في 2017.. الاستيطان يبدد أحلام الفلسطينيين ويحرمهم من مقومات دولتهم‎‎
في 2017.. الاستيطان يبدد أحلام الفلسطينيين ويحرمهم من مقومات دولتهم‎‎في 2017.. الاستيطان يبدد أحلام الفلسطينيين ويحرمهم من مقومات دولتهم‎‎

في 2017.. الاستيطان يبدد أحلام الفلسطينيين ويحرمهم من مقومات دولتهم‎‎

عمق التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة والقدس، خلال العام 2017، أزمات الفلسطينيين، وساهم في استمرار تقطيع أوصالهم وحرمانهم من أهم مقومات حياتهم.

ولعل أخطر المخططات الاستيطانية المعلنة في عام 2017، ما كشف عنه وزير الإسكان والبناء الإسرائيلي، يوآف غالانت، حول عزم حكومته بناء مليون وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، خلال الـ20 عامًا المقبلة، 20 إلى 30% منها ستقام في مدينة القدس المحتلة.

وقال الوزير غالانت، في تصريحات للقناة الإسرائيلية العاشرة الأحد الماضي، إن: "الحكومة ستبنى نحو 300 ألف وحدة سكنية في القدس، ضمن ما يعرف بمشروع القدس الكبرى".

و"القدس الكبرى" مشروع إسرائيلي يهدف إلى ضم مستوطنة "معاليه أدوميم"، الواقعة شرق مدينة القدس وإحدى أكبر مستوطنات الضفة، إلى المدينة والاستيلاء على 12 ألف دونم تمتد من أراضي القدس الشرقية حتى البحر الميت، كجزء من مشروع لفصل جنوب الضفة عن وسطها.

وذكرت القناة العاشرة أن تلك الوحدات ستبنى على مساحات كبيرة جدًا، دون أن تحدد المناطق التي سيتم تضمينها لنطاق بلدية القدس.

بدورها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إن: "الخطة الاستيطانية المذكورة، تعد تطبيقًا لإعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأن القدس عاصمة لإسرائيل".

وفي الـ6 من كانون الأول/ديسمبر الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اعتراف بلاده رسميًا بالقدس بشقيها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، والبدء بنقل سفارة بلاده إلى المدينة المحتلة، ما أثار غضبًا عربيًا وإسلاميًا، وقلقًا وتحذيرات دولية.

واحتلت إسرائيل القدس الشرقية في عام 1967، وأعلنتها "عاصمتها الأبدية والموحدة" في 1980 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة آنذاك.

شرعنة بالقوانين

وسعت إسرائيل خلال عام 2017، إلى شرعنة التوسعات الاستيطانية، بطرح وسن القوانين الاستيطانية، لتعمل تحت غطاء "قانوني"، وتلتهم المزيد من أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم.

سهيل خليلية، مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية، أشار إلى أن أخطر ما شهده عام 2017، هي القوانين التي تم طرحها وإقرارها في الكنيست الإسرائيلي.

حيث أُقِر قانون "التسوية"، الذي يفتح المجال لإعطاء الاحتلال الحق بالسيطرة على أملاك الغائبين في منطقة (ج)، التابعة لإدارة السلطة الفلسطينية، خاصة الأملاك التي يدعون أنها أملاك عامة، وحتى الأملاك الخاصة، وفق خليلية.

وتابع خليلية أن: "هذا القانون يعطي الاحتلال الحق في الاستيلاء على تلك الأملاك الفلسطينية الخاصة، وتحويلها لاستعمالات أخرى".

كما أُقِر قانون "القدس الكبرى" أو (الضم) خلال هذا العام، الذي من شأنه بحسب خليلية، ضم التكتلات الاستيطانية في "معاليه أدوميم" للقدس؛ لكنه سيكون مقدمة لضم ثلاث تكتلات استيطانية أخرى.

ويشير الخبير في شؤون الاستيطان، إلى أن مساحة تلك التجمعات تصل إلى حوالي 175 كيلومترًا مربعًا، وهي مساحة أكبر بـ140% من مساحة القدس الحالية بشقيها الغربي والشرقي، التي تصل لـ125 كيلومترًا مربعًا، لتصبح مساحة القدس بعد الضم 300 كيلومتر مربع.

وأضاف خليلية: "من شأن قانون الضم، أن يغيّر الواقع الجغرافي والديمغرافي لمدينة القدس، ويأتي هذا كله ضمن مخطط إسرائيلي ضد المدينة".

ولا تقف الأطماع الإسرائيلية في مدينة القدس إلى هذا الحد، فهي تستهدف بسياساتها الاستيطانية تغيير الصفة الإدارية للتجمعات الفلسطينية الموجودة في القدس، البالغ عددها 20 تجمعًا.

ويعقّب الخبير على ذلك بالقول إن: "إسرائيل تهدف لعزل هذا التجمعات أو إخراجها من دائرة السيطرة الإدارية لإسرائيل، بحيث لا تكون هذه التجمعات تابعة للبلدية الإسرائيلية في القدس، وأن تكون لهم إدارة وحكم ذاتي مستقل".

وأردف خليلية بقوله إن: "إسرائيل تحاول تسهيل كل الطرق باتجاه الخطة التي ترسمها للسيطرة بشكل كامل على الأراضي الفلسطينية، لكن فعليًا يصعب تنفيذها؛ فهي تحاول التخلي عن مسؤولياتها والاحتفاظ بالأرض، وتطبيق سلام مع الفلسطينيين في الوقت ذاته، وكل هذه الأمور صعب أن تطبق".

السيطرة على 41% من الضفة

وبيّن خليلية أن: "إسرائيل تريد السيطرة على 41% من الضفة الغربية تحت أي اتفاق، بما فيها القدس الشرقية، وهذه معادلة من الصعب أن تسير؛ لأن الفلسطينيين سيفتقرون لأبسط مقومات الدولة".

وذكر أنه: "ستفتقر الدولة الفلسطينية للموارد الطبيعية أو مصادر مياه، وحتى على الحدود التي تعد أهم المقومات لأي دولة، بالتالي سيكون لدينا اقتصاد تابع، إضافة لعدم وجود شبكة طرق متواصلة أو اتصال بين المناطق بفعل البناء الاستيطاني، لذلك فكل مقومات الدولة بالمفهوم الطبيعي ستتغير".

وأفاد بأن: "إسرائيل تساوم الفلسطينيين للحصول على كيان سياسي، مقابل الموافقة على المخططات التي تضعها، كمساومتهم على التخلي عن القدس، والتخلي عن منطقة الأغوار شرق الضفة، والمناطق التي يضمها جدار الفصل العنصري، والتخلي عن امتلاك الحدود، مقابل إعطاء الفلسطينيين مقومات اقتصادية.

وأشار إلى أن: " ما يحصل هو عملية ابتزاز كاملة، وما القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلا تشجيع لإسرائيل لمخالفة وتحدي القانون الدولي؛ لكن الإسرائيليون لا يتعلمون من التاريخ، خاصة إذا اعتقدوا أن الأمور ستسير بهذه السلاسة".

وعند الحديث عن أبرز الأعمال الاستيطانية والتهويدية التي شهدها عام 2017، فإن الحدث الأكبر الذي إذا ما تم إقراره بشكل نهائي، هو الحديث عن إعطاء تجمعات استيطانية في الخليل حكمًا ذاتيًا في منطقة (H2).

وذلك يعني، بحسب خليلية، إعطاء المستوطنين بتلك التجمعات أحقية في البناء والتخطيط دون الرجوع للإدارة المدنية الإسرائيلية، أي أنها مصادرة كامل للمنطقة.

وتصل مساحة منطقة (H2) إلى نحو 5500 دونم من مساحة مدينة الخليل، أي أن 20 % من مساحة المدينة ستتم مصادرته وتسليمه للمستوطنين إذا ما أقر القانون بشكل نهائي.

ولفت خليلية إلى أنه:  "إذا تمت المصادقة على هذا القانون؛ فسيعني أنها حرب على منطقة (H2)، وستعد من أكبر المصادرات التي حصلت منذ اتفاق أوسلو".

منح المستوطنين السلطة والاستقلال

بدوره، اعتبر الباحث جاد إسحاق، مدير معهد "أريج" للأبحاث التطبيقية، ومقره القدس، أن: "أخطر ما شهده 2017، هو محاولة منح مزيد من السلطة والتحكم للمستوطنين، ومحاولة دفع الفلسطينيين للتعامل معهم".

وقال إنه: "سُمح للمستوطنين البناء في الأغوار، في مساحات مملوكة لعائلات فلسطينية، وعندما احتج أصحابها على ذلك، طُلب منهم التواصل مع المستوطنين، للاتفاق إلى صيغة حول ملكية الأرض".

وأوضح أن: "الأمر تزامن مع منح المستوطنين في منطقة (H2) بالخليل، استقلاا عن البلدية الفلسطينية في المدينة، ما يشكل برأيه سياسة إسرائيلية جديدة لتحقيق مزيد من التمكين للمستوطنين".

وكشف عن مخطط لبناء نحو 55 ألف وحدة استيطانية، جرى عرضه على الكنيست، وأنه مر بمراحل الاعتراض كافة، وأصبح جاهزًا للتنفيذ في أي لحظة تراها الحكومة الإسرائيلية مواتية.

وأضاف أنه: "بتنفيذ هذا المشروع الاستيطاني، سيتضاعف عدد المستوطنات حوالي ربع مليون، وسيتجاوز عدد المستوطنين في الضفة المليون مستوطن".

وأوضح إسحاق أن: "قانون توسيع حدود بلدية القدس، الذي أقر بالقراءة الأولى والثانية، وينتظر التشريع النهائي، يعد أكثر القوانين التي قد تواجهها المدينة خطورة ".

وأشار إلى أن: "إسرائيل أرادت بهذا المشروع توسيع حدود البلدية، لتضم كتلًا استيطانية ضخمة، بالمقابل سيتضاءل عدد السكان الفلسطينيين في القدس، من 38% إلى 22%".

وبيّن أن: "حدود البلدية ستضم بعد تشريع القانون مستوطنات معاليه أدوميم، وبيتار عيليت، وجفعات زئيف، وأفرات، وغوش عتصيون".

وفي أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كان يفترض أن تقر لجنة وزارية مشروع قانون "القدس الكبرى"، الذي يسعى لتوسيع حدود بلدية القدس، وقد حاز التشريع على دعم رئيس الوزراء نتنياهو.

وبحسب الخبير سهيل خليلية: "فقد وضعت مخططات لإقامة 5500 وحدة في قلب القدس تم البناء منها في المراحل الأولى حوالي 1200 وحدة".

كما تم الإعلان والموافقة على مشروع استيطاني آخر شمال بيت لحم، والذي سيضم في المرحلة الأولى 1200 وحدة؛ لكن المجموع الكلي سيكون 3900 وحدة سكنية، إضافة إلى 1100 غرفة فندقية ستتم إضافتها.

ومع الزحف الاستيطاني، لم تتبق للفلسطينيين مساحة كافية للتوسع السكاني، ما دفعهم لانتزاع الأراضي الخضراء وتحويلها لمناطق سكنية، للتكيف مع النمو السكاني في المساحة المحصورة التي أبقاها الاستيطان لهم.

وحول ذلك، يقول سهيل خليلية: "ليست المستوطنات والتوسع الاستيطاني وحده من ضيّق على الفلسطينيين، فتقسيم الأراضي باتفاق أوسلو، ضغط 84% من الفلسطينيين في مناطق (أ) و(ب)، وبقي 16% في (ج)".

وأضاف: "منطقة أ و ب، تشكّل 39% من مساحة الضفة الغربية، بالتالي نحن نتحدث عن منطقة سكانية مكتظة جدًا، ما دفع الناس للبناء في الأراضي الخضراء، وهذا من الأضرار الواضحة للاحتلال والاستيطان، على التجمعات الفلسطينية التي تزيد سكانًا وتتقلص حجمًا".

من جانبه، عبّر إسحاق، عن خشيته من أن: "إسرائيل تحاول تجميع الكتل الاستيطانية في الضفة والقدس، لتشكيل كتلة كبيرة تمثل 75% من مساحة مناطق ج، بما يعني 45% من مساحة الضفة الغربية، معتبرًا أن ذلك سينهي بشكل كامل حل الدولتين".

وقال إن: "ما يعزز هذا المشروع، إقرار موازنة بقيمة 200 مليون شيقل (حوالي 57 مليون دولار)، لإقامة طرق تربط بين الكتل الاستيطانية، وتسمح للمستوطنين بالتحرك دون المرور بالطرق الفلسطينية، أو الوقوف على نقاط التفتيش الإسرائيلية بالضفة الغربية".

وقسّمت اتفاقية أوسلو الضفة الغربية إلى 3 مناطق، هي "أ" و"ب" و"ج"، وتمثل المناطق "أ" نحو 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيًا وإداريًا، فيما تمثل المناطق "ب" 21%، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.

أما المناطق "ج"، التي تشكل 61% من مساحة الضفة، فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية فيها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com