العلاج الأمثل لـ"حراك الريف" بالمغرب.. محاكمة قضائية أم تسوية سياسية؟
العلاج الأمثل لـ"حراك الريف" بالمغرب.. محاكمة قضائية أم تسوية سياسية؟العلاج الأمثل لـ"حراك الريف" بالمغرب.. محاكمة قضائية أم تسوية سياسية؟

العلاج الأمثل لـ"حراك الريف" بالمغرب.. محاكمة قضائية أم تسوية سياسية؟

تتجه الأنظار مجددًا إلى محكمة الاستئناف في مدينة الدار البيضاء جنوبي المغرب، حيث تُجرى محاكمة قيادات حراك منطقة الريف شمالي المملكة.

ودخل هذا الملف -بعد أكثر من 20 جلسة- مراحله الحاسمة المتمثلة في جلسات استجواب أكثر من 50 معتقلاً بشأن التهم الموجهة إليهم، ومنها: "زعزعة استقرار الدولة، والمس بسلامتها الداخلية".

ورغم أن الملف يتخذ اليوم مسارًا قضائيًا، فإنه وفق باحثين مغاربة، يكتسي صبغة سياسية، فاعتقال المئات من رفاق ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، جاء مباشرة بعد مقتل تاجر السمك، محسن فكري، فضلاً عن اتساع دائرة الاحتجاج لتشمل مناطق أخرى غير الحسيمة، حاملة مطالب اقتصادية واجتماعية.

واعتبر ناشط حقوقي أن "الملفات السياسية" تُحل عبر الحوار، وليس القضاء، فيما اقترح ناشط آخر تفعيل إجراءات، تصل حد العفو الملكي، لمعاجلة الملف، لكن محامي الدولة في محاكمات حراك الريف رأى أن لا حديث يستوجب المحاكمة، ولا حديث -الآن- عن تسوية سياسية.

وشهدت مدينة الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف احتجاجات، منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2016، استمرت لأكثر من عام؛ للمطالبة بالتنمية ورفع التهميش ومحاربة الفساد، وفق المحتجين.

وبدأت الاحتجاجات عقب مقتل تاجر سمك طحناً داخل شاحنة لجمع النفايات، خلال محاولته الاعتصام بها، لمنع السلطات من مصادرة أسماكه.

مبادرات فاشلة

ومنذ عيد الفطر الماضي، الذي شكل ذروة الحراك، بسبب المواجهات العنيفة، لم تفلح مبادرات كثيرة في إيجاد مساحة للحوار بين المعتقلين في سجن عكاشة بالدار البيضاء، أو الذين يوصفون بأنهم قادة الحراك، وبين الدولة.

ففي البداية كان الشارع لا يزال مشتعلاً، فالمظاهرات تخرج يومياً، ولم يكن سهلاً على كلا الطرفين بناء جسور للثقة، لاسيما مع استمرار الاعتقالات والحشد الأمني الكثيف في مواجهة المظاهرات المستمرة.

وعلى الأقل فشلت مبادرتان، كانت الأولى تقضي بإطلاق سراح الجميع، بشرط واحد، وهو تهدئة الشارع، بيد أن الشارع وقتها لم يكن بيد أحد.

ثم جاءت مبادرة نور الدين عيوش، رجل الأعمال المغربي المقرب من دوائر القرار، التي انطلقت من سجن عكاشة، وآلت إلى الفشل، وحتى الذين كانوا من مهندسيها اعترفوا بأنهم لم يكونوا يتوافرون على ضمانات لنجاحها.

أحكام إدانة

بالموازاة مع محاكمة معتقلي حراك الريف في الدار البيضاء، أصدرت محاكم الحسيمة أحكام إدانة بحق المئات من الموقوفين، على خلفية الاحتجاجات.

كما قضت محكمة على الناشط المعروف، مرتضى إعمراشن، بالسجن 5 سنوات؛ لإدانته بالإشادة بأفعال إرهابية.

وتساهم تلك الأحكام، وفق متابعين، في رسم بعض ملامح محاكمات الدار البيضاء لقادة الحراك الاحتجاجي.

ملف سياسي

وبحسب الناشط الحقوقي، رشيد الموساوي، فإن "الملفات السياسية لا يمكن أن تحل بالقضاء، بل عبر الحوار".

وأضاف أن "أغلبية الأصوات، ومن مواقع مختلفة، والتي تناولت حراك الريف، دعت إلى ضرورة التعجيل بإيجاد حل سياسي لهذا الملف".

وتابع الموساوي: "لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار الطابع السلمي للحراك ووضوح ملفه المطلبي، وكونه رفع ملفه منذ البداية مباشرة إلى مركز القرار، ليطالب بتحقيق عدالة في الريف، لإدراكه أن المؤسسات الوسيطة (يقصد الأحزاب والجمعيات والنقابات) فقدت مصداقيتها".

صيغ للحل

وفي جانب آخر من الأزمة، قال فريد الحمديوي، منسق عائلات معتقلي حراك الريف، إن "المسار القضائي، الذي اتخذه ملف حراك الريف، فضلاً عن أنه عمق مآسي عائلات المعتقلين، فقد أشاع حالة من الاحتقان في مدينة الحسيمة".

واعتبر الحمديوي، أنه "بالإمكان تجاوز هذا الوضع عبر الحوار، والتنازل، واستحضار مصلحة الوطن".

وأضاف: "لم نفقد الأمل يوماً في حدوث انفراج في هذا الملف، وسنبقى دائماً على أمل، وسنعمل على البحث عن الحلول الممكنة".

واعتبر أن "هناك صيغاً عديدة يمكن اللجوء إليها لإنهاء الملف، والمدخل الأساس هو إطلاق سراح المعتقلين، وما دام التحقيق قد انتهى مع المعتقلين في سجن عكاشة، فيمكن تفعيل إجراءات قانونية، منها عدم متابعة بعضهم قضائياً، وإطلاق سراح الآخرين بشكل مؤقت والمتابعة، كما يمكن إصدار عفو ملكي عام عن جميع المعتقلين أو عن عدد منهم".

كلمة القضاء

بالمقابل دافع محمد الحسيني كروط، محامي الدولة في محاكمات حراك الريف، عن المسار القضائي.

وقال إن "ما جرى يستوجب المحاكمة، فإتلاف المنشآت العمومية وجرح المئات من أفراد القوات العمومية، والتخطيط لأفعال ضد السلامة الداخلية للدولة، هي أفعال جنائية لا يمكن إلا أن تكون موضوع مساءلة قضائية".

وختم محامي الدولة حديثه بالتشديد على أنه: "لا نتحدث عن التسوية السياسية؛ فالملف معروض الآن أمام القضاء، وهو صاحب الكلمة الفصل في النهاية، بيد أن حجم الأفعال يتطلب المحاكمة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com