لماذا يعارض "الشاباك" الإسرائيلي عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين؟
لماذا يعارض "الشاباك" الإسرائيلي عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين؟لماذا يعارض "الشاباك" الإسرائيلي عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين؟

لماذا يعارض "الشاباك" الإسرائيلي عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين؟

حذر جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، على المستوى السياسي من تداعيات القانون الرامي لتطبيق عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين.

ويعتقد "الشاباك" أن تطبيق هذا القانون المثير للجدل، من شأنه أن يتسبب في تصعيد من جانب المقاومة الفلسطينية، يتمثل في عمليات اختطاف واسعة، بغية مساومة الحكومة الإسرائيلية على إطلاق سراح الأسرى الذين يفترض أن يواجهوا مستقبلاً تلك العقوبة.

وصادق الكنيست الإسرائيلي أمس الأربعاء بالقراءة التمهيدية، على قانون بادر به حزب "إسرائيل بيتنا" المتشدد، والذي يترأسه وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، يجيز توقيع عقوبة الإعدام بحق مقاومين فلسطينيين، تتهمهم سلطات الاحتلال بتنفيذ عمليات قتل بحق مواطنين إسرائيليين، بأغلبية 52 نائبًا من أصل 120، فيما عارضه 49 نائبًا.

وأفادت مصادر إعلامية عبرية أن تقديرات "الشاباك" كانت قد وضعت على طاولة المستوى السياسي قبيل التصويت بالأمس، لكن ذلك الأمر لم يحل دون المصادقة على مشروع القانون، بعد عاصفة من التجاذبات.

ورقة للمساومة

وطبقًا لتقرير صحيفة "هأرتس" العبرية، سوف يتم استعراض تقديرات الأمن العام بشكل موسع خلال اجتماع قادم، سيعقده المجلس الوزاري للشؤون السياسية الأمنية "الكابينيت" دون أن تحدد موعده، لكنها تطرقت إلى الأسباب التي دفعت هذا الجهاز لرفض القانون والعمل على عرقلته خلال مراحل التصويت المقبلة.

ويرى جهاز الأمن العام الإسرائيلي أن المقاومة الفلسطينية ستلجأ بدورها إلى تطوير العمليات التي تمنحها ورقة مناسبة لمساومة الحكومات الإسرائيلية، وعلى رأسها مسالة اختطاف مواطنين يهود، سواء داخل البلاد أو في الخارج، حيث إن الحكم بإعدام الأسرى الفلسطينيين سيحفز هذه النزعة.

وطبقًا لتقديرات الأمن العام الإسرائيلي، سيعني تمرير القانون أن المواطنين اليهود سيواجهون خطر الاختطاف بشكل متزايد لدى زيارتهم دول العالم الإسلامي أو دول الغرب، بغرض المساومة على أسرى فلسطينيين.

رئيس "الشاباك" يعارض القانون

وكشفت الصحيفة أن الأسبوع الماضي شهد نقاشًا واسعًا داخل جهاز الأمن العام، حول التداعيات والآثار المترتبة على توقيع عقوبة الإعدام بحق المقاومين الفلسطينيين الذين سقطوا أسرى بيد السلطات الإسرائيلية، وخلص "الشاباك" في النهاية إلى أنه سيعارض بشدة هذه الخطوة، وتبنى رئيس الجهاز ناداف أرغمان شخصيًا هذا الموقف، وأكد في ختام الاجتماع أنه سينقل وجهة نظر الجهاز لأعضاء لجنة الخارجية والدفاع التابعة للكنيست.

وتحفظ "الشاباك" على مشروع قانون مماثل عام 2011، حين تصاعدت الأصوات الداعية لتوقيع عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك داخل الجيش الإسرائيلي، وتبني قائد الجبهة المركزية وقتها اللواء آفي مزراحي هذه النزعة، عقب واقعة اغتيال أفراد عائلة يهودية بمستوطنة إتامار، جنوب شرق نابلس بالضفة الغربية المحتلة، بواسطة مقاوم فلسطيني يدعى أمجد عواد، فيما عارض "الشاباك" الخطوة، ما أدى إلى تجميد مشروع القانون.

ميندلبيلت يدعم "الشاباك"

يرى مراقبون، طبقاً للصحيفة، أنه حتى لو تم تمرير القانون داخل المجلس الوزاري المصغر "الكابينيت" فإن هناك نقطة تتعلق بالمستشار القضائي للحكومة أفيحاي ميندلبليت، قد تعني أنه سيكون من الصعب تطبيقه، حيث كان قد أكد في حوارات مغلقة، أنه سيضع وجهة نظر الأجهزة الأمنية في الحسبان، وشدد على أنه لن يرجح موقف "الكابينيت"، فيما يؤكد المراقبون أن توقيع العقوبة في النهاية سيكون بيد النائب العام العسكري.

ويستند هؤلاء المراقبون إلى تجارب سابقة، تتعلق بالمستشار القضائي السابق والحالي، ومن ذلك حين شكل نتنياهو في تموز/ يوليو 2015 لجنة وزارية، لبحث مسألة تطبيق عقوبة الإعدام في إسرائيل على من تعتبرهم إرهابيين، بعد تأجيل مناقشة القانون الذي قدمه وقتها عضو الكنيست شارون غال، عن حزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة ليبرمان، ولكنه طلب خلاصة آراء الجهات القانونية المختصة وعلى رأسها المستشار القضائي للحكومة وقتها يهودا واينشتاين.

ورد واينشتاين بقوله إن عقوبة الإعدام "لن تشكل رادعًا للإرهاب، خاصة وأنه يحمل أيديولوجيات تدفعه لعدم الأكتراث بمثل هذه العقوبة". وأرسل واينشتاين في حينه، خلاصة رأيه في المقترحات التي تطالب بتطبيق عقوبة الإعدام على الإرهابيين، إلى اللجنة الوزارية للشؤون التشريعية، وأبدى معارضته الصريحة للعمل بالقانون، على أساس أنه يعتقد أن "الإرهابيين الذي يعتنقون أفكارًا محددة لا يشغلون بالهم بمسألة إعدامهم من عدمه".

وتجدد الجدل بشأن هذا الملف في آيار/ مايو 2016 مع انضمام ليبرمان للائتلاف الحكومي، وكان على المستشار القضائي الجديد للحكومة مندلبليت حسم هذا الجدال. ووقتها رفض الأخير توقيع العقوبة، لينضم بذلك إلى مواقف المستشار القضائي السابق، الذي رفض تطبيق العقوبة أو سن تشريعًا جديدًا يقضي بإنزال عقوبة الإعدام على الفلسطينيين الذين يتم اتهامهم بالتورط في جرائم إرهابية.

الشارع الإسرائيلي يؤيد

وبحسب استطلاع للرأي، أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في آب/ أغسطس 2017، وهو أحد المراكز البحثية المعنية بتخطيط السياسات وإصلاح أداء السلطة بالدولة العبرية، بشأن تطبيق عقوبة الإعدام بحق المقاومين الفلسطينيين الذين تتهمهم إسرائيل بالإرهاب، يؤيد 69.8% من الإسرائيليين "اليهود" تطبيق عقوبة الإعدام بحق الفلسطينيين المتهمين بتنفيذ عمليات مقاومة ضد إسرائيليين.

وطبقًا للنتائج يعارض تطبيق تلك العقوبة 25.3% ممن شملهم الاستطلاع، ويقول 4.9% إنهم لا يمتلكون رأيًا محددًا في هذا الصدد، أو إنهم رفضوا الإجابة على سؤال طرح عليهم من قبل المعهد بشأن موقفهم من تطبيق العقوبة.

تاريخ من الجدل

وطوال عقود مضت لم تقض محاكم الاحتلال بتوقيع عقوبة الإعدام بحق فلسطينيين ممن تتهمهم بالإرهاب سوى في حالات متفرقة، ولم يتم تنفيذ العقوبة على الإطلاق، بينما تمت عشرات حالات الإعدام خارج القانون، تورط بها مستوطنون أو جنود بجيش الاحتلال.

ويعتبر القاضي العسكري عوديد فيسنزون، آخر من أصدر حكمًا بالإعدام بحق شاب فلسطيني، أطلق سراحه بعد ذلك ضمن صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، قد صرح العام الماضي أن عقوبة الإعدام هي الرادع الوحيد بحق من ينعتهم بالإرهابيين.

وتم تنفيذ حكم الإعدام في إسرائيل مرتين، الأولى رميًا بالرصاص بحق ضابط بالجيش الإسرائيلي يدعى مئير توفيانسكي، بعد اتهامه بالتجسس عام 1948، والثانية شنقًا بحق أدولف آيخمان، أحد كبار مسئولي الرايخ الثالث، وتم اختطافه من الأرجنتين بواسطة الموساد ونقله إلى إسرائيل، ونفذ بحقه حكم الإعدام في آيار/ مايو 1962.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com