المفاعل النووي السوري: قصة فشل استخباري إسرائيلي أمريكي يتحول الآن إلى رسالة استعراض
المفاعل النووي السوري: قصة فشل استخباري إسرائيلي أمريكي يتحول الآن إلى رسالة استعراضالمفاعل النووي السوري: قصة فشل استخباري إسرائيلي أمريكي يتحول الآن إلى رسالة استعراض

المفاعل النووي السوري: قصة فشل استخباري إسرائيلي أمريكي يتحول الآن إلى رسالة استعراض

لم تعط الصحف الأمريكية والأوروبية اهتماماً استثنائياً بكشف الإعلام الاسرائيلي، أمس الأربعاء، عن تفاصيل قصف وتدمير المفاعل النووي السوري في دير الزور بتاريخ الـ 6 من أيلول/ سبتمبر 2007، كونه اعترافًا رسميًا متأخرًا عشر سنوات عن سرّ كان معروفا لكل من يهمه الأمر.

ما كان موضع تحليل في صحيفة نيويورك ومعظم التغطيات الإخبارية الدولية، هو توقيت النشر والرسالة المراد توجيهها، ومبررات الاحتفاء الإسرائيلي به، في هذا الظرف بالذات.

أما في الإعلام الروسي، فقد كان التركيز في القراءة التحليلية على حجم الفشل الذي تكبدته المخابرات الإسرائيلية والأمريكية، كونهما لم تستطيعا الكشف عن وجود مفاعل نووي سوري يديره بالكامل كوريون شماليون، سوى قبل فترة وجيزة كانت ستنتهي بصنع قنبلة نووية، غير معروف إن كانت سوريا أو كوريا الشمالية التي ستضعها تحت ترسانتها.

التوقيت الإسرائيلي للنشر

لم يترك البيان العسكري الإسرائيلي مجالاً واسعاً للتحليل بشأن أهداف الإفراج، الآن، عن تلك الوثائق بعد إحدى عشرة سنة من حصولها.

بيان الجيش الاسرائيلي، قال إن الرسالة من الهجوم في حينه، هو أننا "لن نسمح بتأسيس قدرات تهدد وجود إسرائيل. تلك الرسالة كانت في عام 2007، وهذه هي رسالتنا اليوم، وسوف تظل كذلك في المستقبل القريب والبعيد."

وزير الاستخبارات، قال في تغريدة على تويتر، إن "إسرائيل لن تسمح أبداً بأن تكون الأسلحة النووية في أيدي من يهدد وجودها.. سوريا في ذلك الحين، وإيران اليوم."

وفي كل هذه الإشارات تزامن واضح مع تطورات الحرب في سوريا، وهي مسألة كانت ولا تزال موضوع بحث بين إسرائيل وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسط تفاوت فني في التفاصيل والمواقف.

تنافس إسرائيلي داخلي

لكن اللافت في طريقة عرض الجيش الاسرائيلي للصور، هو ما لاحظته بضع صحف إسرائيلية من أنها أغاظت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كونها تنشىء مقارنة بين رئاسات إسرائيلية حازمة وبين نتنياهو الذي لم يستطع حتى الآن أن يغادر موقع التهديد الإعلامي إلا في مناسبات قليلة.

توقيت النشر العسكري الإسرائيلي للموضوع، رأى فيه بعض المحللين دخولاً على خط المنافسة بين كبار الضباط، أيهم كان متردداً وأيهم كان حازماً في حينه. ثم إن النشر الآن يستبق إصدار ايهود أولمرت مذكراته في وقت يقال إنه غريب، وفي تلك المذكرات يمكن أن يسرق من الموساد ما يشعر ضباطه أنه امتياز لهم.

وجه الفشل في العملية

صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أرفقت عرضها لتفاصيل البيان العسكري عن العملية بتساؤل كبير: كيف اختفى مشروع المفاعل النووي السري لبشار الأسد عن أنظار الاستخبارات الإسرائيلية التي طالما افتخرت بمعرفتها كل حركة في الأراضي السورية؟.

ونقلت هآرتس عن مسؤول كبير في الاستخبارات الإسرائيلية، أن الاكتشاف المتأخر للمفاعل، نصف سنة قبل تشغيله يعتبر الاخفاق الاستخباري الأضخم لإسرائيل، وقد يكون إخفاقاً أضخم من الذي حصل في حرب حزيران 1967.

وأضاف مسؤول الاستخبارات: "الكشف عن المفاعل كان بطريقة الصدفة المحضة، وفي ذلك فضيحة. ثم أن إنشاء المفاعل جرى بمساعدة الكوريين الشماليين لبضع سنوات تحت أنف اسرائيل. لم يكن مجرد أساسات عندما تم اكتشافه. فلولا أن الموساد أتى بمواد استخبارية من فيينا تثبت أن المبنى الذي يشيد في دير الزور هو مفاعل نووي وأن المشروع شبه مكتمل، لما قفزنا كالمذعورين من الصفر إلى المئة".

وحسب قوله، فإن الإخفاق يعود إلى النظرية المغلوطة التي يعتمدون عليها في إسرائيل والدول الغربية، وهو أنه من غير الممكن أن تبدأ دولة عربية ببناء مفاعل نووي قبل تدريب طواقم خبراء بمساعدة دول أخرى. لكن المشروع السوري بدأ دون تدريب كوادر محلية لتشغيله وهو أمر غير مسبوق.

حيثيات العملية

ومما الذي نشرته هآرتس يوم أمس من التفاصيل، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه ايهود باراك هو الذي أمر بتنفيذها بعد أن كان طالب بتأجيلها، على الرغم من رفض الولايات  المتحدة طلب رئيس الحكومة في حينه ايهود اولمرت تنفيذ المهمة بدلاً من اسرائيل.

كذلك كانت هناك مخاوف إسرائيلية من رد فعل سوري بالصواريخ على إ سرائيل، لكن الذي حصل هو أن بشار الأسد تكتم على العملية حتى للمقربين منه، ولاحقاً تم اختفاء قياديين عسكريين سوريين في ظروف غامضة.

وفي التفاصيل، فإن الرئيس السابق للموساد "مئير ردغان" هو الذي جاء لاولمرت بشكل مستعجل ليخبره أن سوريا تبني مفاعلاً نووياً في دير الزور وأنه يجب التحرك بسرعة، ليتوجها إلى واشنطن ويبلغا الرئيس جورج بوش الابن ويطلبا منه أن تنفذ واشنطن تدمير المفاعل حسب التزامها القديم بأمن إسرائيل، لكن بوش فضل حلاً دبلوماسياً رفضه اولمرت.

يشار إلى أن هذه التفاصيل التي نشرها الجيش الإسرائيلي وتوسعت الصحف العبرية بأخذ مقابلات بشأنها، تبتعد كثيراً أو قليلًا  عما كان نشر في غير مناسبة خلال السنوات العشر الماضية، والذي كان أعطى انطباعات بأن أجهزة المخابرات الإسرائيلية كانت، مبكراً، على علم وتتابع بناء المفاعل النووي.

رواية سابقة من ديلي تلغراف

ونشرت صحيفة ديلي تلغراف قصصاً، يبدو -الآن- أنها لم تكن دقيقة، عن قيام رئيس لجنة الطاقة الذرية السورية إبراهيم عثمان، في ديسمبر 2006، بزيارة لندن تحت اسم مزيف ليلتقي بكوريين. وكيف أن الموساد اكتشف الحجز الفندقي وأرسل عشرة عملاء سريين توزعوا على ثلاث مجموعات، وأن إحدى تلك المجموعات تتبعته وهو يتسوق فيما قامت وحدة أخرى باقتحام غرفته وقرصنوا كمبيوتره وأرسلوا المعلومات التي وجدت  الى الموساد ليتبين  وجود صورة منشأة كبيرة في مراحل مختلفة من البناء، كما وجدت صورة مسؤول كوري اسمه" تشون تشيبو" يجتمع مع إبراهيم عثمان.

ويضيف تقرير ديلي تلغراف، القديم، بأن العميد المخابراتي يعقوب عميدور، أبلغ اولمرت بأن سوريا كانت تعمل مع كوريا الشمالية ومع إيران على منشأة نووية وأن إيران وفرت للمشروع مليار دولار وخططت لاستخدام منشأة دير الزور إذا لم تستطع (إيران) إكمال برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com