سجن "بوكا" رحم ولادة "داعش"
سجن "بوكا" رحم ولادة "داعش"سجن "بوكا" رحم ولادة "داعش"

سجن "بوكا" رحم ولادة "داعش"

كشف قيادي في تنظم "داعش" إن سجن "بوكا" بالعراق كان الملاذ الآمن لولادة الجماعات الجهادية من خلال سماح مسؤولي السجن باللقاء بين السجناء، ما تمخض عن تأسيس تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام".

ويقول القيادي، إنه في صيف عام 2004، القي القبض عليه من قبل القوات الأمريكية الذين اخذاه الى سجن "بوكا" في جنوب العراق، مؤكدا أن واشنطن وفرت حواضن لتلاقي المتطرفين مع بعضهم البعض في سجونها الموجودة بالعراق. بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.

المعتقل السابق والقيادي الحالي في تنظيم "داعش" والذراع الأيمن لقائده أبو بكر البغدادي، فضل استخدام اسم ابو احمد لمواصلة سرده تفاصيل ولادة التنظيم المتشدد في السجون الامريكية بالعراق، فهو يشدد على ان السجون المقامة بالعراق كان هدفها تشكيل اكبر قدر ممكن من التنظيمات المتطرفة ولاسيما في الدول ذات المتغيرات السياسية المفاجئة.

ولم يمض من الوقت كثيراً، وتحول سجن "بوكا" الى المكان الاكثر امناً لقياديي التنظيم، فهم ادركوا ان هذا المكان يعد ملاذاً لأفكارهم التي من خلالها تشكلوا اولى الجماعات الإرهابية من داخل السجون الامريكية في العراق.

ابو احمد ولأول مرة بعد نقله من سجن "كروبر" الى "بوكا"، اجتمع بزعيم تنظيم "داعش" ابو بكر البغدادي الذي يُعّد الاكثر خطورة بالعالم، فقال عنه: "لم يكن أي منا يعرف الآخر ولم يعرف البغدادي نفسه بأنه سيكون زعيم أخطر التجمعات في العالم".

وكان المدعو ابو احمد متبنياً فكرة "رفع المظلومية" عن الطائفة السنّية بعد وصول الطائفة الشيعية الى سدة الحكم في العراق.

افكار أبو أحمد، ساعدته في وصوله الى هذا المنصب الذي يشغله الآن، فكانت بداياته في سوريا بمنطقة الزبداني، حيث كان يقيم ويخطط لتشكيل تنظيم الدولة مع البغدادي، بعد ان استفادا كثيراً من الازمة السورية لانطلاق أولى العمليات منتهزين الفراغ الامني في الحدود العراقية ـ السورية ليبدأ التنظيم اولى نشاطاته في العراق.

أبو أحمد وافق بالتحدث علناً بعد عامين من المناقشات لإقناعه بكشف ماضيه بوصفه واحداً من اشد المتطرفين شراسة وخطورة فضلاً عن اتصاله الوثيق بالجماعات المتمردة الموجودة بالعراق. القيادي الحالي، "أدان" الوحشية المفرطة التي يستخدمها التنظيم في العراق فضلاً عن انتقاده الاضطرابات وسفك الدماء، معتقداً ان التنظيم جاء بأفكار تتعارض مع ما موجود الان.

المعتقل السابق اقتنع اليوم بالتحدث الى صحيفة الغارديان في سلسلة من المحادثات المستفيضة عن تشكيل التنظيم في سجن بوكا وتسمية ابو بكر البغدادي زعيماً لتنظيم "داعش"، فالعلاقة بين الشخصيتين تعود الى عام 2004 عندما كانا معتقلين وحتى بعد اطلاق سرحهما وبدء عملهما معاً في عام 2011 عندما عبرا الحدود السورية، قادمين الى العراق معلنين تنظيمهما المتطرف.

ويقول أبو أحمد، إن "سجن بوكا كان يضم اخطر المطلوبين عالمياً وعلى رأسهم زعيم تنظيم "داعش" ابو بكر البغدادي الذي كان شخصية هادئة وكثيراً ما كان يتدخل لفض النزاعات بين المعتقلين فضلاً عن دعواته الى بناء بيئة تصالحية للتسريع في الخروج من السجن".

ويرى أبو أحمد، أن "الزعيم البغدادي كان يخفي وراء هذا الهدوء سراً خطراً او ربما كان يعد لشيء كثيراً ما اخفاه عن زملائه".

ويؤكد أبو أحمد، ان البغدادي كان كثير العزلة والتأمل في المعتقل وكثيراً ما تصرف وفق قوانين السجن، فنادراً ما تره يجتمع مع الباقين وقليلاً ما يتحدث معهم.

كان الأمريكيون على دراية، بان معتقلهم يضم اهم واخطر الشخصيات تطرفاً، فمن ضمن 24 الف معتقل، كان البغدادي يرتب اوراقه للبدء بتنظيمه المسيطر اليوم على مساحات شاسعة من العراق. فالمخيمات والاروقة في سجن "بوكا" كانت شاهدة على تأملات البغدادي ومخططاته.

أبو أحمد، يتحدث عن المعتقل من جوانبه النفسية التي اتخذها الامريكيون كنهج للتعذيب، فأولى الخطوات التي استخدمها مسؤولو السجن لتعذيب المعتقلين، أجبارهم على ارتداء ملابس معينة وذات الوان لها آثار عكسية على نفسية المعتقل، فمن خلال هذه الالوان صنفت امريكا خطورة المعتقلين، اذ يمثل اللون الاحمر للمعتقلين شديدي الخطورة، والاخضر للباقين لفترات طويلة، اما الاصفر والبرتقالي للحالات العادية وللفترات القصيرة.

ويمضي أبو أحمد بالقول عن شخصية البغدادي: "كان هدوؤه المفرط سبباً في احترام الامريكيين له، فهو يعلم جيداً ما يريد وما كان ينويه، وهو الخروج من السجن، وبالفعل في يناير من العام 2004، تم اعتبار البغدادي من قبل المعتقلين شخصية قيادية لهم فهم كثيراً ما استشاروه في قضاياهم وناقشوه عن اسباب عزلته لكنهم لم يحظوا بإجابات منه عن شأنه الخاص".

البغدادي كان يحظى باحترام مسؤولي سجن "بوكا" وكان مسموح له بالتنقل من مخيم الى آخر، فمن هنا استطاع ان يؤسس إستراتيجيته بعيد المنال وهي تشكيل "تنظيم الدولة الاسلامية". وفقاً لأبو أحمد الذي يؤكد ان "بوكا" كان مصنعاً للتنظيمات المتمردة وبناء الايديولوجيات المتطرفة.

المعتقلات الأمريكية وبحسب المختصين، كانت مكاناً لاجتماعات الجماعات الجهادية، فكان مسؤولي السجون المنتشرة في العراق أبان الاحتلال الامريكي على البلد، يتعمدون وضع المعتقلين الخطرين مع بعضهم البعض لاسيما في سجون كروبر في بغداد القريب من مطار بغداد الدولي وسجن بوكا في جنوب العراق.

ويشرح أبو أحمد، ان السجن كان ملتقى لامراء الحروب والجماعات الجهادية المتطرفة التي تم القبض عليها من قبل الجيش الامريكي، فالجيش أمر بسجن القيادات الخطرة جنباً الى جنب مع القيادات الاخرى، فكان كثير من الناس على مقربة من زعيم تنظيم القاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي جالسين الى جانبه ومصغين الى افكاره بدون اي قيد او شرط من مسؤولي السجن. فالاجواء كانت بيئة مثالية للاتفاق والتنظيم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com