القمة الأفريقية في نواكشوط.. هل عمّقت التوتر الصامت بين المغرب وموريتانيا؟
القمة الأفريقية في نواكشوط.. هل عمّقت التوتر الصامت بين المغرب وموريتانيا؟القمة الأفريقية في نواكشوط.. هل عمّقت التوتر الصامت بين المغرب وموريتانيا؟

القمة الأفريقية في نواكشوط.. هل عمّقت التوتر الصامت بين المغرب وموريتانيا؟

رغم نجاح القمة الأفريقية العادية الحادية والثلاثين التي اختتمت أمس في العاصمة الموريتانية نواكشوط، في حسم ملفات أفريقية مهمة، أبرزها مكافحة الإرهاب، وإقرار اتفاقية منطقة التجارة الأفريقية الحرة، إلا أن كواليسها لم تخلُ من بعض المناوشات، والخروج على النص.

‎فالحفاوة التي حظي بها زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، واستقباله في المطار من طرف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وكذلك الاستقبال الشعبي الذي خُصص له وهو في طريقه إلى مقر إقامته، قرأ فيها البعض رسائل سياسية من نواكشوط إلى مملكة المغرب التي اكتفت بإيفاد وزير خارجيتها لتمثيلها في قمة نواكشوط الأفريقية.

‎وحفاوة الموريتانيين بزعيم جبهة البوليساريو المشارك في قمة الاتحاد الأفريقي، الذي يعترف بالجمهورية الصحراوية، عكَّر صفوها هجوم وزير الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك، على شخصيات ورموز سياسية موريتانية متهمًا إياها بـ"العمالة" للمغرب.

‎وأكد ولد السالك، أن "حلَّ القضية الصحراوية بيد الاتحاد الأفريقي"، وهو في ذلك يرد على نظيره المغربي ناصر بوريطة، الذي أكد أن "المسار الوحيد لحل قضية الصحراء هو المسار الأممي"، نافيًا وجود مسار أفريقي خاص، ومشددًا على أن ا"لحلَّ في نيويورك، وليس في أديس بابا".

‎وهذا السجال بين وزير خارجية البوليساريو ونظيره المغربي، والذي قُوبل بصمت موريتاني رسمي، شكل مادة دسمة للمراقبين، الذين رأوا أن السلطات الموريتانية حافظت على موقف الحياد، وإن خطفت الأعراف البروتوكولية نقاطًا للجانب الصحراوي، في ظل غياب العاهل المغربي عن قمة نواكشوط، رغم أنه شارك في قمة الاتحاد الأفريقي السابقة في أديس بابا إلى جانب زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، وبالتالي لا يمكن فهم غيابه عن قمة نواكشوط خارج سياق التوترات المستمرة بين البلدين منذ سنوات.

‎تجاهل

‎وسجل المراقبون أيضًا، خلو كلمة ملك المغرب محمد السادس الموجَّهة إلى قادة الاتحاد الأفريقي في القمة الـ 31 المنعقدة في نواكشوط، والتي ألقاها ممثله وزير الخارجية، من أي تحية للرئيس محمد ولد عبد العزيز رئيس البلد المضيف.

‎كما خلت كلمة العاهل المغربي من أي إشارة إلى مكان انعقاد القمة، ولم تتضمن ذكرًا لـ: نواكشوط، وموريتانيا، واسم الرئيس الموريتاني. بينما اكتفت بذكر اسم الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي الرئيس الرواندي بول كاجامي ضمن الحديث عن الإصلاح المؤسسي في الاتحاد.

‎ وتضمنت الكلمة إشادة بملف التجارة الحرة في أفريقيا، وكذلك ملف الإصلاح المؤسسي، ومكافحة الفساد، مع تجاهل تام لملف الصحراء الغربيةـ وهو أحد الملفات الثلاثة الرئيسة التي تناقشها القمة.

‎ يذكر أن الملك محمد الخامس، وجَّه في رسائل سابقة لقمم أفريقية، وأخرى مشتركة بين الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، التحية لرئيس البلد المضيف، وذكره بالاسم في بداية رسائله.

‎وهذه المعطيات رغم بروتوكوليتها، إلا أنها تُقرأ في سياق التوتر المستمر في علاقة موريتانيا بالمغرب، كما أن غياب العاهل المغربي يعد الثاني بعد القمة العربية في نواكشوط، والتي سارع الرئيس الموريتاني الى استضافتها بعد اعتذار المغرب.

حضور قوي

‎ويقول مراقبون، إن قمة نواكشوط الأفريقية، والتي ناقشت موضوعات من بينها الفساد في أفريقيا الموضوع الرئيس لها، بالإضافة للأمن والسّلم، وإصلاح الاتحاد الأفريقي، ورغم الحضور العربي الباهت بها، فإنها لم تخفِ مستوى التوتر القائم بين نواكشوط والرباط، خاصة أن الحضور القوي لقضية الصحراء في هذه القمة، ومستوى التمثيل الجزائري بحضور رئيس الحكومة أحمد أو يحيي، قد يزيدان من معدلات التوتر بين البلدين.

‎ويرى محللون سياسيون، أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز استثمر بشكل جيد خلال السنوات الأخيرة موضوع خلاف حكومته مع المغرب، مسجلًا حضورًا عربيًا وأفريقيًا لبلاده، في ظل ضعف التمثيل المغربي في قمتي نواكشوط العربية 2016، وقمة الاتحاد الأفريقي 2018.

‎حضور ماكرون

‎نقطة أخرى كسبها الرئيس الموريتاني من استضافته قمة الاتحاد الأفريقي، تتعلق بحصور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كضيف شرف، حيث وصف ولد عبد العزيز وجود الرئيس الفرنسي في نواكشوط، أنه "بالغ الأهمية بالنسبة لموريتانيا، ويترجم عمق الروابط التي تجمع نواكشوط، وباريس".

‎وزيارة ماكرون تضع حدًا لعقود من القطيعة بين رؤساء فرنسا، ونواكشوط، حيث تعود آخر زيارة لرئيس فرنسي إلى موريتانيا الى حقبة الرئيس جاك شيراك.

‎ويقول المراقبون، إن الرئيس الموريتاني بعقده اجتماعًا طارئًا لمجموعة الخمس في الساحل بنواكشوط على هامش قمة الاتحاد الأفريقي، والتي كانت السبب بحضور ماكرون للاطلاع على حصيلة النتائج التي توصل إليها قادة المجموعة، مكَّن الرئيس الموريتاني من تحقيق نصر دبلوماسي شخصي على مستوى بلاده قُبيل استحقاقات مهمة، أولها انتخابات برلمانية على الأبواب، فضلًا عن نهاية تلوح في الأفق لمأموريته الرئاسية الأخيرة دستوريًا والتي ستنقضي العام المقبل.

‎ولم يخفِ ماكرون سعادته بالاجتماع على انفراد مع زعماء الدول الخمس داخل الكلية العسكرية في نواكشوط، مؤكدًا دعمه للقوة المشتركة لدول المجموعة، والبرنامج الاستثماري ذي الأولوية الخاص بالساحل.

‎ولا يتوقع مراقبون أن تشهد الأزمة الصامتة بين المغرب وموريتانيا انفراجة قريبة، في ظل ما حققته الأخيرة جراء احتضانها هذه القمة الأفريقية، وما رافقها من سجال تصدّره ملف الصحراء، الذي  يبقى معلقًا، وظلاله الثقيلة تكدر أجراء الاتحاد الأفريقي، وتعوق أي تقدم في العلاقات العربية المغاربية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com