رغم غياب الخدمات وانتشار المفخخات.. "عودة انتخابية" لنازحين عراقيين
رغم غياب الخدمات وانتشار المفخخات.. "عودة انتخابية" لنازحين عراقيينرغم غياب الخدمات وانتشار المفخخات.. "عودة انتخابية" لنازحين عراقيين

رغم غياب الخدمات وانتشار المفخخات.. "عودة انتخابية" لنازحين عراقيين

بعد حسم البرلمان العراقي، الاثنين الماضي، موعد الانتخابات البرلمانية في الـ 12 من مايو المقبل، يدور حديث حول مساعي أحزاب سياسية سُنية لإعادة النازحين قسرًا إلى مناطقهم، رغم عدم تأهيلها لاستقبالهم؛ حتى يصوتوا لصالح المرشحين السُنة في الانتخابات.

وكانت أكبر كتلة في البرلمان، وهو التحالف الشيعي (180 مقعدًا من أصل 328)، عارضت مسعى سابقًا لكتل سنية وكردية لتأجيل الانتخابات ستة أشهر؛ لإتاحة الفرصة أمام عودة النازحين إلى منازلهم والإدلاء بأصواتهم.

وكان قرار المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية وقراراتها واجبة التنفيذ وغير قابلة للطعن) حاسمًا، عندما قضت بأن تأجيل الانتخابات يخالف دستور البلاد.

عودة قسرية

وينتظر العراقيون حلول موعد الانتخابات لاختيار ممثليهم في مجلس النواب (البرلمان) بأن يغمسوا أصابعهم في الحبر البنفسجي، الذي يقول العراقيون إنه "بات رمزًا لديمقراطية دولتهم الناشئة".

لكن الصورة ليست مثالية كما تبدو عليه الحال، فهذا الواقع سيفرض ضغوطًا إضافية على مئات آلاف النازحين للعودة إلى منازلهم، قبل موعد الانتخابات، بغض النظر عن تهيئة الظروف المناسبة لعودتهم.

لا تظهر على النازحة "أم عبد الله" أي بوادر اهتمام بالانتخابات وهي تهم بالعودة إلى منزلها في مدينة "الصينية" بمحافظة صلاح الدين شمالي العراق.

وتقول "أم عبد الله"، وهي تقطن في مخيم بأطراف مدينة أربيل (شمال)، إن "الانتخابات ما هي إلا وسيلة لاستمرار السياسيين في الحفاظ على مكاسبهم".

وتساءلت مستنكرة: "لماذا أنتخبهم (؟!) وماذا جنيت وسأجني من كل ذلك (؟!)".

وتابعت: "سأعود مرغمة إلى مدينتي.. لا مدرسة تنتظر أولادي ولا خدمات، ولن أشارك في الانتخابات".

لم تتحدث النازحة العراقية عن ما أرغمها على العودة، واكتفت بالقول: "بعض النازحين سيذهبون (إلى مناطقهم) مضطرين بسبب الظروف المعيشية السيئة (في المخيمات).. وسيستغل بعض السياسيين ذلك بتقديم بعض المعونات لهم (النازحين العائدين)".

وعلى مدى ثلاث سنوات، تسببت الحرب بين القوات العراقية (مدعومة بالتحالف الدولي بقيادة واشنطن) ضد تنظيم "داعش" بنزوح قرابة 5.5 مليون عراقي (من أصل نحو 37 مليونًا)، وفق وزارة الهجرة والمهجرين.

وتقول الحكومة العراقية، إن نصفهم عادوا إلى مناطقهم المحررة، فيما توجد البقية داخل وخارج مخيمات منتشرة في أرجاء البلاد.

ويتعذر على الكثير منهم العودة حاليًا؛ بسبب تهدم منازلهم جراء الحرب، وعدم توافر الخدمات الأساسية، فضلاً عن مخلفات الحرب وانتشار المففخات التي خلفها "داعش"، الذي سيطر، صيف 2014، على نحو ثلث مساحة العراق في شمالي وغربي البلاد، قبل أن تستعيدها بغداد.

استبعاد عودة الجميع

وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، تعهد مرارًا بتهيئة الظروف المناسبة لعودة النازحين إلى منازلهم.

لكن المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين، نوروز ستار، استبعد إمكانية عودة كل النازحين إلى منازلهم خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وقال نوروز: "قد تتزايد وتيرة عودة النازحين، خلال الأشهر المقبلة، لكن لا تزال البنى التحتية مدمرة في الكثير من المناطق، فضلاً عن وجود مشاكل اجتماعية وعشائرية"، في إشارة إلى عمليات انتقام عشائرية من ذوي عناصر "داعش".

لكن المسؤول العراقي استبعد في كل الأحوال إعادة النازحين قسرًا إلى منازلهم.

وقبل أسابيع قليلة، اتهمت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق (مستقلة مرتبطة بالبرلمان) أحزابًا سياسية سنية لم تسمها، بالسعي إلى إعادة النازحين قسرًا لمنازلهم من أجل ضمان مشاركتهم في الانتخابات.

مخاوف السُنة

ونزحت الغالبية الساحقة من النازحين من مناطق شمالي وغربي البلاد، ذات الأكثرية السُنية.

ويعتقد كثير من السياسيين السُنة أن بقاء النازحين في المخيمات أو المحافظات الأخرى سيحرمهم من التصويت في الانتخابات.

ولم يتضح بعد ما ستفعله مفوضية الانتخابات إزاء حق النازحين بعيدًا عن مناطقهم في التصويت.

 وتخشى أحزاب وقوى سياسية سُنية، في المناطق التي شهدت نزوحًا، من أن عدم عودة هؤلاء النازحين إلى مناطقهم ستؤثر على حظوظ مرشحيها في الانتخابات.

وقال النائب عن اتحاد القوى العراقية، أكبر ائتلاف للسُنة (53 مقعدًا)، رعد الدهلكي: "وضع النازحين اليوم غير مؤهل للانتخابات، سواء من عادوا إلى مناطقهم أو الموجودون في المخيمات".

وأردف الدهلكي، وهو رئيس لجنة الهجرة والمهجرين البرلمانية، أن "الكثير من النازحين لم تتح لهم الفرصة لتحديث سجلاتهم الانتخابية".

وتابع: "وقد يكونون (النازحين) مرغمين على التصويت خارج إرادتهم، إما بالتخويف من جانب جهات تحمل السلاح خارج إطار القانون، أو قوى لها نفوذ الآن على مناطقهم"، في إشارة إلى الحشد الشعبي الشيعي، وهي قوات موالية للحكومة، وأغلب فصائلها مدعوم من إيران.

ويؤيد غالبية النواب الكرد في البرلمان مخاوف السُنة بشأن الانتخابات البرلمانية.

وقال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني (19 مقعدًا)، رئيس اللجنة القانونية في البرلمان، محسن السعدون، إن "المحافظات التي كانت مسرحًا للحرب تعيش حالة طوارئ، لذلك بالإمكان تجاوز بنود الدستور في هذه الحالة، وتأجيل الانتخابات".

رفض شيعي

لكن القوى الشيعية وقفت بقوة ضد مساعي تأجيل الانتخابات.

وقال القيادي في حزب الدعوة (ينتمي إليه العبادي)، النائب علي العلاق، إن "الدستور واضح، ولا يسمح بالتأجيل، باعتبار أن لمجلس النواب أربع سنوات غير قابلة للتمديد".

وأعرب العلاق عن اعتقاده بأن "العبادي سيعمل على حل المشكلات في المناطق المتضررة، وفق إمكانيات الدولة، وسيمهد لتهيئة الظروف الملائمة لإجراء اقتراع ديمقراطي فيها".

وتساءل مستنكرًا: "البلد الآن منتصر (على داعش)، وحقق مكاسب جيدة على الصعيد الدولي.. فلماذا نُحرج العراق سياسيًا، ونوحي للعالم بأن البلد غير مستقر سياسيًا وبلا برلمان (؟!) وبالتالي نخسر ثقته".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com