خبراء: يجب على السودان تنفيذ إصلاحات أو طلب إنقاذ مالي لاقتصاده
خبراء: يجب على السودان تنفيذ إصلاحات أو طلب إنقاذ مالي لاقتصادهخبراء: يجب على السودان تنفيذ إصلاحات أو طلب إنقاذ مالي لاقتصاده

خبراء: يجب على السودان تنفيذ إصلاحات أو طلب إنقاذ مالي لاقتصاده

قال خبراء اقتصاديون ومصرفيون إنه يجب على السودان تنفيذ إصلاحات جذرية أو طلب إنقاذ مالي من دول صديقة لانتشال اقتصاده من المنحدر، الذي ساعد في إطلاق احتجاجات واسعة تهز البلاد حاليًا.

وتواجه الحكومة عجزًا كبيرًا في الميزانية؛ بسبب تكلفة دعم الوقود والخبز ومنتجات أخرى. ولتغطية هذا العجز، فإنها عمدت إلى توسيع المعروض النقدي.

لكن هذا ساهم في انخفاض قيمة العملة، مما تسبب في صعود حاد للتضخم وهبوط كبير في قيمة الجنيه السوداني، وهو ما دفع بدوره تكلفة الدعم للارتفاع وتسبب في زيادة العجز.

وأثارت محاولات لرفع أسعار الخبز والوقود؛ بهدف تقليص تكلفة الدعم، احتجاجات ستدخل قريبًا شهرها الثاني، وهو ما يمثل أطول تحدٍ يواجه الرئيس عمر البشير الذي قضى ما يقرب من 30 عامًا في السلطة.

وقال مصرفي سوداني، طلب عدم نشر اسمه، إن "الاضطرابات في الوقت الحالي، وكل ذلك الذي يجري، لا يعدو أن يكون انعكاسًا لتراكم الفقر وبقاء الرواتب كما هي واستمرار ارتفاع الأسعار"، وأضاف: "لا أحد، ولا حكومة، يمكنها مواصلة ذلك".

وألقى البشير باللوم في الاضطرابات على قوى خارجية، قائلًا، الأسبوع الماضي: إن السودان "محاصر اقتصاديًا".

وقال محتجون، تجمعوا مجددًا في وسط الخرطوم أمس الخميس، إن "اللوم يقع على سوء إدارة الاقتصاد والفساد في الحزب الحاكم"، ويريد المحتجون تغيير الحكومة.

وأعلنت الحكومة عن برنامج تقشف طارئ مدته 15 شهرًا في تشرين الأول/أكتوبر، لكنها ما زالت تقدم دعمًا كبيرًا للسلع الأساسية.

والبنزين في السودان أرخص من أي مكان آخر في العالم تقريبًا. وتحدد الحكومة سعره عند 6.17 جنيه سوداني للتر، وهو ما يعادل نحو 13 سنتًا أمريكيًا وفقًا لسعر الصرف الرسمي، أو نحو 10.6 سنت بسعر الصرف في السوق السوداء. ويُباع الديزل بسعر 4.25 جنيه سوداني للتر.

وبالنسبة للخبز، تدفع الحكومة لتجار القطاع الخاص 680 جنيهًا دعمًا لكل جوال يحتوي على 150 كيلوغرامًا من الدقيق الذي يستوردونه. وقال مصرفي إن الجوال الواحد يبلغ سعره في العادة نحو 1230 جنيهًا.

بعد ذلك تحدد الحكومة سعر البيع بالتجزئة للخبز عند جنيه واحد لكل 40 غرامًا. ويقول مصرفيون إن الزيادة السابقة في السعر كانت في كانون الثاني/يناير 2018، عندما تم رفع سعر الرغيف من نصف جنيه، في تحرك أطلق جولة احتجاجات محدودة.

لكن أثر الدعم على التضخم من الصعب تقديره بوضوح؛ لأن وزارة المالية لم تنشر بعد موازنة 2018 أو 2019 على موقعها الإلكتروني.

ومعظم التكلفة لم يتم الكشف عنها أو تحملها البنك المركزي، وفقًا لتقارير صندوق النقد الدولي.

وتظهر إحصاءات البنك المركزي أن نمو المعروض النقدي (ن1) زاد من مستوى سنوي منخفض بلغ 14.3% في نيسان/أبريل 2016 إلى 88.3% في نيسان/أبريل 2018، قبل أن يتراجع مجددًا إلى 76% في آب/أغسطس.

ومع نقص أوراق النقد، فإن معظم الزيادة في المعروض النقدي كانت إلكترونية أو عبر شيكات.

تعطل ماكينة طباعة الأوراق النقدية

قال ثلاثة مصرفيين في الخرطوم إن نقص أوراق النقد يرجع إلى أسباب، من بينها تعطل ماكينة طباعة الأوراق النقدية الوحيدة في البلاد في أوائل 2018، مما ترك البنك المركزي يسارع إلى طلب أوراق نقدية من الخارج. ويقف العملاء في طوابير لساعات أمام البنوك وماكينات صرف النقود.

وقال مصرفي: إن فضائح علنية في بنكين منفصلين فاقمت المشكلة، مما تسبب في تدافع محدود على سحب الودائع من البنوك في النصف الثاني من 2018.

وقال مصرفي آخر: إن ارتفاع التضخم أدى إلى قيام العملاء بإفراغ حساباتهم والبحث عن استثمار آخر. وتظهر بيانات رسمية أن التضخم ارتفع إلى نحو 70% في تشرين الثاني/نوفمبر.

ويقدر ستيف هانكي، الخبير في العملات المتعثرة لدى جامعة جونز هوبكنز، أن معدل التضخم السنوي الفعلي بلغ 91% في 15 كانون الثاني/يناير، على أساس سعر الصرف في السوق السوداء وتعادل القدرة الشرائية.

ويعني ذلك أن معدل التضخم على أساس شهري يقل كثيرًا عن 50%، وهو معيار للتضخم الجامح.

لكن هانكي يقول إن التضخم ما زال مرتفعًا على نحو مقلق، مع معاناة فنزويلا وزيمبابوي والأرجنتين فقط من زيادات أكبر في الأسعار.

وقال: "هم يواجهون مشكلة في خفض الدعم، ولا يمكنهم الذهاب إلى سوق السندات الدولية للحصول على المال، لذا هم يقومون بشكل أساسي بتشغيل ماكينة طباعة النقود".

والبنوك السودانية ملزمة باتباع قواعد التمويل الإسلامي، التي تحظر الفائدة، وهو ما يقيد حجم الأموال التي يمكن للحكومة أن تجمعها محليًا من خلال أذون الخزانة والسندات التقليدية.

وفي العادة، تلجأ الدول التي تقع في مثل هذا المأزق الخطير إلى صندوق النقد الدولي للحصول على الدعم، في الوقت الذي تنفذ فيه الخطوات المؤلمة التي يطالب بها لتصويب أوضاعها المالية.

لكن واشنطن تدرج السودان كدولة راعية للإرهاب وتعهدت باستخدام حق النقض ضد أي طلب للمساعدة تقدمه الخرطوم إلى صندوق النقد، لحين امتثالها لسلسلة من المطالب السياسية والإنسانية والأمنية.

وعلى مدى سنوات، تراكم على السودان أيضًا عبء دين خارجي معرقل يزيد على 50 مليار دولار، معظمه مستحقات متأخرة بما في ذلك 1.3 مليار دولار مُستحقة لصندوق النقد، وفقًا لتقرير صادر عن الصندوق في نوفمبر تشرين الثاني 2017.

ومنذ انخفاض أسعار النفط في 2014، كان لدى دول الخليج العربية، الداعم التقليدي للخرطوم، موارد أقل لتقديم إنقاذ مالي للسودان.

وقال مصرفي ثالث: "ما لم يحصلوا على نوع من التمويل الخارجي، سيكون إلغاء الدعم بمثابة انتحار للحكومة، هم بحاجة إلى برنامج إصلاح جذري".

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com