انتخابات لبنان.. نشطاء في مواجهة زعماء حرب وعائلات تتوارث النفوذ
انتخابات لبنان.. نشطاء في مواجهة زعماء حرب وعائلات تتوارث النفوذانتخابات لبنان.. نشطاء في مواجهة زعماء حرب وعائلات تتوارث النفوذ

انتخابات لبنان.. نشطاء في مواجهة زعماء حرب وعائلات تتوارث النفوذ

     في خطوة لم يتصورها أحد تحالفت مجموعة من النشطاء لخوض الانتخابات العامة في لبنان، في تحدٍ نادر للعائلات السياسية من مختلف الطوائف وأمراء الحرب الذين يقول هؤلاء النشطاء إنهم أوصلوا البلاد إلى حد الخراب.

ويضم التحالف الفضفاض صيدلانيًا وإحدى المدافعات عن حقوق المرأة وشخصية تلفزيونية شهيرة، ويسعى لتحقيق اختراق له أهميته، وإن كان محدودًا في الانتخابات التي تجري يوم الأحد للمرة الأولى منذ تسع سنوات.

ولم يسبق أن شهدت الانتخابات اللبنانية هذا العدد الكبير من المرشحين المستقلين، بينهم عشرات من خارج الأحزاب التي تهيمن على البلاد، ويقف هؤلاء في مواجهة نخبة سياسية لم يطرأ عليها تغيير يذكر منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

ويأمل المرشحون المستقلون أن يسهم نظام جديد للتصويت في خلع بعض أفراد الحرس القديم على الأقل، ويريدون الاستفادة من الغضب الذي غذى موجة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العام 2015.

ويقول جيلبير ضومط، الذي يخوض الانتخابات في بيروت أمام عضو مجلس النواب الحالي نديم الجميل ابن أحد أبرز أمراء الحرب في لبنان: "فشلن (فشلهم) هو فرصة إلنا. بدنا نفوت قضايانا على قلب المجلس النيابي".

وكان النظام القديم القائم على العائلات ذات النفوذ وقادة الميليشيات السابقين يسعى لإعادة تجديد نفسه مرة أخرى قبل هذه الانتخابات وأفسح آباء الطريق أمامه لمصلحة أبنائهم أو أقاربهم.

ويواجه المرشحون الجدد عوائق هائلة في المنافسة البرلمانية وربما يفوزون بعدد محدود يعد على أصابع اليد من المقاعد في أفضل الأحوال.

ومع ذلك فحتى هذه النتيجة ستمثل سابقة، وهم يعتقدون أن الوقت قد حان للبناء على حالة الإحباط الشعبي التي أطلقت شرارة حركة الاحتجاج عام 2015، عندما تراكمت أكوام النفايات في الشوارع شهورًا.

وبدت النفايات رمزًا لنظام فاسد لاقتسام السلطة يعجز عن تلبية الاحتياجات الأساسية، وساعدت نشطاء بيروت فيما بعد على أن يبلوا بلاءً حسنًا على نحو غير متوقع في الانتخابات البلدية رغم عدم فوزهم.

مهمة شاقة

وقال ضومط، البالغ من العمر 42 عامًا، وهو مستشار لم تهدأ حركته في شوارع بيروت الشرقية التي يغلب عليها المسيحيون منذ أسابيع: "ما في شك التغيير مش رح يصير بـ 24 ساعة. بس الانتخابات هي واحدة من المحطات".

وينافس ضومط على مقعد مخصص للمسيحيين الموارنة في مجلس النواب الذي توزع مقاعده البالغ عددها 128 مقعدًا بين الطوائف الدينية العديدة.

وهو واحد من مرشحي التحالف الواسع الذي يضم 66 مرشحًا في تسع دوائر انتخابية، وتسعى تكتلات أصغر أيضًا لمحاربة المؤسسة في الدوائر البالغ عددها 15 دائرة إجمالًا.

وعمل البعض سنوات لعلاج إخفاقات الدولة، وصعد آخرون للأضواء بعد أزمة النفايات أو من أضواء شهرة أخرى مثل الإعلامية بولا يعقوبيان.

غير أن دائرة ضومط تعد معقلًا قديمًا لعائلة الجميل وحزب الكتائب الذي أسسه جد نديم عام 1936 ويقوده الآن ابن عمه سامي.

وكان بشير الجميل والد نديم قد اغتيل في بيروت عقب انتخابه رئيسًا للبنان خلال الغزو الإسرائيلي عام 1982، وتغطي صور والده جدران مكتبه.

وقد حاول الجميل، المتوقع أن يحتفظ بأصوات العائلات الكبرى المرتبطة بحزب الكتائب القديم، استقطاب شباب الناخبين.

وقال إن الوجوه الجديدة أمامها فرصة؛ لأن الناس تريد البدائل لكن سياسات هؤلاء لا تفي بالمطلوب.

 وأضاف أنهم يفتقرون للمواقف الموحدة أو الواضحة بما في ذلك ما يخص قضايا لها أهمية بالغة مثل الترسانة القوية لدى حزب الله الشيعي المدعوم من إيران.

وأضاف: "بكرة المجتمع المدني رح يفوت عالمجلس النيابي. ما رح يقدر ينجز شي أكتر من حزب الكتائب. رح يضطر يجي يشترك مع هيدا المؤسسة"، ونطق الكلمة الأخيرة باللغة الانجليزية.

وقال إنه لا يرى في نفسه وريثًا سياسيًا، لكنه لا يرى فيهم ما يسيء إذا ما خدموا لبنان.

تسليم الراية

وأصبح الجميل البالغ من العمر 35 عامًا، عضوًا في البرلمان في 2009 عندما أفسحت أمه، صولانج، الطريق له. وخارج بيروت، ستشهد هذه الانتخابات أيضًا أسرًا تسلم الراية من جيل إلى آخر.

وسوف يتنحى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والسياسي الماروني سليمان فرنجية جانبًا لصالح ابنيهما، كما يخوض صهرا الرئيس ميشال عون السباق للفوز بمقاعد المارون.

ويحل قانون التمثيل النسبي الجديد محل نظام كان يمنح الفائز كل المقاعد، وهو ما أدى إلى تسارع التحالفات بين الأحزاب الحاكمة.

 ويقول منتقدون للقانون الجديد إنه أعد ليناسب الكيانات ذات الثقل تقليديا، برغم أنه قد يفتح المجال أمام دخول وجوه جديدة.

وقال مهند الحاج علي من مركز "كارنيجي" الشرق الأوسط،  إن الحركات الاحتجاجية بعد 2015 أخفقت في إفراز قوى سياسية حقيقية يمكن أن تتحدى النظام القديم.

ويتهم نشطاء بعض المستقلين بالتحالف مع مسؤولين مقربين من المؤسسة لتعزيز فرصهم.

ولا يواجه من يخوضون الانتخابات لأول مرة سباقًا متكافئًا، وقال الحاج علي إن الأحزاب القائمة تتمتع بأنصار وتوزع وظائف حكومية وتملك مستشفيات ومحطات تلفزيونية أو تتلقى تمويلًا إقليميًا.

وفي المنطقة التي يتنافس فيها ضومط والجميل، ثمة بعض الفرص للمستقلين فيما يرجع جزئيًا إلى أنها دائرة انتخابية ثرية نسبيًا يمكنها أن تتحمل تكلفة رفض المؤسسة.

وقال الحاج علي إنه بالنسبة للطبقة العاملة "شريان الحياة لهم يمر عبر هذه الأحزاب التقليدية".

وأضاف أن من يريد منافسة النخبة عليه أن يقدم بدائل قابلة للتطبيق.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com