ما دلالات رفع العقوبات الأمريكية عن السودان؟
ما دلالات رفع العقوبات الأمريكية عن السودان؟ما دلالات رفع العقوبات الأمريكية عن السودان؟

ما دلالات رفع العقوبات الأمريكية عن السودان؟

قررت الولايات المتحدة رفع العقوبات المفروضة على السودان منذ 20 عامًا، وذلك بعد أن بدأ التحرك الفعلي في الملفات المثيرة للقلق خاصة تلك المتعلقة بمحاربة الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان لسكان منطقة دارفور غربي البلاد.

وجاء القرار الأمريكي، الجمعة، برفع العقوبات وإنهاء الحظر الاقتصادي ضد السودان بعد أن رفعت إدارة الرئيس دونالد ترامب اسمه الشهر الماضي، من قائمة الدول التي يخضع مواطنوها لقيود صارمة لدخول الولايات المتحدة. وكان السودان البلد الوحيد الذي يرفع اسمه من القائمة.

ورغم هذه التطورات إلا أن واشنطن لم ترفع عقوبات أخرى ضد أفراد سودانيين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال دولية بسبب تورطهم في انتهاكات إبان الصراع في دارفور. كما أن اسم السودان مازال مدرجًا على قائمة الدول الراعية" للإرهاب"، رغم مطالبته المستمرة بالرفع من هذه القائمة، فيما تجري واشنطن مراجعة مستقلة بهذا الشأن.

ويعكس تغير الموقف الأمريكي تحولًا إستراتيجيًا في كيفية إحداث إصلاحات في السودان، تحت حكم الرئيس عمر حسن البشير ،الذي تولى السلطة في انقلاب عسكري عام 1989.

فبدلًا من الاعتماد فقط على معاقبة النظام بمختلف العقوبات، تستخدم إستراتيجية جديدة لتخفيف العقوبات كحافز للتشجيع على إجراء المزيد من التغييرات ،وفقًا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

وتعد إستراتيجية تخفيف العقوبات جزءًا من التحركات الأمريكية لحشد المزيد من الدول لعزل كوريا الشمالية دبلوماسيًا.

وقال مسؤول بالخارجية الأمريكية إن هذا الأمر لم يكن شرطًا واضحًا لرفع العقوبات عن السودان، لكن واشنطن أخبرت الخرطوم صراحة بأن الجانب الفعال والحيوي لعلاقات البلدين حاليًا يقتضي الالتزام بقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المتعلقة بمعاقبة كوريا الشمالية.

وكانت الأمم المتحدة قد اتهمت السودان بالتعاون مع كوريا الشمالية في مجال الأسلحة.

وذكر تقرير صدر العام الماضي، أنه اشترى صواريخ جو أرض من شركة واجهة "وهمية" لأهم متعهد عسكري لبيونغ يانغ يدعى "شركة كوريا لتنمية التعدين والتجارة"، والمدرجة على لائحة العقوبات الأمريكية منذ العام 2009.

 وبدأت الولايات المتحدة إجراءاتها العقابية ضد الخرطوم العام 1997، بسبب المخاوف من تورط السودان في دعم الإرهاب، كما فرضت عقوبات أخرى في 2006، بسبب انتهاكات وقعت إبان الصراع الدموي في إقليم دارفور.

وبدأت واشنطن تخفيفًا مؤقتًا للعقوبات على السودان في يناير الماضي، قبيل مغادرة الرئيس السابق باراك أوباما البيت الأبيض.

وقرر الرئيس ترامب، في يوليو الماضي، تمديد فترة مراجعة العقوبات ثلاثة أشهر أخرى، وهو ما أغضب الجانب السوداني ،الذي كان يتوقع رفع العقوبات في ذلك الوقت، وقرر وقف لقاءات منخفضة المستوى مع مسؤولين أمريكيين ،لكن مع استمرار التنسيق رفيع المستوى بين البلدين.

وأوضح مسؤول بالخارجية الأمريكية يعمل على الملف، إن الإدارة سوف تواصل دفع السودان نحو المزيد من التقدم وتمهيد الطريق لعودة أكثر من مليوني شخص إلى مناطقهم ،التي فروا منها في دارفور جراء الصراع.

وقال المسؤول ،الذي لم يكشف عن هويته "نرى هذا علامة بارزة هامة، لكنها خطوة واحدة على طريق يحتاج وقتًا طويلًا ؛ليصل السودان إلى المكان الذي نريده".

وتابع: "إنها علامة حقيقية، تدفع ما كان علاقة سيئة للغاية وصعبة في اتجاه جديد وإيجابي. وهذا لا يعني انتهاء الأمر بل هناك الكثير للقيام به. هذه خطوة أولى مثمرة ".

ودائمًا ما أشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى السودان كبلد يثير قلقًا خاصة في تقييم حقوق الإنسان والحرية الدينية. كما أن الرئيس البشير مطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية ؛لمواجهة تهم الإبادة الجماعية المتعلقة بالنزاع في دارفور.

ويمثل المسلمون الأغلبية الساحقة في السودان، وهناك مراقبة للمسيحيين ،الذين بقوا في السودان بعد إعلان جنوب السودان الاستقلال في العام 2011.

ويرى مسؤولون أمريكيون أن السودان حقق تقدمًا في مكافحة الإرهاب، وذلك بعد أن كان يستضيف على أراضيه زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في فترة التسعينيات.

وأكد مسؤولون سودانيون على وجود تعاون مع الولايات المتحدة في هذا المجال منذ هجمات الـ11 من سبتمبر 2001.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية إن السودان تعاون فى مواجهة المسلحين بالداخل ،وفى جميع أنحاء شمال أفريقيا ،من خلال المساعدة فى وقف محاولات" الإرهابيين" عبور البلاد.

كما شهد المسؤولون الأمريكيون تقدمًا في المجال الإنساني. وأعلنت الحكومة وقف إطلاق النار من جانب واحد في المناطق التي يقاتل فيها الجيش السوداني المتمردين، وأتاحت مزيدًا من سبل وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المشردين.

وهناك أيضًا عوامل جيوسياسية وراء القرار الأمريكي برفع العقوبات.

فقد حثت المملكة العربية السعودية والإمارات واشنطن على تخفيف العقوبات عن السودان لتشجيعه على الابتعاد عن إيران.

كما أن جميع التقارير تشير إلى تعاون البشير في حل أزمة جنوب السودان، كما تشير إلى توقفه عن إرسال الأسلحة والدعم المادي للمتمردين في جنوب السودان.

وتريد واشنطن تشجيع الجهود الإقليمية ؛لإنهاء المعارك هناك ،والتي أدت لأكبر موجة من اللاجئين منذ ابادة رواندا.

وقد شعر بعض نشطاء حقوق الإنسان بالقلق من أن تخفيف العقوبات سيطيل حكم البشير.

وفى الأسبوع الماضى كتب أعضاء بالكونغرس الأمريكي رسالة إلى وزير الخارجية ريكس تيلرسون أشاروا فيها إلى "الدعم التاريخى للإرهاب الدولي"، وحثوه على التأكد من تعويض الضحايا الأمريكيين قبل رفع العقوبات.

ومع هذا فقد اعترفت إدارة أوباما من قبل بأن العقوبات وحدها لم تكن فعالة.

وقال زاك فيرتين، الدبلوماسي السابق الذي عمل في قضايا السودان خلال إدارة أوباما: "منذ فترة طويلة جدًا، عززت واشنطن سياسة العقاب فقط، وقد فشلت منذ عقدين. ويوافق الجميع على أن التغيير ضروري."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com