استهداف الأقليات.. داعش يستعيد تكتيكاته القديمة لاستنهاض قواه‎
استهداف الأقليات.. داعش يستعيد تكتيكاته القديمة لاستنهاض قواه‎استهداف الأقليات.. داعش يستعيد تكتيكاته القديمة لاستنهاض قواه‎

استهداف الأقليات.. داعش يستعيد تكتيكاته القديمة لاستنهاض قواه‎

بعد نحو عامين على فقد تنظيم داعش لمراكز ثقله الكبرى في كل من العراق وسوريا، بدا التنظيم أنه يسعى إلى اجترار عدد من تكتيكاته القديمة لاستنهاض قواه من جديد، وإبراز نفسه كعنصر أساس على ساحة الصراع في البلدين، ومن بين تلك التكتيكات يبرز استهداف الأقليات.

حيث أقدم التنظيم المتشدد، الأسبوع الماضي، على قطع رأس شاب (19 عامًا) من محافظة السويداء (جنوب) ذات الغالبية الدرزية، كان في عداد 30 رهينة اختطفهم خلال سلسلة هجمات طالت هذه المحافظة المتاخمة للبادية السورية أواخر الشهر الماضي.

ومع أن التنظيم تبنّى عبر حساباته المعروفة على تطبيق تلغرام مسؤولية هذه الهجمات التي أودت بحياة أكثر من 260 شخصًا، فإنه بالمقابل لم يأت على ذكر المخطوفين وسعيه إلى مبادلتهم، أو عملية إعدام هذا الشاب.

وبحسب مصادر محلية في السويداء، والمرصد السوري لحقوق الإنسان، يفاوض التنظيم على إطلاق سراح المخطوفين مقابل إفراج الحكومة السورية عن متشددين موقوفين لديها.

وقال الباحث في معهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط، حسن حسن، في واشنطن، لوكالة فرانس برس:"من جهة يقتلون الناس علانية وبوحشية، ومن جهة ثانية، ومن دون الإعلان عن ذلك، يخطفون رهائن ويسعون إلى مبادلتهم".

وأضاف:"إنه أمر أساس، والمسألة بأكملها جزء من محاولة التنظيم لإعادة إحياء خلاياه، واستعادة بعض موارده، بالإضافة إلى تجديد بعض قياداته وصفوفه بعناصر معتقلين".

وخسر التنظيم العديد من قياداته العليا جراء غارات نفذها التحالف الدولي بقيادة أمريكية، كما تم اعتقال العديد من مقاتليه، بمن فيهم أجانب، على يد مقاتلين أكراد وعرب من جهة، وقوات النظام من جهة ثانية.

ومع تقلّص موارده البشرية، وتراجع قدراته جراء الهجمات التي استهدفته من أطراف عدة، يعمد التنظيم وفق حسن، إلى القيام بـ"عمليات كرّ وفرّ سريعة لخطف" مدنيين ومن ثم مبادلتهم بعناصره الموقوفين.

وقال حسن إن "الأقليات تتحمل العبء الأكبر، بينما الحكومة مستقرة وآمنة".

هدف سهل

وسبق للتنظيم أن اتبع التكتيك ذاته شمال شرق سوريا في العام 2015، مع خطفه 220 مسيحيًا آشوريًا أطلق سراحهم على دفعات مقابل حصوله على مبالغ مالية ضخمة، وكذلك في العراق المجاور.

وبحسب مرجع ديني درزي في السويداء، تتولّى روسيا بالتنسيق مع دمشق التفاوض مع التنظيم لإطلاق سراح المخطوفين البالغ عددهم حاليًا 14 سيدة مع 15 من أولادهم، وكان التنظيم يحتجز الشاب الذي أعدمه الأسبوع الماضي مع والدته.

وتلقت عائلة الشاب، وهو من قرية الشبكي في ريف السويداء الشرقي، تسجيلي فيديو، يطلب في الأول وهو مقيّد اليدين خلف ظهره في منطقة صخرية من القائمين على المفاوضات الاستجابة لمطالب التنظيم، بينما يوثّق الثاني عملية ذبحه، وشكلت هذه المقاطع حلقة الرعب الأخيرة بعد هجمات التنظيم على السويداء، والتي تعد الأكبر والأكثر دموية ضد الأقلية الدرزية التي بقيت إلى حدٍ كبيرٍ بمنأى عن تداعيات النزاع منذ اندلاعه في العام 2011.

ولطالما دأب التنظيم على اتباع ممارسات وحشية، وذاع صيته منذ العام 2014 من خلال أساليب القتل المرعبة، وغير المسبوقة.

وقال حسن:"يحتاجون إلى هدف سهل وهو ما يفعلونه عند مهاجمة الغرب، من شأنه التسبب بالألم وإلحاق الأذى".

وخلال السنوات الماضية، شكلت الأقليات هدفًا لهجمات التنظيم، لا سيما الأقلية الأيزيدية التي هاجم مناطقها في سنجار في العراق، وخطف آلاف النساء والفتيات منها.

تخطي "الخطوط الحمراء"

وقال الباحث والأستاذ الجامعي في باريس خطار أبو دياب:"إن الأفعال والانتهاكات التي استهدفت المدنيين الدروز منذ الأربعاء الأسود (25 تموز/يوليو) تشبه إلى حدٍ كبيرٍ تلك التي ارتكبها التنظيم بحق الأيزيديين".

وأضاف:"بالنسبة لهذا المجتمع (الدرزي) التقليدي، فإن أخذ الإناث رهائن يتخطى كلَّ الخطوطه الحمراء".

وخلال سنوات النزاع، نجح الدروز الذين يبلغ تعدادهم نحو 700 ألف نسمة في سوريا بتحييد أنفسهم، فلم يقاتلوا النظام السوري، ولم ينخرطوا في معاركه، واستعاضوا عن ذلك بحمل السلاح دفاعًا عن مناطقهم بموجب اتفاق ضمني مع دمشق.

ويعتبر الباحث المتابع لشؤون الجماعات الجهادية، بيتر فان أوستيين، أن "الهجوم على الطائفة الدرزية في السويداء يهدف إلى خلق اضطرابات، ومحاولة لدفعهم إلى التمرد ضد النظام".

وتابع: "إنه التكتيك القديم للتنظيم بكافة أشكاله، ومحاولة خلق حالة من الفوضى والاضطراب، واستغلال ذلك في المحصلة لفرض سيطرته".

وأتقن التنظيم استخدام هذه الإستراتيجية خلال سنواته الأولى حين كان يُعرف بمسمّى "الدولة الإسلامية في العراق" قبل أن يتمكن من توسيع نفوذه والسيطرة على مساحات واسعة في العراق وسوريا، ويرتبط اسمه بالإعدامات والاعتداءات الوحشية.

ويتوقع الباحث في الشأن السوري فابريس بالانش أن "يواصل تنظيم داعش وغيره من المجموعات الإرهابية شنَّ هجمات في سوريا، وأن تبقى الأقليات هدفه الرئيس".

وأضاف:"حتى لو فقد التنظيم السيطرة على أراضٍ، سيبقى موجودًا بشكل خفي في سوريا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com