بعد محاولة فاشلة للاستقلال.. أكراد العراق وحتمية المشاركة في الانتخابات النيابية
بعد محاولة فاشلة للاستقلال.. أكراد العراق وحتمية المشاركة في الانتخابات النيابيةبعد محاولة فاشلة للاستقلال.. أكراد العراق وحتمية المشاركة في الانتخابات النيابية

بعد محاولة فاشلة للاستقلال.. أكراد العراق وحتمية المشاركة في الانتخابات النيابية

قبل نحو ستة أشهر، كان أكراد العراق يعتقدون أنه لن يكون عليهم أبدًا المشاركة مجددًا في انتخابات عامة، وذلك بعد أن كانوا قد صوتوا لصالح حلم يعود إلى قرن من الزمان بإقامة دولة مستقلة.

لكنهم سيتوجهون غدًا السبت إلى مراكز الاقتراع بعد أن خاب أملهم في النخبة السياسية التي قادت مساعيهم الفاشلة للاستقلال.

وقد يقوض التصويت القبضة التي يحكمها الحزبان الحاكمان في منطقة كردستان العراق على السلطة في الإقليم شبه المستقل منذ قرابة 27 عامًا.

ويواجه الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني أول تحد جاد لهما من أحزاب جديدة في الانتخابات التي ستجرى يوم السبت في أنحاء البلاد لاختيار رئيس جديد للوزراء.

وبرغم أن رئيس الوزراء حيدر العبادي يتصدر السباق المحتدم بفارق طفيف على ما يبدو، تأمل الأحزاب الكردية في استغلال الاستياء الذي تنامي في منطقتهم، منذ أن تبدد حلم الاستقلال.

وقال محمد عبد الحميد (32 عامًا) وهو بائع خضراوات كردي في كركوك "كان عندنا كل شيء، والآن عندنا ولا شيء، أخذونا على هذا الطريق، ليش أصوت لهم مرة ثانية؟".

وفي الوقت الذي يتوارى فيه الجيل الأقدم وبينما تجعل الأزمة الاقتصادية الدعوة إلى التغيير أكثر إلحاحًا، تنحسر سلطة المؤسسة السياسية على قواعد دعمها العشائرية.

وتوفي جلال الطالباني الزعيم المخضرم لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي كان رئيسًا للعراق، العام الماضي بينما ضعف موقف مسعود برزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ الاستفتاء الفاشل الذي كان يدعمه.

وتسعى أحزاب جديدة لملء الفراغ، ومن أبرزها تحالف الديمقراطية والعدالة بزعامة رئيس وزراء إقليم كردستان السابق برهم صالح. وترك صالح، وهو تلميذ الطالباني، حزب الاتحاد الوطني الكردستاني العام الماضي ويخوض حملة مناهضة للفساد وهي قضية تحظى باهتمام كبير من كثير من الناخبين الأكراد.

وقال صالح : "هناك أزمة عميقة في إقليم كردستان، نتيجة منظومة حكم فاشلة تعتمد الحزبية والمحسوبية في إدارة شؤون البلد".

حزب معارض

من المتوقع أن ينتزع صالح مقاعد من الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وأيضًا من حزب جوران المعارض الذي انشق عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في 2009.

ويسعى أيضًا حزب "حركة الجيل الجديد" الوليد بقيادة شاسوار عبد الواحد وهو حديث العهد بالسياسة، لكسب مقاعد من مرشحين راسخين غير أنه لا يعد منافسًا قويًا.

وقال يوسف محمد الرئيس السابق لبرلمان إقليم كردستان والذي يقود حاليًا قائمة حزب جوران في السليمانية "هنالك ضعف لحملات الحزبين الحاكمين، ليس لديهم أي شيء يقولونه إلى ناخبيهم".

وتتابع الأحزاب بقلق انتخابات يوم السبت؛ نظرًا لأن النتائج ستعطي مؤشرًا قويًا على قاعدة الدعم لها في فترة ما بعد الاستفتاء.

وينظر إلى ذلك باعتباره اختبارًا واقعيًا حقيقيًا قبيل الانتخابات الإقليمية المقررة في 30 من سبتمبر/ أيلول، وإذا أبلت الأحزاب الجديدة بلاءً حسنًا يوم السبت، يتوقع الكثيرون أن يتغير توازن القوى الداخلي في إقليم كردستان في الخريف.

ويهيمن الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني على البرلمان الإقليمي، كما أن أغلبية أعضاء البرلمان الأكراد الذين دخلوا البرلمان الوطني العراقي كانوا من الحزبين.

وتبددت مظاهر البهجة قصيرة الأجل عقب تصويت العام الماضي على الانفصال عن العراق عندما فرضت الحكومة المركزية إجراءات عقابية سريعة واستعادت السيطرة على مدينة كركوك النفطية، التي ظلت تحت سيطرة الأكراد لثلاث سنوات.

أما اليوم، فقد توارى الفرح باستفتاء الاستقلال ليحل محله اعتقاد مؤلم بأن قادة أكراد العراق غامروا بالحكم الذاتي الذي خاضوا من أجله حربًا ضارية، والذي تمتعت به منطقتهم منذ حرب الخليج في عام 1991.

إحباط

أظهرت مقابلات مع عشرات الناخبين الأكراد أنهم يشعرون بالإحباط بعد فشل مسعاهم للاستقلال، وقال بعضهم إنهم لن يشاركوا في التصويت.

وتقول جولالة جابر عبد الله (38 عامًا) وهي معلمة في السليمانية "لا أرغب في المشاركة في هذه الانتخابات، لم نر أي شيء يذكر من الحزبين في الحكومة على مدى 27 عامًا".

وليس هناك الكثير من الحماس للانتخابات بين الأكراد، لكن في مدينة كركوك مختلطة الأعراق تحتدم الحملة الانتخابية في كل مكان وتهيمن لافتات المرشحين على كل المساحات العامة المتاحة، ويتنافس في محافظة كركوك 458 مرشحًا على 13 مقعدًا فقط مما يوضح أهمية الانتخابات فيها.

ومهما كانت نتائج الانتخابات التي ستجرى السبت فستقع على عاتق النواب الأكراد الذين سيذهبون إلى بغداد مهمة ثقيلةُ، وهي إصلاح العلاقات المتدهورة مع الحكومة الاتحادية بعد أزمة استفتاء الاستقلال.

وعاد الدفء إلى حد ما للعلاقات مع بغداد في مارس آذار عندما رفع العبادي حظرًا على الرحلات الدولية إلى كردستان العراق ودفع قسمًا من مخصصات رواتب الموظفين الحكوميين.

لكن المفاوضات حول صادرات النفط واقتسام العائدات توقفت منذ ذلك الحين مما أدى إلى تفاقم مشكلات الديون الكردية ونقص التمويل لدفع الرواتب بعد ثلاث سنوات من حجب حصة الإقليم في الميزانية الاتحادية بسبب خلاف على مبيعات النفط.

وكان الأكراد أكثر تفهمًا للإجراءات التقشفية عندما كانت توصف بأنها خطوة ضرورية على طريق الاستقلال. وعندما انهار هذا المسعى تزايد الشعور العام بالاستياء.

وقال ضابط في الجمارك بإقليم كردستان "في كل عام نخسر رواتب بضعة أشهر".

 ويحاول الضابط الحصول على عائد إضافي من خلال مساعدة والده في متجر للأحذية في السوق الرئيسية في أربيل وأضاف "الحياة صعبة جدًا".

وفي مارس/ آذار، تظاهر الآلاف من الموظفين الحكوميين احتجاجًا على خفض الرواتب شملت للمرة الأولى احتجاجات في أربيل ودهوك وهما من معاقل الحزب الديمقراطي الكردستاني. وقوبلت الاحتجاجات بحملات أمنية عنيفة قتل فيها خمسة أشخاص.

وقال أبو غايب وهو من المؤيدين منذ زمن طويل للحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل "الديمقراطية تمشي بكل العالم إلا هنا". وقال إنه غاضب من القيادة الكردية لدرجة تمنعه من التصويت لهم مجددًا.

وأضاف أبو غايب وهو ضابط شرطة متقاعد يكمل على نقود تقاعده الشهرية الزهيدة ببيع حلي بسيطة على جانب الطريق "نبقى فقراء، لكن يصبحون أكثر غنى، كيف إذا مو بالفساد؟".

تحول للناخبين

من المرجح أن يستغل تحالف الديمقراطية والعدالة بزعامة صالح هذه الموجة من الاستياء، وتؤكد رسالته الانتخابية على التطهير من الفساد الذي يلطخ الحزبين الحاكمين.

وفيما يحتفظ الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بتأييد واسع قال العديد من الناخبين، إنهم سيغيرون انتماءاتهم الحزبية هذا العام بعد أن استمالتهم الرسالة التي يؤكد عليها صالح.

وقال نعيم محمد عزيز (36 عامًا) وهو سائق سيارة أجرة في أربيل كان ينتمي للجماعة الإسلامية في كردستان "الدكتور برهم شخص صالح ويحترم الجميع، لم تعد الحكومة تهتم بنا، نحتاج إلى شخص جديد".

وفي معاقل الحزب الديمقراطي الكردستاني تتعرض لافتات صالح للتمزيق بعد ساعات من تعليقها وهو ما يعتبره مؤيدوه أمرًا إيجابيًا.

وقال وزير التجارة السابق في حكومة كردستان محمد رؤوف محمد وهو مدير حملة صالح في أربيل "هذا يعني أن الحزبين الحاكمين يشعران بتهديد".

وهزت حركة الجيل الجديد أيضًا المؤسسة، وتعرض مرشحها الرئيسي رابون معروف للضرب أثناء مؤتمر في حملته الانتخابية في أربيل هذا الأسبوع.

وحشد الحزب بعض المؤيدين، خاصة من الشبان المتحمسين لرسالته التي تدعو للتغيير.

وقال أراس أنور (20 عامًا) وهو متطوع في الحملة "نحن الشبان الأكراد نريد أن نؤيد هذه الحركة لمساعدة بناء كردستان من جديد".

لكن آخرين نفد صبرهم. وقالت جولالة المعلمة من السليمانية "لا أستطيع أن أنتظر 10 سنوات من أجل التغيير". وأضافت "لا يهم سواء شاركنا في الانتخابات أو لا، أصواتنا لن تشكل فارقًا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com