زيارة العبيدي لبيجي.. "إنجاز" استثنائي للعراق المضطرب
زيارة العبيدي لبيجي.. "إنجاز" استثنائي للعراق المضطربزيارة العبيدي لبيجي.. "إنجاز" استثنائي للعراق المضطرب

زيارة العبيدي لبيجي.. "إنجاز" استثنائي للعراق المضطرب

بغداد ـ انهال وابل رصاص من قناص توارى في مكان قريب على سيارات الهمفي السبعة التي بدت عليها آثار القتال بينما كان موكب وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي يقطع طريقا سريعا مليئا بالحفر ما استدعى ردا مماثلا من مرافقيه المسلحين لكن السائقين واصلوا القيادة.

وتوخى العبيدي عبر زيارته الأولى إلى أكبر مصفاة نفطية في العراق إثبات وجهة نظره بعد أن انصب التركيز الرئيسي للحكومة المدعومة من الولايات المتحدة على المعركة التي أنهت حصارا استمر خمسة أشهر للمصفاة على يد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد.

أن يتمكن وزير الدفاع العراقي من قطع مسافة 30 كيلومترا بالسيارة على طريق سريع صحراوي يفصل بين قاعدة عسكرية جوية قرب مدينة تكريت ومصفاة بيجي لهو أحد الانجازات العسكرية القليلة للحكومة منذ انهيار الجيش العراقي وهجره معظم مواقعه في شمال العراق في يونيو/ حزيران الماضي.

وقبل ثلاثة أسابيع تمكنت القوات الحكومية والجماعات الشيعية الموالية لها أخيرا من فك الحصار عن المصفاة بعد صمود جنود من القوات الخاصة داخلها.

على طول الطريق السريع كانت المؤشرات على وجود الحياة بالكاد تظهر بينما كانت الحفر التي تسببت بها العبوات الناسفة المزروعة على الطريق تعرقل حركة السيارات في حين بدا للعيان الجسر المدمر الذي كان مشيدا فوق الطريق السريع ذي المسارين.

على جانب الطريق بدت أعمدة الضغط العالي المتهاوية وبرج الاتصالات المتداعي بالإضافة إلى عدد من المباني المحترقة أو المدمرة. في حين توالى ظهور اللافتات الدينية المعلقة التي تحمل شعارات وصورا تمجد الفصائل الشيعية في مشهد يتنافر مع المحيط ذو الأغلبية السنية.

ربما يكون الطريق السريع القصير بين بيجي وتكريت ممهدا للسيارات غير أن تكريت - مسقط رأس صدام حسين- لا تزال تحت سيطرة مقاتلي الدولة الاسلامية بشكل أساسي ومثله معظم الطريق السريع المتجه جنوبا.

على خط الجبهة الأمامي

وللوصول إلى بيجي كان على العبيدي أن يطير أولا إلى مطار الصحرا بالقرب من تكريت الذي بات يحمل اسم سبايتشر - تيمنا بطيار من البحرية الأمريكية- عندما اتخذته القوات الأمريكية قاعدة رئيسية لها في شمال العراق خلال سنوات احتلالها الثمانية للعراق.

وأمضى العبيدي عدة ساعات على مقربة من الخطوط الأمامية والتقى الضباط والجنود وسألهم عن طعامهم وأماكن نومهم ورواتبهم حتى أنه أعطى أحد الجنود البائسين على نقطة للتفتيش عند المدخل الرئيسي الجنوبي لتكريت مظروفا بداخله مبلغ من المال بينما كانت طائرتا هليكوبتر تراقبان تحركاته طوال الرحلة.

وعند مدخل مجمع مصفاة بيجي بدا عدد من حاويات التخزين المحترقة في حين لم يمس الضرر أجزاء كبيرة داخلها. غير أنها خلت من العمال الذين يقومون بتشغيل أجهزتها.

المزيد من الدعم الجوي

عندما اقتحم مسلحو الدولة الإسلامية المنطقة في يونيو/ حزيران الماضي سلم مئات من المجندين المنتمين في معظمهم للشيعة في سبايتشر أنفسهم إلى التنظيم ليعدموا لاحقا بالرصاص ويدفنوا في مقابر جماعية.

وجسد عجز الجيش عن الدفاع عن المجندين في سبايتشر المستوى الأدنى له قتاليا أثناء تداعيه أمام ما بدا أنه هجوم لا يمكن صده لتنظيم الدولة الإسلامية.

والعبيدي وهو سني وعضو في البرلمان من الموصل أكبر مدن شمال العراق التي تنوء تحت قبضة الدولة الإسلامية بعد أن سقطت أثناء تقدم المقاتلين المتشددين في يونيو/ حزيران.

وتولى العبيدي منصبه في أكتوبر تشرين الأول بعد تعيين حيدر العبادي رئيسا جديدا للوزراء.

وجعل العبادي من أهم أولوياته إصلاح الجيش وتخفيف التوتر بين الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة في بغداد والسنة.

وينحي العبيدي باللائمة في انهيار الشمال على فساد المؤسسات والاختيار غير الموفق لقادة الجيش وهي أمور قال إنه تم علاجها.

وفي الأسبوع الماضي قال العبادي انه اكتشف وجود 50 ألف جندي وهمي على قوائم المرتبات الشهرية. وأشار إلى أن هؤلاء الجنود كانوا يرشون الضباط المسؤولين عنهم بجزء من رواتبهم في مقابل التغيب عن الخدمة وبالتالي كانوا يساهمون في إثراء قادتهم وتفريغ المؤسسة العسكرية من قدراتها.

ومنذ تولي عبادي منصبه طرد الجيش - مدعوما بالفصائل الشيعية والقوى الأمنية الكردية التابعة لمنطقة الحكم الذاتي- مسلحي الدولة الإسلامية من بلدة جرف الصخر جنوب غربي بغداد وبلدتين على مقربة من الحدود الإيرانية.

غير أن الدولة الإسلامية عززت سيطرتها في المقابل على محافظة الأنبار وهي أكبر محافظات العراق التي تضم وادي نهر الفرات غربي بغداد واستأنفت هجماتها في أماكن أخرى.

وقال العبيدي إن العراق يحتاج إلى مزيد من دعم التحالف بقيادة الولايات المتحدة والذي ينفذ طيرانه الحربي غارات على مواقع للدولة الاسلامية.

وأضاف "يمكن (للتحالف) أن يضعف قدرات الدولة الاسلامية بنسبة 70 إلى 80 في المئة إذا نفذ عمليات جوية أكثر."

وتعليقا على تصريحات العبيدي استبعد اللفتنانت جنرال جيمس تيري قائد عمليات التحالف ضد الدولة الإسلامية من الكويت وجود أي خطط فورية لزيادة الغارات وقال "بينما يتولى العراقيون العمليات (البرية) سنستمر نحن في شن الغارات."

وزار وزير الدفاع الأمريكي المنتهية ولايته تشاك هاجل بغداد اليوم الثلاثاء لإجراء محادثات مع المسؤولين العراقيين.

خوف من الفصائل

كان بالإمكان سماع صدى القتال الدائر في عدة محطات خلال زيارة العبيدي.

وفي جامعة تكريت في الضواحي الشمالية للمدينة حيث يتمركز اليوم الجنود عوضا عن الطلبة قال العسكريون إن عشرات من مسلحي الدولة الاسلامية اقتحموا المبنى يوم الجمعة بعد الهجوم عليه من الشمال والشرق عبر نهر دجلة غير أنهم أجبروا على التقهقر بعد قتال استمر يوما كاملا.

أما خارج مصفاة بيجي فقد كانت التوتر سيد الموقف جراء القلق ليس من المقاتلين المتشددين السنة بل من الجماعات الشيعية التي اعتمدت عليها بغداد في صدها.

وقال صباح الجبوري وهو رجل شرطة مسلم "في بلدتي كانت الدولة الاسلامية ستذبحني."

وكان الجبوري يتحدث خارج مكتب ينسق فيه الجيش عملياته العسكرية مع عصائب الحق وكتائب حزب الله وهما اثنتان من الجماعات الشيعية التي تقاتل في هذه المنطقة.

وأضاف الجبوري "لا يوجد تعاون معنا".

ولا تزال بلدة الشرقاط بشمال البلاد التي ينحدر منها الجبوري تحت احتلال تنظيم الدولة الاسلامية.

وبعد مرور أكثر من عقد على الإطاحة بصدام حسين وبعد سنوات من الاقتتال الطائفي الدموي تعهدت الإدارة الأمريكية بارسال 3100 عسكري يعملون كمدربين ومستشارين لكن ليس كجنود ميدانيين.

في حين أكد الجبوري إن التدخل الدولي الحازم وحده هو القادر على انقاذ بلاده، تساءل "قل لي.. متى يأتي الأمريكيون؟"

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com