خروج أمريكا وانضمام سوريا.. اتفاق باريس حول المناخ إلى أين؟
خروج أمريكا وانضمام سوريا.. اتفاق باريس حول المناخ إلى أين؟خروج أمريكا وانضمام سوريا.. اتفاق باريس حول المناخ إلى أين؟

خروج أمريكا وانضمام سوريا.. اتفاق باريس حول المناخ إلى أين؟

كشفت صحيفة "ذا أتلانتك" الأمريكية، في مقال مطول لها، كيف قسمت مسألة تغير المناخ العالم إلى جانبين، حيث أصبحت الولايات المتحدة في جانب وبقية دول العالم في الجانب الآخر.

وأعلنت سوريا، وهي آخر دولة لم توقع على اتفاقية باريس حول تغير المناخ، في اجتماع للأمم المتحدة في ألمانيا يوم الثلاثاء الماضي، أنها ستوقع على الاتفاقية، كما ذكرت وكالة الأنباء السورية، أن الهيئة التشريعية بالبلاد صوتت لصالح الاتفاق الشهر الماضي.

ويعني الإعلان السوري، أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي ترفض الاتفاق، بعد أن وعدت بالانسحاب منه.

ووفقًا للصحيفة الأمريكية، لا تعتبر هذه الأنباء سيئة لإدارة ترامب التي أعلنت نيتها الانسحاب من اتفاق باريس في يونيو/ حزيران فقط، بل هي سيئة بالنسبة للمعاهدة نفسها أيضًا، فموافقة سوريا على الانضمام إلى اتفاق باريس لا يبرهن على ضرورة انضمام الولايات المتحدة.

فمن الواضح أن سوريا قررت الالتزام بالاتفاق لأن 195 دولة أخرى وقعت عليه بالفعل. ففي بريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، يعتبر اتفاق باريس إنجازًا دوليًا غير مثير للجدل نسبيًا.

وقالت "باولا كاباليرو"، المسؤولة في مجال السياسات المناخية في معهد الموارد العالمية: "مع انضمام سوريا، أصبح العالم كله ملتزمًا بشكل صارم بتعزيز العمل المناخي، باستثناء بلد واحد. وهذا الأمر يجب أن يجعل إدارة ترامب تتوقف وتفكر في إعلانها المضلل حول الانسحاب من اتفاق باريس".

وقال "مايكل أوبنهايمر"، أستاذ العلوم الجيولوجية في جامعة برينستون: "إن مشاركة سوريا تضع علامة تعجب على حقيقة أن التصرفات الأمريكية تتعارض مع الإجراءات السياسية، والمعتقدات الصادقة لكل بلد آخر على وجه الأرض".

وأضاف: "الولايات المتحدة هي الدولة القوية الوحيدة التي رفضت المعاهدة".

وقالت "هيذر نويرت"، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء: "من المثير للسخرية أن تقول الحكومة السورية إنها تريد المشاركة في اتفاقية باريس، وأنها تهتم كثيرًا بالمناخ وأشياء مثل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فاذا كانت الحكومة السورية تهتم كثيرًا بالجو، فلماذا ضربت شعبها بالغازات السامة".

وفقًا للصحيفة، قد لا يكون الدخول في اتفاق باريس قرار مجلس الشعب السوري من الأساس. فسوريا متورطة في حرب أهلية مروعة منذ عام 2011، وقد أثبتت الأمم المتحدة ارتكاب الأسد لجرائم حرب، بما في ذلك هجمات غاز السارين على الأطفال السوريين.

وسوريا لم تقدم بعد خطة للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كما يتطلب اتفاق باريس. رغم أن هذا الشرط الوحيد لمعاهدة باريس.

من جانبه قال أوبنهايمر: "لا أعرف السبب وراء اختيار سوريا التركيز على هذا الآن، ولكن أعتقد أنها تعاني مما يكفي من مشاكل، ولا تريد أن يُنظر إليها على أنها شاذة بأي طريقة أخرى".

كما يمكن أيضًا اعتبار قبولها للاتفاق نوعا من التبعية الجيوسياسية، فمنذ توقيع نيكاراغوا على الاتفاق الشهر الماضي، أصبحت سوريا هي البلد الوحيد المتبقي خارج المعاهدة المناخية. حيث تحصل نيكاراغوا على كل طاقتها تقريبًا من مصادر متجددة، ورفضت الانضمام إلى المعاهدة في عام 2015 لأنها قالت إن الاتفاق لم يكن كافيًا.

ويقول بعض المحللين، إن قرار سوريا بالانضمام إلى معاهدة باريس يُظهر أن الاتفاق وثيقة ضعيفة. فهو يضع التزامات محدودة على الموقعين عليه. والأهم من ذلك أنه يتيح للبلدان وضع أهدافها الخاصة بخفض الانبعاثات بدلاً من فرضها كجزء من نص المعاهدة.

من جانبها لم تعترض الولايات المتحدة مطلقًا على ضعف المعاهدة. والواقع أن اتفاق باريس يعتمد استراتيجية "من الأسفل إلى الأعلى"، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الولايات المتحدة أصرت على ذلك منذ وقت طويل.

وفي عام 2007، بدأت إدارة الرئيس "جورج دبليو بوش" تدافع عن معاهدة "التعهد والمراجعة" المناخية، المماثلة لتلك التي اُعتمدت في باريس. وبعد نصف عقد من الزمن، استخدم أوباما والأمم المتحدة نسخة أوسع من تلك الخطة عندما بدأوا العمل فيما أصبح يعرف باتفاق باريس.

وركزت انتقادات ترامب للاتفاق على قوته المزعومة، ففي يونيو/ حزيران الماضي، قال إن "واجبه الرسمي هو حماية أمريكا ومواطنيها" وهذا يتطلب منه الانسحاب من الاتفاق، مشيرًا إلى أن الوثيقة قوية بشكل مستحيل، وأنها تعود بالنفع على الصين والهند على حساب الولايات المتحدة.

وقال هيذر نويرت: "إننا نعتزم الانسحاب من اتفاق باريس حالما نكون مؤهلين للقيام بذلك، ما لم يرى الرئيس شروط المشاركة ملاءمة للأعمال الامريكية، ودافعي الضرائب".

وبموجب الشروط الأصلية لاتفاق باريس، يمكن للولايات المتحدة أن تعلن عن خطة جديدة للحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي في أي وقت، ويمكنها أن تختار البقاء في المعاهدة في أي وقت حتى عام 2020.

وحتى الآن لم يستخدم ترامب هذه السلطة، ووفقًا لاستطلاع أجرته جامعة ييل في وقت سابق من هذا العام، يريد حوالي 7 من كل 10 أمريكيين مشاركة أمريكا في اتفاقات باريس.

ويعد إعلان سوريا مشاركتها في المعاهدة، أول خبر رئيسي ينتج عن محادثات المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة هذا العام، والتي تجرى في بون بألمانيا هذا الشهر.

ونظرًا لأن الولايات المتحدة لا تستطيع الانسحاب رسميًا من اتفاق باريس حتى عام 2020، يشارك فريق من وزارة الخارجية في المحادثات، ولكن الخبراء يقولون إن قدرة الفريق على التفاوض ضعيفة بسبب انسحاب أمريكا المحتمل من هذه العملية.

وقال أوبنهايمر إن "الولايات المتحدة ابتعدت عن القتال في بداية حربين عالميتين، ثم وجدت أنها مضطرة للانضمام إلى القتال، وقادت الكفاح، وأنقذت العالم من الكوارث الفظيعة، وستضطر للانضمام إلى هذه المعركة أيضًا في نهاية المطاف، وسيتعين عليها أن تقود العالم في اتجاه حل كارثة فظيعة".

واختتمت الصحيفة بالقول "إن اتفاق باريس ليس قويًا، ولكنه خطوة للأمام، فالعالم أفضل به، حيث سيخفض الانبعاثات، وسيتيح الابتعاد عن الوقود الأحفوري.. المسألة هي مقدار الضرر الذي حدث حتى وصل العالم لهذه النقطة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com