هل تستطيع الحكومة اللبنانية الجديدة أن ترقى إلى مستوى التحدي الاقتصادي؟
هل تستطيع الحكومة اللبنانية الجديدة أن ترقى إلى مستوى التحدي الاقتصادي؟هل تستطيع الحكومة اللبنانية الجديدة أن ترقى إلى مستوى التحدي الاقتصادي؟

هل تستطيع الحكومة اللبنانية الجديدة أن ترقى إلى مستوى التحدي الاقتصادي؟

بعد أول انتخابات برلمانية يجريها لبنان خلال تسع سنوات، فإن الوضع الاقتصادي المؤلم، والدَّين العام الذي ليس بمقدور البلد أن يتحمله عند مستوياته الحالية، أصبحا في مقدمة أولويات الحكومة الجديدة.

وقبل انتخابات السادس من أيار/مايو، قرع قادة من مختلف أرجاء المؤسسة السياسية المنقسمة بشدة ناقوس الخطر بشأن المالية العامة واقتصاد البلاد.

واتفقوا على الإسراع في تشكيل حكومة جديدة، من المتوقع أن تشمل الأحزاب الرئيسة، رغم أن المساومات حول توزيع الحقائب الوزارية ربما تستغرق وقتًا، قد يصل إلى أشهر.

وقال توبي إليس من وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني:"تتمثل المخاطر في عدم تشكيل حكومة، وعدم إحراز أي تقدم في السياسة خلال الفترة المتبقية من العام".

 لماذا الاستعجال؟

لبنان ثالث أكبر دولة مدِينة في العالم، حيث تبلغ نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 150%، وارتفعت نسبة الدَّين من نحو 130% في 2011، قبل الحرب في سوريا، ووصول أكثر من مليون مهاجر، وهو ما ضغط على النمو، وشلَّ قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات.

وقال صندوق النقد الدولي إن مسار الدَّين اللبناني لا يمكن تحمله، ويحتاج إلى إجراء فوري، وإلا فإن نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي الإجمالي قد تصل إلى 180% بحلول 2023.

وهبطت معدلات النمو السنوي إلى ما بين 1 إلى 2%، مقارنة مع 8 إلى 10% خلال السنوات الأربع قبل اندلاع الحرب في سوريا. وتواجه ركيزتان سابقتان للاقتصاد، وهما: السياحة العربية الخليجية، والعقارات الفاخرة، صعوبات كبيرة.

وقال رئيس الوزراء اللبناني المنتهية ولايته سعد الحريري، إن معدل البطالة تجاوز 30%، بينما يقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن عدد الفقراء في البلاد ارتفع بنحو الثلثين منذ 2011.

وقال سمير جعجع السياسي المسيحي البارز خلال مقابلة مؤخرًا واصفًا المخاطر الاقتصادية:"أعتقد أن الجميع أدرك الآن أن القارب من الممكن أن يغرق بكل من عليه".

كيف دبّر لبنان أموره أثناء هذه الفوضى الطويلة؟

في غياب حكومة فعالة، تمكن مصرف لبنان المركزي من الحفاظ على الاستقرار لسنوات، من خلال حزم تحفيزية، وعمليات مالية غير تقليدية، مستعينًا بودائع بمليارات الدولارات في بنوك البلاد من الجالية اللبنانية الكبيرة في الخارج.

وبإغراء من أسعار فائدة مرتفعة، والثقة بقدرة البلد والبنوك على الصمود، ساعدت ودائع المغتربين المالية العامة للبنان على النجاة من صدمات، من بينها اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وصراعات بين حزب الله وإسرائيل.

لكن خطر زيادة الاعتماد على تحويلات المغتربين أصبحت واضحة في تشرين الثاني/نوفمبر، حينما استقال سعد الحريري على نحو غير متوقع. وحوّل بعض اللبنانيين أموالهم من العملة المحلية إلى عملات أخرى، أو حوّلوها إلى خارج البلاد.

وهبطت الأصول الأجنبية للمصرف المركزي 1.6 مليار دولار في ذلك الشهر، أثناء دفاعه عن ارتباط الليرة اللبنانية بالدولار، بحسب البيانات المنشورة.

 وكانت الأزمة قصيرة الأمد، لكن موقف المالية العامة الذي يزداد ضعفًا أدى إلى تنامي المخاطر من أن لبنان ربما لن يتحمل صدمة أكبر بنفس الأداء الجيد.

وكلما تسارع تشكيل الحكومة وشروعها في العمل، زاد الدعم الذي يعطيه هذا للتدفقات المالية الحيوية إلى البلاد، ورغم فقدانه أكثر من ثلث كتلته البرلمانية، من المتوقع أن يرأس سعد الحريري الحكومة الجديدة.

وأبقت سياسات المصرف المركزي على نمو بخطى بطيئة، واحتياطيات أجنبية مرتفعة، لكنها زادت المخاطر في النظام المالي.

ويقول البنك المركزي، وصندوق النقد، إن مثل تلك السياسات لا ينبغي أن تستمر لفترة طويلة، وإن هناك حاجة إلى تدخل الحكومة في صنع السياسة.

وقالت الحكومة إن وزارة المالية دبرت حاجاتها التمويلية بالعملة الأجنبية لعام 2018، من خلال مقايضة دين بقيمة 5.5 مليار دولار مع المصرف المركزي. وستخفّض الصفقة تكلفة خدمة الدَّين، وستعزز احتياطيات المركزي.

ماذا بعد؟

عرقلت الطائفية السياسية والفساد، لسنوات، إصلاحات ضرورية لدعم النمو وتقليص الدَّين. ويريد المانحون الدوليون أن يروا إصلاحات لإطلاق استثمارات تزيد قيمتها على 11 مليار دولار تعهدوا بها في أبريل/ نيسان لدعم الاقتصاد.

وقال دبلوماسي غربي:"سيكون تحديًا هائلًا للحكومة اللبنانية المقبلة أن ترقى إلى تلك الإصلاحات، ونعلم مدى صعوبة تغيير طريقة عمل الأشياء هنا، ومواجهة مصالح مترسخة أمر صعب، لكن لا توجد بدائل للسير قدمًا".

وأشادت بيروت بالأموال التي تعهد بها المانحون في باريس، قائلة إنها علامة على الثقة في الحكومة.

ويريد المانحون الحفاظ على الاستقرار في الوقت الذي تستمر فيه الحرب في سوريا، لكنهم يقولون إن المساعدة تعتمد على قيام بيروت بإعداد خطة اقتصادية ذات مصداقية تكون تحت إشراف دولي لضمان تنفيذ الإصلاحات.

وقال دبلوماسي غربي آخر:"سنكون أكثر صرامة فيما يتعلق بذلك، ولا أعتقد أن أي طرف آخر سيكون أقل صرامة".

وفي باريس، تعهد الحريري بتقليص عجز الميزانية كنسبة مئوية إلى الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 5% على مدى خمس سنوات.

وسيقدم إصلاح قطاع الكهرباء المدعم، الذي يُنظر إليه على أنه معقل للفساد، مساعدة كبيرة.

وخلال العام الماضي، أنفقت الحكومة 1.3 مليار دولار على دعم مؤسسة كهرباء لبنان المملوكة للدولة، وهو ما يشكل 13% من نفقاتها الأساسية. وتعتمد معظم المنازل على مولدات كهرباء خاصة مكلفة، لأن الإمدادات التي توفرها الدولة غير كافية.

وقاد الحريري مطالبات دعوات للإصلاح بعد تجاوز مأزق سياسي استمر سنوات طويلة في نهاية 2016، وبدأ البرلمان يتخذ قرارات مثل: طرح عطاءات للتنقيب البحري عن النفط والغاز، وإقرار أول ميزانية للحكومة منذ العام 2005.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com