الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض مسيرة اقتربت من إسرائيل من ناحية الشرق
قلبت إسرائيل الفشل الاستخباراتي الذي ذاقت مرارته في عام 2006 خلال حربها مع حزب الله، إلى تفوق تكنولوجي انعكس على أداء أجهزتها الاستخباراتية بشكل كبير، سواء في حرب غزة، أو في الحرب على لبنان اليوم.
وكان الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، قال في 3 أغسطس/آب 2010، إن "كل من يريد أن يُبعد الحرب عن لبنان، وكل من يريد أن يُلغي الحرب على لبنان، عليه أن يُواصل العمل الأمني في كشف الجواسيس، لأن العدو الإسرائيلي دون معلومات هو فيلٌ أعمى لا يستطيع أن يُحقق أي شيءٍ من أهدافه".
واليوم، بعد 14 سنة على هذه الكلمات، وتحديدا خلال الحرب في غزة، والحرب مع حزب الله، تقدم إسرائيل أمثلة مهمة عن التطور في قدرات جمع المعلومات والتحليل الفوري لها.
ويقول مصدر عسكري لـ"إرم نيوز"، إن استهداف صالح العاروري، في 2 يناير/كانون الثاني، ومحمد الضيف ورافع سلامة، في 13 يوليو/تموز، واستهداف فؤاد شكر قبل حوالي شهرين، وما بعده من استهدافات متتالية لقادة الصف الأول من عسكريين وأمنيين وسياسيين في حزب الله، وصولا لاغتيال نصرالله نفسه، هي عمليات ما كانت لتتم بالطرق التقليدية -عبر الجواسيس والعملاء على الأرض- بل بالاستفادة من القفزة التقنية، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، وما تتيحه من قدرات لا يمكن تخيلها سابقاً.
ويضيف المصدر أنه على الرغم من تواتر الحديث عما توفره هذه القدرات في المجال العسكري، يبدو أن أتباع "حماس" و"حزب الله" لم يدركوا حجم التغيير الذي تخلقه هذه القدرات في المجال العسكري، فاستمر قادتهم العسكريون بالتحرك بشكل شبه مكشوف معتقدين أن إسرائيل ستبقى "فيلاً أعمى" ما لم تمتلك عملاء على الأرض.
ويلفت إلى أن "من يريد أن يفهم تاريخ عمليات حروب العصابات، والعمليات الحربية غير المتناظرة، أو حروب التحرير (أو غيرها من المسميات المختلفة)، فإن عليه أن يراجع كل معارفه، فكل ما شهدناه في التاريخ المعاصر من هذه العمليات في كفة، وحرب غزة ولبنان في كفة أخرى.
ويشير المصدر العسكري إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي قوض العديد من التكتيكات التي راهنت عليها لعقود الجماعات المسلحة غير النظامية.
ولعل أكثرها شيوعاً زرع العبوات المفخخة، وهذا ما استخدم بفعالية كبيرة في حرب لبنان 2006، وفي حروب غزة المختلفة. ولكن في الحرب الأخيرة انخفضت فعالية هذا التكتيك إلى حد بعيد (أكثر من 95%).
ويقول: من الصحيح أن عشرات الجنود الإسرائيليين قتلوا في مواقع مفخخة. لكنه يتساءل بعد ذلك: هل تعلمون كم حجم العبوات الناسفة التي نشرتها "حماس"؟ الفرقة 162 (وهي واحدة من حوالي 10 فرق تناوبت على العمل في غزة) تعاملت وحدها مع 95 ألف موقع مفخخ في غزة، منها 14 ألفاً في منطقة رفح وحدها.
ويتابع: لو انفجر 1% من هذه المواقع بالجنود الإسرائيليين لقتل قرابة الألف (فقط عبر العبوات الناسفة). "وأكرر هذا الرقم يخص فرقة واحدة وهي فرقة دبابات، وليست فرقة مشاة أو فرقة هندسية ممن تكلف عادةً بهذه المهام".
المصدر يجزم أن إسرائيل تستفيد بشكل كبير من الأبحاث الأمريكية في هذا المجال، فضلاً عن أبحاثها الخاصة. ولكن المهم هنا هو أن العالم كله يتغير، بينما ما زال البعض مصرا على دفن رأسه في الماضي الرومانسي، فيما الواقع بات في مكان آخر.
ويؤكد المصدر أن إسرائيل تدشن من خلال عملياتها في غزة ولبنان ما يسمى بمرحلة "حروب المستقبل"، التي تعتمد بشكل متزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.