رئاسة تونس.. تسونامي الترشحات ومزاعم تزوير التزكيات
رئاسة تونس.. تسونامي الترشحات ومزاعم تزوير التزكياترئاسة تونس.. تسونامي الترشحات ومزاعم تزوير التزكيات

رئاسة تونس.. تسونامي الترشحات ومزاعم تزوير التزكيات

تونس - أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، أخيراً، قبول 27 ملف ترشح للانتخابات الرئاسية وانسحاب مرشحين اثنين وإسقاط 41 ملفا من بين 70 ترشح تلقت الهيئة ملفاتهم، للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 23 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ويعتبر ترشح 70 شخصا لانتخابات الرئاسة رقما قياسيا، ربما لم يسجل في تاريخ أي انتخابات رئاسية في العالم، وهو ما فسره البعض باعتباره رد فعل عكسي على عقود المرشح الواحد مع النظام السابق زمن حكم الحبيب بورقيبة (من 1956 إلى 1987) والمرشح الواحد الذي يفوز دائما مع مرشحين آخرين قلائل يعطون لونا ديمقراطيا لحكم ديكتاتوري امتد من عام 1987 إلى 2011 مع الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وكان بن علي يرفض أي مرشح لا يرشحه هو، بل ويزج به في السجن، وهو ماحدث بالفعل مع الرئيس التونسي الحالي محمد المنصف المرزوقي الذي سجن أربعة أشهر عندما أعلن نوايا الترشح لانتخابات الرئاسة سنة 1994، وهو نفس المصير الذي واجهه المحامي عبد الرحمن الهاني في تلك الانتخابات.

ولكن بن علي سمح للمعارضة، التي كانت تدور في فلك نظامه بالترشح لإثبات ديمقراطية حكمه، فترشح محمد بلحاج عمر أمين عام حزب الوحدة الشعبية (يساري) وعبد الرحمن التليلي أمين عام الاتحاد الوحدوي الديمقراطي (قومي) لانتخابات الرئاسة سنة 1999.

وترشح لانتخابات الرئاسة سنة 2004 محمد بوشيحة عن حزب الوحدة الشعبية (قومي)، ومنير الباجي عن الحزب الاجتماعي التحرري (لبيرالي)، ومحمد علي الحلواني عن حركة التجديد (الحزب الشيوعي التونسي سابقا وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي حاليا).

وترشح محمد بوشيحة ثانية خلال انتخابات 2009، وأحمد الاينوبلي عن الاتحاد الوحدوي الديمقراطي (قومي)، وأحمد إبراهيم عن حركة التجديد، فيما مُنع من الترشح بحجج "قانونية" أحمد نجيب الشابي عن الحزب الديمقراطي التقدمي (الحزب الجمهوري حاليا)، وكذلك منع رئيس المجلس التأسيسي الحالي مصطفى بن جعفر (التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) .

وفي كل تلك الانتخابات التي بدت "صورية"، حسب المراقبين، كان بن علي يفوز دائما بنسب تتجاوز 95 % ويوزع بقية النسب على المرشحين الآخرين.

وبعد المصادقة على الدستور خلال يناير/كانون الثاني الماضي، وضبط قانون الانتخابات الذي حدد شروط الترشح للانتخابات الرئاسية حيث "تتم تزكية المترشّح للانتخابات الرئاسية من 10 نواب من مجلس نواب الشعب (المجلس التأسيسي حاليا)، أو من 40 من رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو من 10 آلاف من الناخبين الموزعين على الأقل على عشرة دوائر انتخابية على ألا يقلّ عددهم عن 500 ناخب بكل دائرة منها." تقدّم 70 مترشحا بملفاتهم للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وقبل إعلان الهيئة عن قائمة المترشحين المقبولين أوليا (الإعلان عن المقبولين نهائيا يتم يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول بحسب روزنامة وزعتها الهيئة في وقت سابق)، وبعد نشر الهيئة لقائمات المواطنين الذين زكوا بعض المترشحين ثم سحبها بعد ذلك، تداولت رواد مواقع التواصل الاجتماعي خاصة التونسيين أخبارا عن تزييف التزكيات والتلاعب بها، وهو ما أكدته منظمات مدنية تعنى بمراقبة الانتخابات بداية الأسبوع الحالي.

وتحدّث مرصد "شاهد" لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية (مستقل) في مؤتمر صحفي الاثنين الماضي عن رصد عمليات "تدليس".

وقالت رئيسة "شاهد" ليلى بحرية، "المرصد عاين ووثق عمليات تدليس وتزوير وإخلالات في ملفات 9 مترشيح للرئاسية (4 مستقلين و5 مترشحين عن أحزاب) من بينهم قاض".

وأكد رئيس منظمة "عتيد" لمراقبة الانتخابات (مستقل)، معز بوراوي، في تصريحات إعلامية الثلاثاء الماضي، أن منظمته لديها 7 ملفات إخلالات للمترشحين الذي أعلنت عن قبولهم هيئة الانتخابات.

وتحدث بوراوي، في ذات التصريحات عن استعمال أسماء متوفين في تزكية أحد المترشحين موجِّها الاتهام إلى إحدى شعب (خلايا) حزب التجمع المنحل (حزب الرئيس السابق بن علي) في منطقة بالضواحي الشمالية لتونس العاصمة بأنها مصدر تلك التزكيات للمترشح سليم الرياحي عن حزب الاتحاد الوطني الحر.

وفي تصريحات إعلامية، الثلاثاء، كشفت رئيسة مرصد "شاهد" أن تزييف التزكيات يشمل المرشحين محمد الهاشمي الحامدي عن تيار المحبة والباجي قايد السبسي (حركة نداء تونس) مصطفى كمال النابلي (مستقل) وعلي الشورابي (مستقل) وعبد الرحيمة الزواري (الحركة الدستورية) والصافي سعيد (مستقل).

ونتيجة هذه الاتهامات وبعد تنادي نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي اكتشفوا، أسماءهم ضمن تزكيات مترشحين "لم يتصلوا بهم أبدا"، إلى ضرورة رفع دعاوى لدى النيابة العمومية، تم فتح بحث في الموضوع وستستمع النيابة إلى رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، شفيق صرصار، في تزوير التزكيات.

وبحسب عدد من الخبراء القانونيين قد تُعرّض التزكيات المزورة المترشحين الذين تثبت عليهم على تتبعات قضائية وأحكام بالسجن للذين قاموا بالتزوير.

وتعكس عمليات تزوير التزكيات صعوبة تمكن عديد المرشحين من الاستجابة لشرط الترشح باعتماد تزكية 10 نواب من المجلس الوطني التأسيسي خاصة بالنسبة للمرشحين "المستقلين" والمترشحين المنتسبين للنظام السابق، مما جعلهم يعمدون إلى جمع ما يزيد عن 10 ألاف تزكية لكل منهم.

ومن بين 27 مرشحا قبلت الهيئة المستقلة العليا للانتخابات ملفات ترشحهم لا يوجد سوى عشرة مرشحين تمكنوا من الحصول على تزكية 10 نواب بالمجلس التأسيسي.

ومن بين العشرة الذين حصلوا على تزكية 10 نواب 7 من الشخصيات السياسية التي كانت تعارض الرئيس السابق بن علي وهم: الرئيس الحالي محمد المنصف المرزوقي، وأحمد نجيب الشابي القيادي بالحزب الجمهوري، ومصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي.

بالإضافة إلى عبد الرؤوف العيادي الأمين العام لحركة وفاء، ومحمد الحامدي أمين عام التحالف الديمقراطي، وحمة الهمامي الناطق باسم الجبهة الشعبية (ائتلاف لأحزاب أقصى اليسار)، وعبد الرزاق الكيلاني آخر نقيب للمحامين خلال حكم بن علي ووزير وسفير سابق في حكومة الترويكا (ائتلاف حكومي إسلامي علماني من 15 ديسمبر – كانون الأول 2011 إلى 27 يناير –كانون الثاني 2014 ).

كما نال كل من محمد الهاشمي الحامدي رئيس تيار المحبة، ورئيس حزب صوت شعب تونس ورجل الأعمال العربي نصرة، ورئيس رابطة حقوق الإنسان السابق حمودة بن سلامة ثقة 10 نواب لكل منهم.

ولم يتمكن المرشحون الذين عملوا وزراء في حكم بن علي من نيل ثقة 10 نواب وهم : كمال مرجان آخر وزير خارجية لبن علي، ووزير النقل السابق المرشح عن حزب الحركة الدستورية عبد الرحيم الزواري، ووزير الصحة السابق المنذر الزنايدي مرشح الحزب الحر الدستوري الجديد، ومصطفى كمال النابلي الذي عمل وزيرا لمدة 5 سنوات زمن حكم بن علي.

كما لم يتمكن رئيس حزب حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي الذي شغل رئيس أول برلمان خلال حكم بن علي من نيل ثقة 10 نواب.

وتبدو مهمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات صعبة إذا ما ثبت تزييف التزكيات على شخصيات تقدمها وسائل الإعلام في تونس كأبرز المتراهنين على الوصول إلى قصر قرطاج.

ولا أحد يستطيع التكهن بمصير الانتخابات الرئاسية إذا ما تمّ سحب ترشحات الذين "عمدوا" إلى استعمال "أسماء الموتى " و "قاعدة بيانات مؤسسات إدارية" دون علم أصحابها للتحصل على الـ 10 آلاف تزكية المطلوبة للترشح لانتخابات الرئاسة، وهي بحسب ما ذكرت منظمات مراقبة الانتخابات شخصيات وازنة كثيرا ما يتردد في الساحة التونسية أن لوبيات مالية وإعلامية ومراكز ضغط داخلية وخارجية تقف خلفها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com