الحرس القديم في تونس يخوض معركته الأخيرة
الحرس القديم في تونس يخوض معركته الأخيرةالحرس القديم في تونس يخوض معركته الأخيرة

الحرس القديم في تونس يخوض معركته الأخيرة

تونس ـ في مكتبه بضاحية البحيرة في العاصمة تونس يعرض الباجي قائد السبسي المترشح للانتخابات الرئاسية التونسية بفخر تمثالا كبيرا للحبيب بورقيبة أول زعيم لتونس بعد الاستقلال الذي يرى فيه مصدر الهام من الماضي القريب.

وطيلة حملته الانتخابية استند السياسي المخضرم السبسي (87 عاما) الى إرث بورقيبة في بناء دولة علمانية حديثة وعصرية. وحتى نظارته الشمسية التي وضعها في الاجتماعات الشعبية كانت شبيهة بنظارات وضعها بورقيبة قبل عقود.

لكن منافسه الرئيسي المنصف المرزوقي وهو الرئيس الحالي يرى ان التصويت يوم الأحد المقبل يتعين ان يكون استمرارا "لروح الثورة" وضد رموز النظام السابق ومن بينهم السبسي، ويعتبر ان فوزه سيكون انتكاسة للثورة التي يجب ألا تعود للوراء، على حد قوله.

وبعد حوالي أربع سنوات من انتفاضة ألهمت الشرق الأوسط وفجرت ما يعرف "بالربيع العربي" يتجه التونسيون غدا الأحد لانتخاب رئيس لهم في ثالث انتخابات حرة منذ الثورة.

وتأتي انتخابات غد الأحد بعد انتخابات برلمانية اجريت الشهر الماضي وأفرزت فوز حزب نداء تونس الذي يتزعمه السبسي بعدد 86 مقعدا متقدما على خصمه الاسلامي حركة النهضة التي فازت في انتخابات 2011.

والسبسي الذي كان رئيسا للبرلمان مع الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي اطاحت به الثورة، وشغل عدة وزارات مع بورقيبة، يسعى للبناء على فوز حزبه نداء تونس ويقدم نفسه على أنه رجل دولة لديه ما يكفي من الخبرة لاصلاح المشاكل ووقف الاضطراب وانهاء الانتقال الديمقراطي بنجاح.

وفي تجمع شعبي حاشد ضم آلافا من انصاره بصالة للرياضة في العاصمة، قال السبسي "الدولة غائبة في السنوات الماضية.. نتعهد بان نعيد هيبة الدولة ولكننا نتعهد أيضا بضمان الحريات."

والانتخابات الرئاسية المقبلة يفترض أن تكون آخر مراحل الانتقال الديمقراطي المضطرب أحيانا ولكن يطغى عليه التوافق في النهاية بين العلمانيين والاسلاميين لانهاء خلافات حادة اندلعت خصوصا العام الماضي بعد اغتيال مسلحين اسلاميين معارضين علمانيين.

وبعد ثلاثة أعوام من المشاحنات العنيفة أحيانا حول دور الاسلام في السياسة، أصبح ينظر للبلد الصغير على أنه نموذج للتوافق والتقدم الديمقراطي في المنطقة المضطربة.

السباق نحو قرطاج

والى جانب المرزوقي والسبسي تشمل قائمة المترشحين 27 متنافسا من بينهم كمال مرجان وهو آخر وزير خارجية لبن علي، وحمة الهمامي زعيم الجبهة الشعبية وحزب العمال الشيوعي، وكلثوم كنو وهي اول إمرأة تونسية تترشح لهذا المنصب.

ويشارك ايضا في السباق لقصر قرطاج منذر الزنايدي وهو وزير للصحة عمل مع بن علي، والهاشمي الحامدي رجل الاعمال المقيم في لندن، اضافة إلى نجيب الشابي وهو معارض بارز لبن علي ومصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي.

ولا يتوقع أغلب المحللين وحتى استطلاعات الرأي المحلية فوز أي مرشح بأكثر من 50 بالمئة من الاصوات، وهي النسبة اللازمة للفوز مباشرة وتجنب دور ثان. ولكن انسحب عدة مرشحين ليبراليين من السباق مما قد يزيد في حظوظ السبسي.

والرئيس الجديد سيكون له صلاحيات محدودة تتعلق بالسياسة الخارجية والدفاع بينما ستكون اليد الطولى لرئيس الوزراء الذي سيعينه الحزب الحاصل على الاغلبية في البرلمان.

ولم تقدم حركة النهضة اي مرشح للانتخابات الرئاسية ولكن دعت أنصارها للتصويت بحرية والاقبال بكثافة، ولكن أنصار النهضة ليسوا متحمسين لانتخاب السبسي وينظر اليه كثير منهم على انه يمثل النظام السابق. ولا يخف كثير من انصار النهضة اصطفافهم وراء المنصف المرزوقي.

ولكن السبسي يرفض هذه الاتهامات ويقول ان مسؤولي النظام السابق في حزبه أياديهم نظيفة ولم تتعلق بهم تهم فساد ولا يحق اقصاء إلا من يدينه القضاء.

اما المرزوقي، فقال خلال حشد شعبي اثناء حملته "هناك خطر حقيقي أن يحتكر حزب واحد السلطة وان الاستقرار يستوجب توازن السلطة" وأضاف "المعركة واضحة بين النظام القديم وقوى الثورة".

وتابع "كيف للتونسيين ان يكبلوا أيديهم بالقيود من جديد بعد أن حررتهم الثورة وخلصتهم من كل القيود."

لكن السبسي الذي بدأ حملته من أمام ضريح الحبيب بورقيبة في المنستير لاستلهام الماضي، قال إن فوزه في الانتخابات الرئاسية سيكون أكبر ضمان للحريات، مضيفا انه لن يسمح بعودة "التغول" و"التفرد".

إلا أن جزءا آخر من التونسيين يرون أن هناك استقطابا متعمدا خلال الحملة الانتخابية بين من وصفوه بانه من رموز النظام السابق وآخر وصفوه بانه "ثورجي".

ثمار الربيع التونسي

وعلى عكس دول أخرى، تجنبت تونس الفوضى التي عمت دول الربيع العربي في المنطقة.

واحتدم الصراع في ليبيا المجاورة بين فصائل مسلحة بسبب دور رموز النظام السابق بينما اطاح الجيش المصري بأول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا وهو محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين.

والنهضة التي فازت بأول انتخابات حرة في البلاد تخلت عن الحكم العام الماضي بعد احتجاجات واسعة اعقبت اغتيال اثنين من قادة المعارضة.

وينظر الى السبسي وحزبه نداء تونس على أنه الطرف المقابل للاسلاميين.

ولكن التسوية السياسية بين العلمانيين والاسلاميين أصبحت من ميزات المشهد السياسي في تونس التي جنبت البلاد مزيدا من المشاكل ومن بينها قبول عودة رموز النظام السابق.

ويشير الفارق الضئيل بين حركة نداء تونس والنهضة في عدد مقاعد البرلمان الى ان تشكيل الحكومة الجديدة سيستغرق أسابيع من المفاوضات الثنائية.

ولكن قبل هذا يتوقع محللون ان تفزر الجولة الثانية من الانتخابات، إذا جرت، مواجهة حاسمة بين المرزوقي والسبسي.

ويقول المحلل ريكاردو فابياني من يورواسيا جروب "السياق الان يساعد كثيرا السبسي مع امتناع حركة النهضة عن دعم أي مرشح."

وقد تجد نداء تونس نفسها مضطرة لايجاد حلول وسطى بتكوين حكومة تضم احزابا ليبرالية صغيرة أو حتى الحكم مع النهضة مع ضرورة مواصلة اصلاحات اقتصادية مؤلمة قد تستوجب حكومة قوية تضم جيمع الاطياف.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com