تناول الإعلام الرسمي لـ"المأساة الوطنية" يثير  جدلا بالجزائر‎ (فيديو)
تناول الإعلام الرسمي لـ"المأساة الوطنية" يثير جدلا بالجزائر‎ (فيديو)تناول الإعلام الرسمي لـ"المأساة الوطنية" يثير جدلا بالجزائر‎ (فيديو)

تناول الإعلام الرسمي لـ"المأساة الوطنية" يثير جدلا بالجزائر‎ (فيديو)

هاجمت فعاليات سياسية ومدنية جزائرية، التلفزيون الرسمي عقب بثّه صورًا صادمة تُوثّق لجرائم بشعة ارتكبتها جماعات متشددة خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضي أثناء عصيان عناصر "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" و"الجيش الإسلامي للإنقاذ" وتوجههم إلى حمل السلاح، احتجاجًا على إلغاء الانتخابات التشريعية الشهيرة عام1991 من طرف قادة الجيش الجزائري حينذاك.

توظيف الصورة

واستهجن سياسيون استغلال الذكرى الـ12 لميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي عرضه الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة على الاستفتاء الشعبي في 29 سبتمبر/أيلول 2005، لعرض مشاهد قتل الأبرياء بنواحٍ متفرقة من البلاد، ليس لبشاعتها فحسب بل لتوظيفها في أجندة سياسية مرتبطة أساسًا بانتهاج حكومة أحمد أويحيى الجديدة لإجراءات مشددة.

وأطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، حملة إدانة واسعة النطاق ضد الحملة الإعلامية الأخيرة لتلفزيون الحكومة الذي لم يتعود- بحسبهم- على الخوض في مثل هذه المسائل بهذه الرؤية التي تجسد سياسة إعلامية جديدة تنتهجها الحكومة في مواجهتها لغضب الشارع من إجراءات مواجهتها للأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد.

شخصنة المصالحة

وبشكل مفاجئ، عمد التلفزيون الجزائري الحكومي إلى بثّ برنامج تلفزيوني عنوانه "حتى لا ننسى.." وفيه يُصدم المشاهدون بصور الأشلاء المتناثرة لأطفال أبرياء من أفواج الكشافة الجزائرية الإسلامية إثر انفجار قنبلة زرعها مسلحون عام 1996، إضافة إلى مشاهد من الرعب والدمار والمأساة لأسر جزائرية فُجعت في مقتل أقاربها ومعارفها.

وفي خضمّ ذلك، تعرض خطب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التي روّج فيها لسياسة الوئام المدني عام 1999 فور انتخابه رئيسًا للبلاد ثمّ سياسة المصالحة الوطنية التي عرضها على استفتاء الجزائريين في خريف 2005، وهو ما فُهم على أنه "ترويج لإنجازات بوتفليقة واعتباره صاحب الفضل في إطفاء نار الإرهاب دون غيره من الساسة والعسكر".

وندد المرشح الرئاسي لانتخابات2014، عبد العزيز بلعيد، وهو رئيس حزب جبهة المستقبل، بإقدام التلفزيون الرسمي على بثّ صور مرعبة ومشاهد صادمة من المأساة الوطنية، معتبرًا ذلك "إرهابًا إعلاميًا يُراد به ترهيب الشعب الجزائري".

واستنكر عبد العزيز بلعيد الذي رفض الالتحاق بحكومات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، سعي أطراف سياسية وحكومية إلى "فتح ملف العشرية السوداء في هذا التوقيت بالذات.. وهو توقيت سابق لأوانه ولا يخدم البلاد لأن الجروح لا تزال مفتوحة، ولا يجب أن ينسى الجزائريون أن بوتفليقة كان خارج البلاد حين تم وضع قانون الرحمة الذي جاء به الرئيس السابق اليمين زروال".

وقال رئيس الكتلة النيابية لحركة مجتمع السلم أكبر حزب إسلامي معارض، إن التلفزيون الحكومي نفّذ "اعتداءً على الذّوق العام، ومساسًا بالسّكينة العامة في المجتمع"، مستغلاً المشاهد المروعة في ذكرى المصالحة الوطنية لأهداف سياسية.

وهاجم ناصر حمدادوش في بيان وصل لـ"إرم نيوز"،  ما اعتبره "إيحاءاتٌ سلبية، بالابتزاز والمساومة والمقايضة بين الأمن والاستقرار أو القبول بالوضع الحالي والإجراءات الجديدة للأزمة والحلول الانفرادية للسلطة والتلويح بالحلول والمقاربات الأمنية، في وقت تحتاج الجزائر إلى مزيدٍ من رسائل الطمأنة".

ورأى القيادي الإسلامي أن حكومة رئيس الوزراء أحمد أويحيى ودوائر صنع القرار، تعتمدان على مثل هذا السلوك الإعلامي المستفِزّ بممارسة نوعٍ من الإرهاب المعنوي، وعدم التفكير في الإصلاح أو التغيير، ووضع المواطن البسيط في مقارنةٍ ساذجةٍ بين ما كنّا فيه وما أصبحنا عليه".

سريان أحكام المصالحة

ويأتي ذلك، في خضم الدعوات التي وجهتها جهات قضائية وعسكرية، إلى المسلحين الذين لايزالون في الجبال ونصحتهم بـالتخلي عن أسلحتهم وتسليم أنفسهم لمصالح الأمن والجيش الجزائري والعودة إلى حضن المجتمع وعائلاتهم وفق التدابير القانونية المنصوص عليها.

وذكر المُدّعي العام بمجلس قضاء جيجل وهي المحافظة الشرقية التي شهدت خلال الأسابيع الأخيرة، استسلام عشرات المسلحين وبينهم أمراء التحقوا بالجماعات المتشددة قبل ربع قرن، أنّ هؤلاء يخضعون لتدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أصدره الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعد الاستفتاء الشعبي في 29 سبتمبر/أيلول 2005 .

ونفى المسؤول القضائي ذاته، وقف سريان أحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية فيما يتعلق بإدماج المسلحين الراغبين في الاستسلام والتخلي طوعًا عن حمل السلاح ضدّ قوات الجيش والأمن الوطني، بعدما راج أنّ "تائبين" واجهوا مؤخرًّا عراقيل في الإدماج بالمجتمع المحلي.

وقال بوجمعة لطفي في تصريحات تزامنت مع مرور 12 عامًا على بدء سريان أحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية بالجزائر، إن السلطات القضائية عالجت كافة القضايا بموجب التدابير التي أقرها قانون أصدره رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة بعد استفتاء شعبي لإنهاء "المأساة الوطنية" التي نجمت على وقف المسار الانتخابي وعصيان عناصر الحركات الإسلامية.

وتنصُّ أحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية على السماح للمسلحين بتسليم أسلحتهم والنزول من الجبال للاستفادة من تدابير العفو وتسوية وضعية المسلحين السابقين والمفقودين، وإعانة عائلات الإرهابيين الذين قتلوا بمواجهات مع عناصر الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن الجزائري.

وأشار بوجمعة إلى أن السلطات الجزائرية "اعتمدت مقاربة في مكافحة الإرهاب تقوم على مبدأ المكافحة القانونية والأمنية، وتماشيًا مع هذا نجد أسلوب سياسة المصالحة الوطنية والتي بدأت بالوئام المدني ومرافقة التائبين مع وضع الإطار القانوني والتنظيمي لهذه العملية ، وقد كرّس دستور 2016 لأول مرة مسألة المصالحة الوطنية كمبدأ دستوري".

ولفت المدعي العام ذاته أن "الباب لم يغلق بتاتا في وجه المسلحين الراغبين في التخلي عن السلاح والعودة إلى الحياة الطبيعية مع المجتمع"، مبرزًا أن ملف المفقودين الذي ما يزال يشكل إشكالاً بقضية "المأساة الوطنية" التي مرت بها البلاد، قد جرى التكفل به من خلال معالجة بعض الحالات "وفق قاعدة قانونية فريدة من نوعها، موضحًا أن حالات كثيرة تخصّ الذين قدموا ملفات المفقودين قد استفاد ذووهم من التعويضات القانونية".

وأعرب رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى عن أمله في أن "تستجيب العناصر المنتمية للجماعات المتشددة لهذا النداء والعودة إلى جادة الصواب والالتحاق بآلاف الشباب الجزائري الذي استسلموا للأمن الجزائري".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com