غضب مصري من اعتبار "حلايب وشلاتين" دائرة انتخابية سودانية
غضب مصري من اعتبار "حلايب وشلاتين" دائرة انتخابية سودانيةغضب مصري من اعتبار "حلايب وشلاتين" دائرة انتخابية سودانية

غضب مصري من اعتبار "حلايب وشلاتين" دائرة انتخابية سودانية

عادت أزمة منطقتي حلايب وشلاتين، المتنازع عليهما بين مصر والسودان إلى الظهور مرة أخرى، بعد إعلان الخرطوم ضم المنطقتين للدوائر الجغرافية في الانتخابية، بحلول منتصف سبتمبر/أيلول الجاري، وكشفت عن إبقاء وضعهما الجغرافي على ما كان عليه في انتخابات 2010 باعتبارهما منطقتين تابعتين للسودان.

وأكد رئيس اللجنة العليا للانتخابات بولاية البحر الأحمر السودانية، عبد القادر توم، استمرار العمل في ترسيم الدوائر الجغرافية بالولاية وفقاً للقانون الجديد، مشيراً إلى أنه تم اعتماد منطقة حلايب دائرة جغرافية تتبع للولاية كوضعها في انتخابات 2010.

وتتنازع الخرطوم والقاهرة على تبعية منطقة حلايب، في الوقت الذي تتعامل فيه الأنظمة المصرية مع مثلث حلايب الحدودي باعتباره منطقة مصرية خالصة، حيث صوّت قاطنوه في الانتخابات الرئاسية الاخيرة.

وفي موازاة ذلك، أكد مسؤولون سودانيون مراراً أن منطقة حلايب، المتنازع عليها، هي منطقة تكامل مع مصر بحسب اتفاق مسبق بين البلدين.

وأثار إعلان الخرطوم بأن منطقة "حلايب وشلاتين"، المتنازع عليها مع مصر، دائرة انتخابية سودانية بانتخابات 2015، غضباً واسعاً لدى دوائر سياسية وشعبية في القاهرة.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، بدر عبد العاطي، الخميس، إن منطقة حلايب وشلاتين الحدودية مع السودان هي جزء من الأراضي المصرية، وقال: "قضية حلايب وشلاتين محسومة لأنها جزء من الأراضي المصرية".

واعتبر عبد العاطي أن "الادعاءات باعتبار منطقة حلايب معتمدة ضمن الدوائر الانتخابية بالسودان هدفها إثارة الفتنة بين البلدين"، مشدداً على أن "الأراضي المصرية لا تقبل التجزئة، ومصر لها كامل السيادة على التراب المصري"، على حد قوله.

وبدورها دعت أحزاب سياسية مصرية وزارة الخارجية إلى "تحرك عاجل"، لمنع إقدام الحكومة السودانية على ضم المنطقة محل النزاع بين الدولتين، فيما لم يصدر أي موقف رسمي بهذا الشأن من جانب المسؤولين في الخرطوم أو القاهرة.

وأكد رئيس حزب "الجيل الديمقراطي"، ناجي الشهابي، رفض الحزب "قرار الحكومة السودانية باعتبار حلايب وشلاتين دائرة انتخابية سودانية"، معتبراً أن "هذا القرار معاد لمصر، ومخالف للقانون الدولي، الذي يقر بأن حلايب وشلاتين أرض مصرية."

وقال رئيس حزب "الجيل"، في بيان أورده موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الرسمي، نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط الأربعاء، إن "القرار السوداني يأتي في وقت تشتد فيه المؤامرات الغربية ضد مصر، والضالع فيها تركيا وقطر ".

ودعا الشهابي الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى "إنشاء محافظة حلايب وشلاتين عند ترسيم حدود المحافظات الجديدة، وضم مكونات أخرى إليها من محافظتي البحر الأحمر وأسوان، وعدم الاكتفاء بإنشاء دائرة انتخابية فقط.. لغلق الباب أمام المؤامرة الجديدة ضد الوطن وحدوده."

من جانبه، طلب رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، محمد أنور السادات، من الرئيس السيسي ووزارة الخارجية، "سرعة التحرك، ووضع حل جذري لموضوع حلايب وشلاتين، قبل أن يفوت الوقت، بعدما ترددت أنباء عن اعتزام السلطات السودانية ضم منطقتي حلايب وشلاتين إلى دوائرها الانتخابية."

مثلث حلايب وأهميته

تتمتع حلايب بأهمية استراتيجية لدى الجانبين المصري والسوداني، حيث تعتبرها مصر عمقاً استراتيجياً هاماً يتعلق بأمنها القومي، كما تنظر السودان إلى المنطقة باعتبارها عاملاً هاماً في الحفاظ على وحدته الوطنية واستقراره السياسي بالإضافة إلى أهميتها التجارية والاقتصادية لكلا البلدين.

ومثلث حلايب هو منطقة تقع على الحدود شمال شرق السودان وجنوب شر قصر على البحر الأحمر، وتبلغ مساحتها 21 كيلومتر مربع، وتتكون من 3 بلدات كبرى هي حلايب وأبو رماد وشلاتين.

وتتبع المنطقة لجمهورية مصر إدارياً بحكم "الأمر الواقع"، كما يطلق عليها أيضاً المنطقة الإدراية لحكومة السودان، تسكنها قبائل البشاريين والحماداب والعبابدة وهي من إثنية البجا السودانية التي تمتد من اريتيريا مرورا بشرق السودان مع محازاة البحر الأحمر إلى الحدود مع مصر في مثلث حلايب.

وتتميز حلايب ومركز شلاتين بغناها بالثروة السمكية وخصوبة أراضيها التي تعتمد في ريها على المياه الجوفية ومياه الأمطار، وتضم المنطقة في جنوبها الشرقي جبل "علبة" الذي أشارت الدراسات إلى أن خامات المنجنيز تتوافر فيه باحتياطات هائلة مرتفعة الجودة، وأثبتت صلاحية الخام لإنتاج كيماويات الماغنسيوم غير العضوية مثل كبريتات وكلوريد الماغنسيوم وهي ضرورية جداً لصناعة المنسوجات.

وتجرى حالياً دراسات للاستفادة من هذا الخام لإنتاج حراريات الماغنسيوم بديلاً عن الإستيراد، وكذا انتاج الماغنسيوم الذي يستخدم بشكل كبير في صناعة الأسمدة. كما يأتي موضوع اكتشاف البترول ومعادن ثمينة أخرى في حلايب كمحرك لتصعيد النزاع بين الدولتين على هذه المنطقة.

مراحل تطور الأزمة

ظهرت المشكلة حول المثلث المتنازع عليه لأول مرة في تاريخ الحكومة الوطنية السودانية عندما أرسل الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر قواته في 1958، عقب إدراج الحكومة السودانية لمنطقة حلايب ضمن الدوائر الانتخابية السودانية بعد إعلان الإستقلال.

وفي المقابل أرسل عبد الله خليل، أول رئيس وزراء سوداني آنذاك قواته للمنطقة، وأوشكت المنطقة على الدخول في حرب مفتوحة بسبب النزاع، إلا أن جمال عبد الناصر بادر بسحب قواته لتظل حلايب تحت السيادة السودانية.

الجدير بالذكر أن السودان كان قد تقدم بشكوى لمجلس الأمن جراء ذاك النزاع، وما زالت تتلاعب بها أجواء التوتر في العلاقات بين البلدين من حين إلى حين.

وبعد ركوض طويل للمشكلة طفت إلى السطح مرة اخرى في عهد حكومة الانقاذ، بقيادة الرئيس عمر البشير، وذلك عندما اعترضت مصر عام 1992 على إعطاء السودان حق التنقيب عن البترول في مياه البحر الأحمر المقابلة لمثلث حلايب.

وعادت المنطقة مجددا بقوة إلى موضع خلاف بين البلدين الجارين في العام 1995، عندما اتهمت مصر السودان بالضلوع في التخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك في أديس أبابا أثناء حضوره القمة الأفريقية، ومنذ ذلك الوقت تمارس مصر سيادتها وتدير المنطقة بالكامل.

حلايب والرئيس المعزول محمد مرسي

تجدد الجدل حول تبعية مثلث حلايب مرة أخرى في الرئيس المعزول – المحسوب على الإخوان المسلمين – عندما زار السودان في مايو 2013.

وكان مسؤول كبير في الخرطوم قد افاد بأن الرئيس مرسي "وعد" نظيره السوداني، عمر البشير، بإعادة المنطقة التي تتنازع الدولتان السيادة عليها، إلى السودان.

إلا أن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في القاهرة حينها، السفير إيهاب فهمي، نفى أن يكون مرسي قد تعهد خلال زيارته للسودانبإعادة مثلث حلايب وشلاتين إلى الخرطوم إلى الوضع الذي كانت عليه العام 1995.

وجاءت تصريحات المتحدث باسم المعزول مرسي، حينها كرد على تصريحات منسوبة لمساعد الرئيس السوداني قال فيها إن الرئاسة السودانية تلقت "وعداً قاطعاً" من الرئيس المصري، بإعادة مثلث حلايب إلى حاله قبل العام 1995.

وتظل مسألة حلايب تراوح مكانها في دهاليز مجلس الأمن الدولي، بينما يلوح الطرفين بطرحها على محكمة دولية املا في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، وعلى الأرض هي سودانية السكان والعادات وصرية الإدارة، تتقاذفها حالة العلاقات السودانية المصرية التي تشهد حالة من الشد والجذب من حين لآخر.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com