تحالفات دولية ضد الإرهاب تتشكل في ليبيا
تحالفات دولية ضد الإرهاب تتشكل في ليبياتحالفات دولية ضد الإرهاب تتشكل في ليبيا

تحالفات دولية ضد الإرهاب تتشكل في ليبيا

ترك الفراغ الأمني والشرطي الذي تعاني منه ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي، فرصةً لتشكيل تحالف دولي بهدف مواجهة جماعات الإرهاب التي تشكلت من عناصر إسلامية متطرفة أو مجموعات عشائرية أو قوى سياسية معارضة.



وأقر مجلس النواب في ليبيا الأسبوع الماضي القانون رقم (3) لمكافحة الإرهاب للعام 2014، ويتكون من 4 أبواب و30 مادة تفصيلية، تجرم وتعاقب بأقصى العقوبات أي شخص أو مجموعة تعمل بصورة متظافرة بقصد ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية داخل التراب الليبي أو مرتبطة بخارجه.


وكان مجلس النواب صنف في الـ24 من آب/ أغسطس الماضي، قوات فجر ليبيا وجماعة أنصار الشريعة ومجلس شورى ثوار بنغازي "مجموعات إرهابية"، وقال إنه سيدعم الجيش لمحاربتها.


وتتفق ليبيا مع الولايات المتحدة الأمريكية على تسمية جماعة أنصار الشريعة "جماعة إرهابية" وتتهمها بالضلوع في قضية مقتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز وثلاثة دبلوماسيين آخرين في هجمات طالت قنصلية واشنطن في بنغازي عام 2012.

وفي سياق ضغوط فرنسية على المجتمع الدولي للعمل من أجل وضع حد لحالة الفوضى التي تعيشها ليبيا، كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند دعا مطلع الشهر الجاري الأمم المتحدة إلى تقديم دعم "استثنائي" للسلطات الليبية لاستعادة النظام؛ نظرًا لخطر انزلاق البلاد إلى الفوضى.


وقال هولاند في خطابه السنوي للدبلوماسيين الفرنسيين: "قلقي الرئيسي اليوم هو ليبيا. إذا لم نفعل شيئًا دوليًّا فسينتشر الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة". وأضاف: "من المهم أن يُشكِّل البرلمان الشرعي الذي انتخبه الشعب في يونيو الماضي حكومة ممثِلة لجميع الأطياف، قادرة على إعادة إطلاق عملية المصالحة الوطنية، ونزع سلاح الميليشيات وإلا ستكون الفوضى".


كما حث وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس دعا مطلع الشهر الجاري، الأمم المتّحدة والمجتمع الدولي، إلى تحرك للعمل من أجل استقرار ليبيا ومنع توسع الإرهاب.


وقال فابيوس عبر تغريدة على "تويتر": "يجب أن تتحرّك الأمم المتحدة وكل الدول لاسترجاع الاستقرار الديمقراطي في ليبيا ومنع توسع الإرهاب".


وطالب الوزير الفرنسي إلى دعم البرلمان الليبي المنتخب ومساندة الحكومة المنبثقة عنه، خلال تدوينة أخرى قال فيها: "يجب مساندة البرلمان الشرعي في ليبيا والحكومة المنبثقة عنه ومساعدتها على استرجاع دولة القانون ومكافحة الإرهاب".

وتقاتل هذه الجماعات الثلاث (قوات فجر ليبيا وجماعة أنصار الشريعة ومجلس شورى ثوار بنغازي) في كل من طرابلس وبنغازي التي باتت شبه تحت سيطرتها، تقاتل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر والقبائل المتحالفة معه، والذي يقود عملية "الكرامة" العسكرية منذ منتصف مايو الماضي والتي قال إنها تهدف إلى القضاء على الإرهاب في ليبيا.

صبراتة معقل للإسلاميين والمتطرفين

وعن كيفية نشاط الأجانب في ليبيا وتجهيزهم للقتال ضمن صفوف الجماعات المتطرفة في سوريا والعراق، تحدث أبو مقداد الليبي، لشبكة إرم الإخبارية، وهو اسم حركي لمقاتل سابق في سوريا عاد منها قبل 9 أشهر تقريباً، يقول: "الجميع في ليبيا يعرف أن مدينة صبراتة التي تبعد أقل من 140 كلم عن الحدود التونسية، هي معقل للإسلاميين والمتطرفين خاصة الوافدين من تونس، حيث يوجد بالمدينة حاضنة لهذه العناصر".


وأضاف أبو المقداد، وهو أحد المقاتلين الذين تخلوا عن أفكارهم الأصولية: "لقد خدعنا تماماً في سورياً، جندنا بعض الأشخاص وقالوا إن حربنا ضد الشيعة، وعند وصولنا هناك وجدنا المعارضين السوريين يتم قتالهم وبشراسة من قبل جماعات متشددة مثل النصرة وداعش، وهو أمر أصابنا بالحيرة، وأي فريق سننضم إليه لنقاتل بشار وجيشه".


وأردف قائلاً: "هذا الأمر دفعنا للعودة وبسرعة، وتأكدنا أن جماعات مسلحة في سوريا استغلت الكثير من أبناء ليبيا، وأقحمتهم في حرب ليست هي الحرب التي يقصد منها الإطاحة بالأسد، بل فرض نهج التكفير والخوارج في بلاد الشام".


وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أعلنت مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري عن إحباط مخطط لمجموعة إرهابية متمركزة في مدينة صبراتة الليبية، كانت تنوي التسلل إلى تونس والقيام بعمليات إرهابية تستهدف مجمعات تجارية في مدينتي صفاقس وقابس، خلال شهري أكتوبر ونوفمبر المقبلين.


وكان مختار الجدال، وهو عضو بالمجلس الانتقالي السابق، قد أكد في وقت سابق بأن مدينة صبراتة تسيطر عليها جماعة أنصار ‏الشريعة وتنظيم القاعدة، وتقوم بتجنيد عشرات التونسيين والجزائريين بجانب بعض الليبيين، لتجهيزهم كمقاتلين في صفوف الجماعة.

شبكة الجماعات المسلحة في ليبيا

وبدوره، يصف محمود الرايس، وهو باحث بالشؤون الليبية - الأفريقية، بأن هذه الجماعات متشعبة في ليبيا، لكن تتفق في نقاط عديدة مع تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا.


ويوضح الرايس في اتصال هاتفي مع شبكة إرم الإخبارية: "عندما تحركت ولا تزال هذه التنظميات المسلحة في ليبيا تقوم بشن هجمات ضد الجيش والشرطة، لم تقم جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا بإدانتها، بل ووقفت إلى جانبها، والتي رفعت سقف مطالبها بالدعوة لإسقاط البرلمان المنتخب الجديد، الذي شهد خسارة الإخوان معركة الدخول إليه".


وأضاف: "الإخوان تنظيم يخاف جداً ويخشى من مؤسستي الجيش والشرطة، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، لأن الإخوان وكما ظهر جليا أنهم وقفوا بجانب المجموعات المسلحة والمليشيات إبان حقبة المؤتمر الوطني العام السابق، الذي سيطرت عليه قيادات إخوانية وأدارته وفق أهوائها".


وكان المؤتمر الوطني الليبي (البرلمان السابق) قد قام بإنشاء أجسام عسكرية شكلت من ثوار سابقين شاركوا في إسقاط نظام القذافي، مثل قوات درع ليبيا وغرفة عمليات ثوار ليبيا، واعتبرها كثيرون بإنها أجسام عسكرية موازية للجيش، بل صرفت عليها أموال وتم تسليحها أضعاف ما خصص للجيش.


وأنيط بهذه الأجسام التدخل عسكرياً لإنهاء تمرد أو محاولات انقلاب ضد ثورة 17 فبراير، كما تقوم بشن حرب ضد قوات حفتر ومن يدعمها من قبائل الزنتان وورشفانة غرب وجنوب طرابلس.


تخوفات من صوملة ليبيا

ويرى المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي فرج أبو هاشم أن الإرهاب حقيقة واقعة في البلاد، وأن مجابهته والتصدي له صار ضرورة لا تقبل التأخير والمساومات.


ويقول أبو هاشم: "للأسف ونقولها بمرارة كبرى إن الإرهاب صار واقعاً يتعايش معه المواطن الليبي بشكل يومي، خاصة مع استغلال غياب مؤسستي الجيش والشرطة، والحرب التي شنت ضد منتسبيها، من قبل مليشيات ومجموعات مسلحة تخدم الجماعات الإرهابية بشكل مباشر أو غير مباشر".


ويضيف: "المؤتمر الوطني السابق وهو بمثابة البرلمان ساهم في تعزيز ملاذات آمنة للإرهابية وأصحاب الفكر المتطرف، حيث قام بحماية ومنح شرعية سياسية لمجموعات مسلحة، وصرف عليها من ميزانية الدولة، وهي جلها مجموعات يقف وراءها قادة وشخصيات مقربة من تحالفات إرهابية شائعة، على غرار تنظيم القاعدة وجماعة أنصار الشريعة وجماعات مشابهة لممارسات تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق".


وعن الحلول المتاحة والسريعة لتجنب صوملة ليبيا بالكامل، يرى المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، بأن تقوية الجيش والشرطة ودعمهما بشكل كبير، هو الحل المنطقي والوحيد للمواجهة مع المتطرفين، كما أن قانون مكافحة الإرهاب الذي تم إقراره مؤخراً هو دليل واضح على حجم المشكلة والحاجة لمواجهتها بسرعة، عبر تشريع يحدد ويحاسب قانوناً كل من ينتمي لجماعات إرهابية.


ويلفت ابو هاشم، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، بأن دولاً بعينها مثل السودان وقطر للأسف تقوم بتزويد الجماعات المسلحة في بنغازي وطرابلس ومصراتة بالسلاح، التي تغللت قيادات إرهابية في صفوفها، وصارت تدير المعركة باسم الثورة والثوار وتضحياتهم، لفرض الهيمنة وتغليب كفة المسلحين ضد مؤسسات الدولة المنتخبة والشرعية.


ويؤكد على أنه "ينبغي للعالم ولدول الجوار أجمع أن تدرك أن ليبيا تحارب نيابة عن العالم والتسامح، ومساعدتها كل حسب قدرته، لإنها حرب طويلة، و"سنقدم بفخر شهدائنا من أجل الفوز بها فخراً لبناء دولة ليبيا المنتظرة التي تقوم على المؤسسات والقانون وحقوق الإنسان".

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com