مشاهد مروعة للحياة في ظل تنظيم داعش تطارد العائدين إلى الموصل
مشاهد مروعة للحياة في ظل تنظيم داعش تطارد العائدين إلى الموصلمشاهد مروعة للحياة في ظل تنظيم داعش تطارد العائدين إلى الموصل

مشاهد مروعة للحياة في ظل تنظيم داعش تطارد العائدين إلى الموصل

تحمل شوارع الموصل في العراق آثار الأهوال التي مروا بها، سواء خلال الحكم الوحشي لتنظيم داعش أو على مدار تسعة أشهر من المعارك الشرسة التي خاضها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لاستعادة المدينة من المتشددين.

وقالت أم عبد الله، وهي تتجول في الحي الذي عادت إليه في يناير/ كانون الثاني: "في هذه الزاوية جلد داعش أولادي لتحدثهم في غير دورهم.. وفي هذه الزاوية قتلوا أبي عندما حاول منعهم".

ويبعد الموقع كيلومترات قليلة عن منزلها في حي باب الجديد، ورغم خلع الباب الأمامي لم يهدم المنزل مثل غالبية المنازل الأخرى بالشارع. وحيث كانت تعيش 40 أسرة في الماضي لم يعد منها إلا ثلاث أسر فقط الآن.

وتقول أم عبد الله، إنها عادت على مضض إلى الحي الذي لا توجد به كهرباء ولا مياه جارية، لأن الوضع به أفضل حالاً من مخيم اللاجئين الذي كانت تعيش فيه من قبل.

وعلى بعد بضعة شوارع، أكدت أم رسل أنها عادت أيضًا في الآونة الأخيرة إلى الحي الذي أصيب فيه زوجها خلال غارة جوية.

وأضافت: "بعض جيراننا لا يريدون العودة فهم يقولون إنهم لا يزالون يعانون ذكريات أليمة مما مروا به ولا يمكنهم العودة.. لكن كان علينا أن نعود.. لم يكن لدينا خيار آخر".

وقبل العودة كانت أم رسل تعيش في الجزء الشرقي من الموصل، المعقل الرئيس لتنظيم داعش في العراق، الذي تعرض لأضرار بالغة جراء القصف والمعارك.

تحت الأرض قسرًا

كان كثير من سكان المدينة القديمة من بين آخر من غادروا الموصل. ومع اشتداد القتال في ربيع 2017، تراجع المتشددون أكثر إلى الداخل، حيث المباني المتلاصقة في الحي التاريخي. واستولوا على منازل بأكملها وحولوها إلى قواعد مؤقتة؛ ما أجبر الأهالي على اللجوء للمخابئ تحت الأرض.

وقال مؤيد (45 عامًا): "عشنا لمدة ثلاثة أشهر في القبو قبل أن يحرروا مناطقنا في السابع من يوليو".

وأجبر مقاتلون من داعش يتحدثون اللغة الروسية مؤيد على العيش مع والدته وأطفاله وأحفاده في القبو الصغير حيث لا توجد نوافذ، وذلك بعدما استولوا على منزله في حي الزنجيلي في الربيع الماضي.

وقال مؤيد الذي امتنع عن ذكر اسمه بالكامل: "كان لديهم كل ما يحتاجونه". وأضاف أنه مع عدم وجود مياه شرب نظيفة أو طعام، عاشت أسرته على طحين مخلوط بمحلول ملحي سرقه من معدات طبية لمقاتلي تنظيم داعش.

عانى مؤيد من الجوع والهزال قبل أن تطهر قوات الأمن العراقية شارعه وتنجح في إجلاء المدنيين، الذين عاشوا لشهور تحت القصف المكثف.

لم يكن الأمر كذلك دائمًا.. فعندما جاء تنظيم داعش للمرة الأولى إلى المدينة كان موضع ترحيب من قبل السكان وغالبيتهم من السنة، الذين كان بعضهم متعاطفًا مع قضية التنظيم، في البداية على الأقل.

وأوضح مؤيد وهو تاجر يبيع الملابس المستعملة: "في الواقع لم يتغير شيء في البداية. كان بوسعنا التحرك والذهاب إلى السوق والسير في الشوارع وتبادل الحديث والجميع يرحبون ببعضهم البعض حتى الوافدين الجدد بملابسهم الغريبة".

وكان كثير من السكان يعتقدون أنهم ارتاحوا من قوات الحكومة التي يقودها الشيعة والتي يقولون إنها عاملتهم معاملة سيئة. بل كانوا سعداء بالتقاط أنفاسهم من تفجيرات السيارات الملغومة التي عانوا منها منذ شن تنظيم القاعدة، تمردًا استمر أعوامًا.

شوارع نظيفة ووحشية

سرعان ما بدأ تنظيم داعش في بناء جهاز ما يسمى بدولة الخلافة بما في ذلك إنشاء حكومة محلية جديدة. وقال عبد الستار الحبو مدير بلدية الموصل الحالي إن بعض موظفي المدينة غادروا الموصل.

ولكن بقي معظمهم، وهؤلاء إما أجبروا على العمل وإما انضموا طواعية للنظام الجديد.

وعمل التنظيم على ضمان نظافة الشوارع وتعبيد الطرق. وقال بعض السكان إن إدارة الدولة، التي كان يديرها فرنسي مغربي، كانت أكثر كفاءة من النظام السابق. ووفر المتشددون خدمات ومواد غذائية بأسعار مدعمة لبعض فقراء المدينة.

غير أنهم فرضوا -أيضًا- نظامًا لتحصيل الزكاة وأصدروا سلسلة مراسيم تغطي جميع جوانب الحياة العامة والخاصة. وتراوحت العقوبات بين قطع الأيدي وقطع الرؤوس؛ ما دفع كثيرين ممن أيدوا التنظيم في البداية للتحول عنه.

وقال مؤيد: "كنت أعيش في خوف دائم من الوقوع في مشاكل مع الشرطة الدينية أو أي مقاتل كبير يمر بجانبي". وأضاف أن الجرائم قد تكون صغيرة مثل: التدخين أو عدم الالتزام بالملابس الشرعية.

ومع بدء الحرب واشتداد أوارها لاحقًا، منع تنظيم داعش سكان البلدة القديمة من مغادرتها، حيث استخدموهم دروعاً بشرية لحماية الأعداد المتضائلة من مقاتليهم.

وبين مؤيد مستذكرًا المشهد: "قتلوا أربعة أشخاص حاولوا الهروب من الحي خارج منزلي مباشرة".

وأضاف: "فعلوا ذلك علانية لإجبار الناس على البقاء. ولبث الرعب في قلوبنا لم يسمحوا لنا بإزالة الجثث حتى بدأت تتحلل".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com