مع بروز التجمع الوطني للأحرار وبعد استقالة رئيسه.. هل انتهت مسيرة حزب الأصالة والمعاصرة المغربي؟‎
مع بروز التجمع الوطني للأحرار وبعد استقالة رئيسه.. هل انتهت مسيرة حزب الأصالة والمعاصرة المغربي؟‎مع بروز التجمع الوطني للأحرار وبعد استقالة رئيسه.. هل انتهت مسيرة حزب الأصالة والمعاصرة المغربي؟‎

مع بروز التجمع الوطني للأحرار وبعد استقالة رئيسه.. هل انتهت مسيرة حزب الأصالة والمعاصرة المغربي؟‎

قبل أسبوع  من الانتخابات التشريعية الأخيرة، تحدث الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" المغربي (أكبر حزب معارض في البلاد)، إلياس العماري بنبرة الواثق من فوز حزبه بالمركز الأول، متفوقًا على غريمه السياسي الأول حزب العدالة والتنمية الإسلامي (قائد الائتلاف الحكومي).

وبعد الانتخابات بنحو 10 شهور قدم العماري استقالته من قيادة حزبه، الذي قرر تأجيلها، في انتظار أن تتضح صورة الحزب في المستقبل، مع بروز حزب آخر، يرى محللون أنه يمكن أن يشكل منافسًا للإسلاميين بالبلاد، وهو "التجمع الوطني للأحرار".

وحزب" الأصالة والمعاصرة" (يمين)، هو حزب مغربي أسسه مستشار العاهل المغربي محمد السادس، والوزير المنتدب السابق لدى وزارة الداخلية المغربية عام 2008، فؤاد عالي الهمة، واكتسح الحزب الانتخابات البلدية عام 2009، بحوالي 21% من المقاعد مقارنة مع 7% لحزب العدالة والتنمية.

فشل الإطاحة بالإسلاميين

حل "الأصالة والمعاصرة" ثانيًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر 2016، إذ حصل على 102 مقعدًا من أصل 395 مقعدًا في مجلس النواب "الغرفة الأولى بالبرلمان"، بعد حزب العدالة والتنمية (125 مقعدًا)، وهو ما تمخض عن تقديم إلياس العماري استقالته أمام المكتب السياسي لحزبه (أعلى هيئة تنفيذية)، ليقر المجلس الوطني للحزب (أعلى هيئة تقريرية)، خلال تشرين الأول/أكتوبر 2017، تأجيل البت في الاستقالة، وهو ما خلق نوعًا من الصراع داخل الحزب، في ظل مطالبة بعض قادته بالموافقة على رحيل العماري وضخ دماء جديدة.

فشل "الأصالة والمعاصرة" في الحصول على المركز الأول بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، جاء رغم استخدام الحزب - الذي اعترفت قيادته في العديد من المناسبات بأنه جاء لمحاربة الإسلاميين (المشاركين في العملية الانتخابية)- لكل الوسائل، ومن بينها إثارة قضايا أخلاقية لأعضاء في "العدالة والتنمية" المنافس.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يخسر فيها حزب "الأصالة والمعاصرة" نزالاته الانتخابية في مواجهة العدالة والتنمية (المعروف اختصارًا بـ"البيجيدي")، فرغم احتلاله للمركز الأول في الانتخابات البلدية والجهوية التي جرت في نفس الوقت عام 2015 لاختيار أعضاء المجالس الجماعية وأعضاء المجالس الجهوية، بسبب فوزه في الأرياف، إلا أنه خسر عمودية كل المدن الكبيرة مثل العاصمة الرباط والدار البيضاء (كبرى مدن البلاد) وطنجة (شمال) ومراكش (وسط) ، كما أنه سبق واضطر سنة 2011 لتحجيم قوته الانتخابية كي ينحني لعواصف الربيع العربي التي كادت تحل الحزب دفعة واحدة.

وشهد المغرب في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 انتخابات برلمانية مبكرة، كان يفترض إجراؤها في 2012، وجاءت على خلفية احتجاجات شهدتها البلاد في شباط/فبراير كجزء من احتجاجات الربيع العربي، ما دفع الملك المغربي محمد السادس لإعلان انتخابات مبكرة، في عملية إصلاح دستوري منحت المواطنين المزيد من الحقوق المدنية الجديدة.

وفي هذه الانتخابات اكتسح حزب العدالة والتنمية بـ 106 مقاعد من أصل 395 ،فيما حصل "الأصالة والمعاصرة" على 48 مقعدًا ليحل رابعًا بعد حزبي الاستقلال (61 مقعدًا) والتجمع الوطني للأحرار (54 مقعدًا).

ويعزو مراقبون تراجع "الأصالة والمعاصرة" إلى احتجاجات الـ20 من شباط/فبراير 2011، التي رفع خلالها متظاهرون صور بعض رموزه، واتهموهم بالفساد، وطالبوهم بـ"الرحيل"، ما أثر انتخابيًا على الحزب، الذي وجد نفسه مضطرًا بعد ذلك للاصطفاف في المعارضة.

شهادة وفاة

ويرى محللون أن حزب "الأصالة والمعاصرة" المعروف اختصارًا بـ"البام"، ترك مكانه لحزب جديد يكمل المهمة القديمة/ الجديدة في تقليم أظافر حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي أضاف 19 مقعدًا في انتخابات 2016، إلى كتلته النيابية بالمقارنة مع انتخابات "الربيع العربي".

ويرى مراقبون، أن ظهور شخصية مثل عزيز أخنوش الذي صنفته مجلة فوربس أخيرًا بأنه من أغنياء البلاد ليقود حزب "التجمع الوطني للأحرار"، المصنف كأحد الأحزاب المقربة من السلطة، واستقطابه لرجال المال من "الأصالة والمعاصرة" ومنافسته في معاقله على النفوذ، كلها مؤشرات تمنح شرعية السؤال: هل شكل اندحار حزب الأصالة والمعاصرة في الانتخابات التشريعية "شهادة وفاة" له؟.

ويرفض عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، خالد أشيبان، أطروحة أن يكون الحزب قد دخل مرحلة "الموت"، قائلًا إنه "بالعكس تمامًا، فإن حزب الأصالة والمعاصرة كان هو الرابح الأول سياسيًا في الانتخابات التشريعية الأخيرة بحصوله على أكثر من ستين مقعدًا إضافيًا في مجلس النواب، مقارنة بعدد المقاعد التي حصل عليها سنة 2011".

ويضيف أشيبان، "وهذا يدل على أن الحزب، بعد مرور ثماني سنوات على نشأته، أصبحت له قاعدة جماهيرية كبيرة مكنته من الفوز بالمركز الثاني في الانتخابات بعد حزب البيجيدي".

تفكك مشروط

ويعتقد الكثيرون، أن ظهور حركة الـ20 من فبراير الشبابية التي قادت الاحتجاجات إبان "الربيع العربي"، نُظر إليه على أنه المسمار الأخير في نعش "الأصالة والمعاصرة" قبل أن ينبعث من رماد الانتخابات سنة 2016، وعلى هذا الأساس يقول عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، حسن حمورو، إن"النموذج الذي تأسس من أجله الأصالة والمعاصرة انتهى في الحقيقة منذ حراك سنة 2011 لكن تم الاحتفاظ به لوقت الحاجة".

وبحسب حمورو، فإن "وقت تدخل الأصالة والمعاصرة من جديد جاء عقب الفوز الكاسح لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات الجماعية والجهوية لسنة 2015، فتجدد دعم الإدارة (السلطة) له بتمكينه من رئاسة خمس جهات ورئاسة مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان).

وأوضح أن "هذا الدعم جاء بغرض جعل حزب الأصالة والمعاصرة السلاح الذي ينهي العدالة والتنمية انتخابيًا سنة 2016، لكن صمود العدالة والتنمية ووعي الشعب جعل هذا الحزب يفشل في المهمة التي تم تكليفه به".

واعتبر حمورو، أن "تفكك أو تراجع حزب الأصالة والمعاصرة، مرهون بشكل كبير بموقع العدالة والتنمية في المشهد السياسي"، موضحًا أنه "حال استعاد هذا الأخير عافيته، فان الأصالة والمعاصرة سيحافظ على مبرر وجوده (مواجهة الإسلاميين)، أما إذا استمر الإسلاميون في التراجع فإن تركة (البام) خاصة من أعيان الانتخابات ستنتقل إلى حزب التجمع الوطني للأحرار".

يشار إلى أن حزب العدالة والتنمية قدم بعد انتخابات 2016 تنازلات وصفت بالمؤلمة، وزرعت- بحسب مراقبين- بذور الانقسام داخل هياكله، بدأت بالإستغناء عن عبد الإله بنكيران من رئاسة الحكومة ومن قيادة الحزب وصولًا إلى قبول شروط الأحزاب الأخرى خلال تشكيل الحكومة.

حزب الأحرار.. معارض إلى حين

جدير بالذكر أن "حزب االتجمع الوطني للأحرار تأسس عام 1977، عقب الانتخابات البرلمانية، بقيادة رئيس البرلمان، أحمد عصمان، صهر الملك الراحل الحسن الثاني، وتشكلت نواته الأولى من عشرات البرلمانيين الذين ترشحوا مستقلين، وظل الحزب محسوبًا على "الأحزاب الإدارية"، رغم أنه يصف نفسه بأنه يتموقع في "الوسط".

وشارك "التجمع الوطني للأحرار" في جميع الحكومات المتعاقبة، إلاّ أنه خرج إلى موقع المعارضة بعد تصدر حزب "العدالة والتنمية" انتخابات عام 2011 وتشكيله الحكومة، لكن "التجمع الوطني للأحرار" عاد للمشاركة في هذه الحكومة في تشرين الأول/أكتوبر  2013، بعد خروج حزب "الاستقلال" منها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com