"اليوناميد" الأممية في دارفور.. انسحاب تدريجي أم يطول البقاء لأسباب؟
"اليوناميد" الأممية في دارفور.. انسحاب تدريجي أم يطول البقاء لأسباب؟"اليوناميد" الأممية في دارفور.. انسحاب تدريجي أم يطول البقاء لأسباب؟

"اليوناميد" الأممية في دارفور.. انسحاب تدريجي أم يطول البقاء لأسباب؟

يرتبط وجود قوات البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي "يوناميد" في إقليم دارفور غربي السودان، بالنزاع المسلح الذي يشهده الإقليم منذ عام 2003.

بيد أن الحكومة السودانية تؤكد انتهاء ذلك النزاع عام 2015، وبدء مرحلة الإعمار والبناء في الإقليم، وترى أن وجود قوات "يوناميد" لم يعد له مبرر على أرض الواقع.

وبدأت الاجتماعات التي تبحث سبل خروج البعثة في آذار/ مارس 2015 بالخرطوم، بين الحكومة ومسؤولي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

واستمرت تلك الاجتماعات بشكل دوري، حتى الأسبوع الماضي، الذي شهد لقاء مفوض الأمن والسلم بالاتحاد الأفريقي إسماعيل شرقي، ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة جان بيير لاكروا، بمسؤولين سودانيين للوقوف على البعثة وتقييم إعادة انتشارها.

ووفق مراقبين لن يكون خروج "يوناميد" من إقليم دارفور سلساً كما ترغب الحكومة السودانية في الخرطوم، لأنه يرتبط بعدد من الخطوات التي يجب على الحكومة اتباعها، واعتبارات أخرى موجودة لدى البعثة يجب انتفاؤها.

وتنتشر بعثة "يوناميد" في دارفور منذ مطلع 2008، وهي ثاني أكبر بعثة حفظ سلام أممية، ويتجاوز عدد أفرادها 20 ألف جندي، وقوات من الأمن والموظفين، بميزانية سنوية تقدر بـ1.4 مليار دولار.

وقرر مجلس الأمن الدولي، في 30 حزيران/ يونيو الماضي، تخفيض قوات المكون العسكري لبعثة "يوناميد"، إلى 11 ألفًا و395 جنديًا، والمكون الشرطي إلى ألفين و888 عنصرًا، كمرحلة أولى، انتهت في يناير/كانون الثاني الماضي، على أن تتبعها مرحلة ثانية تشمل تخفيض عدد الأفراد العسكريين إلى 8 آلاف و735 عسكريًا، و 2500 شرطي بحلول يونيو 2018.

وتشترط الأمم المُتحدة، استتباب الأمن، وأن يحل السلام ربوع دارفور، قبل الشروع في عملية الانسحاب الكاملة، إلا أنها ترى إمكانية تخفيض عدد قواتها والانسحاب من عدد من المواقع في غرب دارفور في الوقت الراهن.

وتأخذ "يوناميد" على عاتقها حماية المدنيين كمهمة أساسية، وأيضًا تقوم بمهام تحقيق الأمن للمُساعدات الإنسانية، وتأكيد ومراقبة تنفيذ الاتفاقيات والمُساعدة في العملية السياسية الشاملة هناك.

واستلمت "يوناميد" في كانون الثاني/ يناير الماضي وثيقة تسليم المقر الجديد في منطقة قولو بجبل مرة في ولاية وسط دارفور، على مساحة 356 ألفًا و614 مترًا مربعًا، شمال شرق قولو، بوسط جبل مرة، لتنشأ عليها قاعدة عمليات مؤقتة.

انسحاب تدريجي

وأكملت" يوناميد "الانسحاب من 11 موقعًا ميدانيًا في دارفور، ومن المنتظر أن تكتمل المرحلة الثانية من الخروج التدريجي للقوات في يونيو/حزيران المقبل، على أن يكون مركز عمل البعثة في "قولو" بجبل مرة في وسط دارفور، إنفاذًا لقرار مجلس الأمن في يونيو/حزيران 2017.

ويتحصن مقاتلو الحركات المسلحة بإقليم دارفور في جبل "مرة"، وهي سلسلة وعرة من الجبال تمتد من شمال الإقليم إلى جنوبه بنحو 280 كلم، بين ولايات شمال ووسط دارفور.

وطبقًا لسفير السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر دهب، فإن مجلس الأمن الدولي سيجري في حزيران/ يونيو المقبل تحليلًا للأوضاع في دارفور، بما فيه تقييم للبعثة.

واعتبر السفير في تصريحات صحفية قرار مجلس الأمن الدولي، بشأن الانسحاب التدريجي، الفيصل بين مرحلة النزاع ومرحلة بناء السلام.

وقال إن "الأمم المتحدة، اعترفت لأول مرة بأن الأوضاع في دارفور أصبحت آمنة، ما عدا "جيب صغير" في منطقة من مناطق جبل مرة".

الانسحاب ليس سهلاً

يرى السفير المتقاعد، الطريفي كرمنو، أن خروج قوات البعثة الأممية من دارفور، لن يكون سلسًا وفقًا للمخطط المرسوم.

وقال كرمنو: "الخروج لن يكون سهلًا، وأتوقع حدوث مماطلات، وافتعال أزمات على الأرض لتعطيل عملية الانسحاب التدريجي من دارفور، لأن بقاءها مرتبط بمصالح أخرى".

وفي هذا الصدد تحدث عن مصالح جنود البعثة المتمثلة في الرواتب المالية العالية والغذاء المستورد من الولايات المتحدة والدول الأوروبية الأخرى.

إلا أن المحلل السياسي عبدالله رزق يعتبر من الطبيعي أن تخرج "يوناميد" خروجًا سلسًا، نتيجة تطابق رؤيتي كل من السودان والأمم والمتحدة حول حتمية إنهاء خدمة هذه القوات.

وقال رزق "رغم اختلاف منطلقات كل من المنظمة الدولية والحكومة، إلا أن الأخيرة ترى أنه لم يعد هناك ما يبرر بقاء القوات، بعد انتهاء الحرب في دارفور، وهو أمر أكده خبراء للأمم المتحدة".

وأشار إلى أن هناك الكثير من الملاحظات حول أداء بعثة "يوناميد"، ودورها في حماية المدنيين، وهو دور ظل محل انتقاد واسع، من داخل الحكومة ومن خارجها، مردفاً "أن خروج يوناميد لن تكون له تأثيرات سالبة، خصوصًا ما يتعلق بالوضع الأمني بالإقليم".

ودائمًا ما تنتقد الخرطوم أداء "يوناميد"، وتقول إنها توثق انتهاكات جسيمة في حق المدنيين من قبل المليشيات المسلحة، بمناطق انتشار البعثة، فضلاً عن جرائم اغتصاب وتجنيد أطفال.

مواقف متغيرة

وقال الكاتب عبدالله رزق إن "توجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغط لتقليص نفقات الأمم المتحدة ، خاصة ما يتصل بنفقات بعثات حفظ السلام في العالم، عزز موقف الحكومة السودانية، في حوارها مع الأمم المتحدة، الذي بدأ في وقت سابق لوصول ترامب للبيت الأبيض".

وفي ذات الاتجاه، يمضى الكاتب والمحلل السياسي البراق النذير، موضحًا في حديثه لـ "الأناضول" أن "الأمم المتحدة ظروفها المالية والإدارية لم تعد كما في السابق، إضافة للتحولات في المواقف تجاه السودان من بعض الدول".

تباين في الأرقام

واعتبر النذير، أن "على الحكومة السودانية إقناع المواطنين في دارفور أولاً بعدم الحاجة لقوات أممية، وذلك لن يتأتى بالإجراءات الأمنية والعسكرية".

وتابع "الجانب السياسي والاجتماعي في صنع الاستقرار ينطوي على أولوية وأهمية كبيرة، فعقد المصالحات، وإعادة النازحين إلى قراهم، وتوفير متطلبات العيش من صحة وتعليم وسكن، هي مطالب مهمة، تصنع استقرارًا وتؤكد عدم الحاجة للتدخل".

وتقاتل ثلاث حركات مسلحة متمردة في دارفور، الحكومة السودانية؛ منذ 2003، ما خلف أكثر من 300 ألف قتيل، ونحو 2.5 مليون مشرد من أصل 7 ملايين نسمة، وفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة.

لكن الحكومة ترفض هذه الأرقام، وتقول إن عدد القتلى لا يتجاوز 10 آلاف في الإقليم، الذي يقطنه نحو 7 ملايين نسمة.

تحسن ملحوظ

ويشهد إقليم دارفور تحسنًا ملحوظًا في الأمن بحسب عدد من المسؤولين الدوليين، وذلك نتيجة لوقف إطلاق النار بين الحكومة والحركات المسلحة من جانب واحد من كل طرف، والذي يمدد كل فترة من كل طرف.

وفي 18 حزيران/ يونيو 2016 أعلن الرئيس السوداني وقف إطلاق النار في مناطق الصراع الثلاثة في البلاد "دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق" لمدة 4 أشهر، لإتاحة الفرصة للحركات المتمردة للحاق بالحوار الوطني.

وقرر البشير في 28 آذار/ مارس الماضي، تمديد وقف إطلاق النار في مناطق الصراع الثلاثة مع حركات التمرد المسلحة غربي وجنوبي البلاد، لثلاثة أشهر إضافية، تنتهي في 30 حزيران/ يونيو 2018.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com