معركة طرابلس تسلط الضوء على تحالف الظل بين بريطانيا والميليشيات
معركة طرابلس تسلط الضوء على تحالف الظل بين بريطانيا والميليشياتمعركة طرابلس تسلط الضوء على تحالف الظل بين بريطانيا والميليشيات

معركة طرابلس تسلط الضوء على تحالف الظل بين بريطانيا والميليشيات

في زحمة وحدّة التطورات العسكرية الجارية في ليبيا منذ الرابع من أبريل الحالي، غابت عن واجهة الأخبار جُملة من الأحداث والإشارات المتفرقة التي تُفسّر قراري مجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأوروبي اللذين صدرا خلال الساعات الماضية ورفضا طلب بريطانيا قرارا بشأن مجريات معركة طرابلس.

الخبر الأخير الذي لم يحظ بتغطية إعلامية تتناسب وحجمه، كان إعلان الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها الموجودة في طرابلس، وكان إعلانًا يكشف للمرة الأولى أنه كان للولايات المتحدة في ليبيا قوات عسكرية تتكتم عليها، مثلما لبريطانيا قوات كوماندوس ظلت تخفيها الى أن تكشف الأمر قبل حوالي عامين وشكّل فضيحة سياسية من زاوية علاقة بريطانيا مع ميليشيات الإخوان المسلمين والعديد من التنظيمات المتشددة الأخرى التي تعمل ما بين الصحراء الليبية وطرابلس.

وكان لافتًا تصدر بريطانيا للدعوات الدولية الداعمة للميليشيات المسيطرة على طرابلس عبر التصريحات المناهضة لتقدم الجيش الليبي وهو ما رأى فيه محللون مؤشرًا جديدًا على مصالحها مع قيادات الميليشيات في العاصمة الليبية.

مليارات الأرصدة المحجوزة

الخبر الثاني الذي لم يحظ أيضًا بالتغطية الإعلامية التي تتناسب مع أهميته، كان مطلب مجلس النواب الليبي بعدم رفع التجميد عن أرصدة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي المجمدة في الخارج.

فوجهة نظر مجلس النواب الليبي، كما صدرت في بيان رسمي، تقول إن هناك معلومات تفيد بسعي بعض الدول الأوروبية بالتنسيق مع أطراف في ليبيا الى تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يقضي برفع التجميد عن الأرصدة الليبية المجمدة في الخارج. وأضاف البيان الذي كان يُشير إلى بريطانيا التي يعتبرها مجلس النواب الليبي الراعي الدولي الأول لحكومة فايز السراج وما ينضوي تحتها من م]ليشيات تعتمد مشاريع الإسلام السياسي المرعية من قطر وتركيا،... ويضيف البيان قوله، إن رفع الحظر عن أرصدة القذافي "يشكل خطرًا شديدًا على هذه الأرصدة وعوائدها التي هي ملك لكل الشعب الليبي وللأجيال القادمة".

ويحذّر البيان من أن "رفع الحظر عنها يُعرضها لخطر سوء التصرف فيها ونهبها في هذه المرحلة الانتقالية التي تعاني فيها ليبيا انقسامَ المؤسسات السياسية وضعفَ الرقابة على السلطة التنفيذية.

وكانت مصادر أخبار دولية ربطت توقيت العملية العسكرية التي أطقها المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي للسيطرة على العاصمة طرابلس بدايات الشهر الحالي، وبين إعلان مجلس النواب الليبي الذي يُحذّر من تواطؤ بريطانيا وحكومة فايز السراج من أجل استصدار قرار دولي بالإفراج عن مئات ملايين الدولارات المجمدة.

تقديرات هذه المصادر الإخبارية كانت ترى أن هناك سباقًا محمومًا على هذا الموضوع بين قوة تستعجل قرار الإفراج عن هذه الثروة الهائلة من أجل التصرف بها، وهي قوة تتمثل دوليًّا ببريطانيا وحكومة السراج، فيما يتولى الجيش الوطني الليبي، بقيادة حفتر، مسؤولية عدم التفريط بهذه الثروة من خلال سرعة السيطرة على طرابلس. ففي طرابلس مقر البنك المركزي للدولة الذي سيسهّل لحكومة السراج وبريطانيا تمرير قرار الإفراج وما يمكن أن يعقبه من تفريط بهذه الأموال بقوة أسلحة الميليشيات التي يتصدرها الإخوان المسلمون المرعيّون، سياسيًّا وعسكريًّا، من تركيا وقطر، فضلًا عن علاقاتهم الموثّقة تاريخيًّا مع بريطانيا.

كسر الانسداد السياسي

وفي وصفها لحقيقة ما يجري في معركة طرابلس، قالت شبكة "سي بي أس" الأمريكية إن هذه المواجهة العسكرية، المفاجئة حسب وصفها، يراد لها أن تكون حاسمة وتنهي سنوات من الانسداد السياسي الدامي الذي تتظلل به ميليشيات تزودها تركيا بالأسلحة، وترعاها قطر إعلاميًّا وماليًّا، وتعيش على استنزاف عوائد النفط الليبي.

صحيفة الغارديان البريطانية، في عرضها لحالة الارتباك البريطاني في التعامل مع معركة طرابلس التي يريدها المشير حفتر أن تنهي حالة المراوحة الليبية الدموية المستمرة منذ عام 2011، نقلت عن مكتب الشؤون الخارجية البريطاني FCO وعن الوزير البريطاني مارك فيلد، اتهامهم للسعودية والإمارات بدعم حفتر. ونقلت عن وزيرة خارجية الظلّ البريطانية، إيملي ثورنبري اتهامها -أيضًا- لفرنسا وروسيا بالإضافة للإمارات والسعودية، بدعم برنامج المشير حفتر في إخضاع طرابلس لسلطة الدولة، واصفة ذلك بأنه مدعاة للقلق من إطالة الحرب وتوسيعها.

وفي المقابل لهذا الموقف البريطاني المثير للريبة، سجّلت الصحيفة ذاتها، أن استقصاءات الأمم المتحدة أظهرت بأن الإمارات قدمت أقصى طاقتها لمحادثات المصالحة الوطنية الليبية، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تحرير سلمي حقيقي للبلاد من الميليشيات الإرهابية التي لها كل المصلحة في إطالة أمد الفوضى بليبيا.

وفي هذه الأثناء، سجّلت معركة طرابلس، صباح اليوم الخميس، أن هناك موقفًا دوليًّا عريضًا يرى أن هذه المعركة، رغم ما فيها من خسائر بشرية لا أحد يريدها، إلا أنها معركة تستهدف فعلاً الإجهاز على سلطة الميليشيات وهي تدير من طرابلس شبكة نهب أموال النفط. ولذلك كانت، يوم أمس الأربعاء، قرارات مجلس الأمن الدولي رافضة للرغبة البريطانية باستصدار عقوبات على الجيش الوطني الليبي وهو يحاول إنهاء حكم الميليشيات وإخراج ليبيا من حالة انسداد مفتعلة.

المحلل الأول في مؤسسة IHS الاستشارية، لوكوفيكو كارولينو، نقلت عنه شبكة CBS الأمريكية قناعته بأن معركة طرابلس، رغم كل محاذيرها، إلا أنها معركة مستحقة لإخراج البلاد من دائرة الاستنزاف المغلقة. وأيّده في هذه الرؤية ناتان فيست المحلل الإستراتيجي في مؤسسة راند للدراسات وهو يعرض حجم الفساد والنهب الذي تدافع عنه الميليشيات التي ترفع شعارات دينية وهي تسيطر، في طرابلس، على قرارات البنك المركزي وعلى مصافي النفط الليبية.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com