي تبلور بعد نقاش طويل وعميق وقد سبقته تطورات ميدانية ظل الكثير منها طي الكتمان كانت المقاومة قبل أن تتخذ أي موقف هدفا مباشرا لحرب دول وجماعات ضخت سلاحا ورجالا ومالا إلى ميدان الأزمة وقررت توجيه القتال ضد المقاومة لضرب قواعد قوتها وبنيتها في سوريا كمقدمة لتوسيع رقعة الاستهداف من أجل تغيير معادلات المنطقة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com