استقرار كركوك في مهب الريح.. هل يفسد الحشد الشعبي ما خطط له العبادي؟
استقرار كركوك في مهب الريح.. هل يفسد الحشد الشعبي ما خطط له العبادي؟استقرار كركوك في مهب الريح.. هل يفسد الحشد الشعبي ما خطط له العبادي؟

استقرار كركوك في مهب الريح.. هل يفسد الحشد الشعبي ما خطط له العبادي؟

تمثل محافظة كركوك بالنسبة لأكراد العراق أهمية كبرى تجب المحافظة على هويتها الكردية، تلك المحافظة ،التي وصفها الرئيس الراحل جلال طالباني، مرة بأنها "قدس كردستان".

وكانت كركوك تحت سيطرة الجيش العراقي في 2014 ،الذي كان ينتشر داخل المدينة ،التي شهدت اشتباكات مع قوات "الآسايش" الكردية ،التي كانت هي الأخرى تسيطر على الأمن في الداخل.

ولكن إقليم كردستان استغل فرصة اجتياح تنظيم "داعش" لمناطق واسعة في شمال وغرب البلاد ،وانسحاب الفرقة الـ12 من الجيش العراقي ذلك العام، في زج وحدات قوات البيشمركة في المحافظة ،التي يحلم الأكراد بضمها إلى الدولة المستقبلية، التي ضلع حلمها من أيديهم بعد أزمة الاستفتاء وتداعياتها داخل الساحة الكردية، ورفض أطراف من الاتحاد الوطني الحاكم في كركوك لهذا الاستفتاء ،الذي قاده رئيس الإقليم مسعود بارزاني.

تلاشي حلم ضم كركوك شكل صدمة لمواطني الإقليم؛ الذين لم يصدقوا ما حدث، وهم يرون "قدسهم" بيد "الحشد الشعبي" وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وهو الأمر الذي عبر عنه شيخ كردي بالقول: "شعرنا بما شعر به العرب عام 1967، ليل حزين هبط على أربيل الجميلة".

وكان لافتًا مشهد البكاء والنحيب من قبل مقاتلي البيشمركة، فهم ضيعوا الأرض التي كلّفتهم نحو 27 عنصرًا بين قتيل وجريح للسيطرة عليها ،بالإضافة إلى مناطق سهل نينوى المتنازع عليها ،وشكّلت لهم ما سمّاه بارزاني "حدود الدم".

 استقرار كركوك .. لعبة بيد الحشد الشعبي

وتبدو رحلة البحث عن الاستقرار في المحافظة طويلة أمام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فتجربة زج "الحشد الشعبي" في المدينة كانت خطأً فظيعًا بحسب مراقبين، فالصورة الذهنية التي تشكّلت في عقول الأكراد عن الحشد الشعبي هي "الوحشية والقتل والانتهاكات والاعتداءات والخطف والتغييب ،كما حصل مع آلاف العرب السنة في مناطق صلاح الدين والأنبار ونينوى"، ومن ثم لا يمكن لتلك الصورة أن تُمحى بين ليلة وضحاها، خاصة مع الانتهاكات التي حدثت في طوزخورماتو وبثتها وسائل الإعلام الكردية وضخّمتها.

الحشد الشعبي له عدة تجارب في المحافظات الغربية السنية، فهم دائمًا يتحدثون عن انسحاب من المناطق التي سيطروا عليها ،مثل صلاح الدين والأنبار ونينوى، لكن في الحقيقة ما زالت هناك عشرات المقرات لفصائل الحشد ،وتشكل استفزازًا وعامل قلق للسكان .

وما حصل في كركوك هو نفسه الذي حدث في تلك المحافظات، حيث أمر رئيس الوزراء حيدر العبادي فصائل الحشد الشعبي بالخروج من المحافظة يوم الأربعاء، وتم الإعلان عن الخروج بشكل رسمي، لكن الغريب أن الحشد شارك ،أمس الجمعة، في مواجهات آلتون كوبري، حسب ما أعلنته خلية الإعلام الحربي التابعة لوزارة الدفاع.

وقال رئيس مجلس محافظة كركوك ريبوار طالباني، الذي خرج مع اجتياح القوات العراقية للمدينة إلى أربيل، إن منزله في وسط كركوك استولت عليه "مليشيات عصائب أهل الحق"، مضيفًا أن "الأكراد والعرب والتركمان يتعرضون للظلم في كركوك".

وأشار طالباني، إلى أن "أغلب أعضاء مجلس كركوك عن كتلة التآخي غادروا المدينة هربًا من ممارسات الحشد الشعبي، وهو ما يعطي صورة أولية أن دخول القوات العراقية سيشعل صراعًا مسلحًا يأخذ شكل حرب العصابات أو الأفراد المسلحين".

مسلحون متطوعون يبرزون إلى الواجهة

ويقول مراقبون، إن "شكل الصراع المستقبلي في كركوك سيأخذ شكل المقاومة الفردية أو ظهور تشكيلات مسلحة بأسماء واضحة تتلقى دعمًا ربما من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو ما بدأ بالفعل خلال اليومين الماضيين".

وتحدث الإعلام الكردي عن اندلاع اشتباكات مسلحة بين شبان أسماهم "متطوعين" والقوات العراقية في كركوك، وتمكنوا من تفجير "عدة همرات" تابعة للحشد الشعبي.

وأضاف أن "المسلحين المتطوعين أطلقوا النار على الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية ،واشتبكوا معهم لمدة 20 دقيقة، يوم الأربعاء، واستخدموا الأسلحة الثقيلة في الاشتباكات ،التي اندلعت بين الجانبين"، وهو الأمر الذي يعطي إشارة واضحة إلى بودار فصائل مسلحة قد تتهيأ للظهور في ظل البيئة الخصبة ،وعدم التعاطي مع المجتمع الكردي ،حتى من قبل القيادات الأمنية التي دخلت المحافظة.

ففي أول مؤتمر صحافي عقده قائد عمليات شرق دجلة ،اللواء علي فاضل ،بعد السيطرة على المحافظة، توجهت أنظار المواطنين العرب والأكراد إلى أول إعلان بعد العملية العسكرية ،التي استغرقت نحو نصف يوم، إلا أن اللواء علي فاضل منع قائد شرطة المحافظة الكردي اللواء خطاب عمر من التحدث باللغة الكردية لطمأنة المواطنين بشان الأحداث، وهو ما أثار استياء الشارع الكردي بشكل عام.

وما يعزز فرضية قيام حراك مسلح داخلي هو وجود عشرات العناصر من قوات الآسايش الكردية ،الذين كانوا في كركوك للحفاظ على الأمن، لكنهم اليوم وجدوا أنفسهم أمام مستقبل مجهول لم يتضح لغاية الآن، إما العودة أو الطرد، وإذا كانت العودة فإنها ستكون شكلية بلا أي صلاحيات حقيقية كما في السابق.

حزب العمال.. ورقة ضاغطة بيد بارزاني

ويرى مراقبون ونواب في البرلمان، أن رئيس الإقليم مسعود بارزاني لجأ مؤخرًا إلى استغلال ورقة "حزب العمال الكردستاني" الموجود في كركوك منذ أعوام ،خاصة في الأحياء الكردية الواقعة شمالي المحافظة.

وكشف النائب في البرلمان نيازي أوغلو ،أمس الجمعة، عن وجود حزب العمال الكردستاني في خطوط الصد الأولى ضد قوات الجيش العراقي ،التي تتقدم لفرض الأمن في عموم المحافظة، مضيفًا أن عناصر حزب العمال موجودون في شمال كركوك ،ويقومون بمهاجمة القوات الأمنية.

ورغم الخلافات بين حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، إلا أن استغلال تلك الورقة غير مستبعد، في ظل الاستقطابات الإقليمية وتخلي الكثير من الحلفاء عن بارزاني ،الذي وجد نفسه في عزلة دولية وإقليمية.

ورغم الأنباء التي تتحدث عن دفع حكومة بغداد رواتب مقاتلي حزب العمال الكردستاني عن طريق ميزانية الحشد الشعبي، كما هو الحال في سنجار، إلا أن الأمر قد يختلف عنه في كركوك التي غيرت بوصلة التحالفات بسرعة خاطفة.

واعتبرت الحكومة العراقية ،الأسبوع الماضي ،وجود مقاتلين من حزب العمال الكردستاني التركي في محافظة كركوك بمثابة إعلان حرب.

كما أكد الأمين العام لوزارة البيشمركة ،جبار ياور، لوكالة فرانس برس، أن هناك بعض المتطوعين ،الذين يتعاطفون مع هذا الحزب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com