يرى خبراء ومختصون سياسيون، أن عدة عقبات تواجه حركتي فتح وحماس فيما يتعلق بإدارة غزة في اليوم التالي للحرب الإسرائيلية على القطاع، المندلعة منذ نحو عام.
وأكد الخبراء والمختصون أن تلك العقبات قد تؤدي إلى فشل ذريع في إدارة قطاع غزة بعد الحرب.
ومن العقبات التي ستواجه الحركتين، تقاسم الصلاحيات والشراكة السياسية والإدارية لغزة، وملف إعادة الإعمار، والعلاقات الدولية والإقليمية، وحكومة التوافق المطلوب تشكيلها لإدارة القطاع وإعادة تأهيله بالكامل.
وقبل أيام، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، أن الحركتين ستجتمعان قريبًا في العاصمة المصرية، لافتًا إلى أن السلطة الفلسطينية ستتولى إدارة قطاع غزة بعد الحرب بمشاركة جميع الفصائل.
ويعد ملف إعادة إعمار غزة من أصعب الملفات التي تواجه أي جهة ستتولى إدارة القطاع بعد الحرب، بسبب الدمار الكبير الذي لحق به إثر العمليات الإسرائيلية المكثفة، ونسف آلاف المباني السكنية.
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي، يونس الزريعي، إن "القطاع يحتاج للمليارات من أجل إعادة إعماره، إضافة إلى معدات وأجهزة غير موجودة في غزة، وهو الأمر الذي يصعب المهمة"، مبينًا أن القطاع بحاجة لأعوام لإزالة الركام قبل استئناف إعادة إعماره.
وأوضح الزريعي، لـ"إرم نيوز"، أنه "لا يمكن لأي جهة لا تحظى بقبول دولي أن تتولى هذا الملف، كما أنه قد يواجه بشروط وعراقيل داخلية، إضافة إلى عراقيل ستضعها إسرائيل لإطالة أمد إعادة الإعمار، وإشغال الفلسطينيين بهذا الملف لأعوام وعقود".
وأضاف "بتقديري سيؤدي هذا الملف لإفشال أي جهود للتوافق بين حركتي فتح وحماس لإدارة غزة بعد الحرب؛ إلا في حال قدمت الأخيرة تنازلات غير مسبوقة، وتركت للسلطة الفلسطينية مسؤولية إعادة إعمار القطاع".
ويعتبر تقاسم الصلاحيات والشراكة السياسية من الملفات الشائكة التي قد تعيق إدارة غزة بعد الحرب، خاصة أن حركتي فتح وحماس تسعيان للحصول على أكبر مكاسب سياسية وإدارية من حكم القطاع، وهو ما أفشل جميع الاتفاقيات بينهما.
ووفق الزريعي، فإن حماس ترفض تقديم تنازلات جوهرية فيما يتعلق بإدارة غزة والشراكة مع الفصائل الفلسطينية وحركة فتح، لافتًا إلى أن التدخلات الإقليمية لحلفاء حماس تمثل العائق الرئيسي أمام تحقيق أي اختراق بهذا الملف.
وتابع: "الحركة لا يمكن أن تتنازل بالملفات الأمنية والإدارية، كما أنها لن تبدي تعاونًا مع السلطة الفلسطينية في الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية، وهو ما سيعيق أي اتفاق للشراكة وتقاسم السلطة بين الجانبين".
واستكمل الزريعي: "بتقديري هذا الملف سيكون عاملًا في إفشال أي اتفاق لإدارة القطاع، ولا يمكن أن يتحقق أي تقدم فيه إلا بقبول حماس التنازل عن نسبة كبيرة من صلاحياتها، والتأكيد على عدم رغبتها في مواصلة إدارة غزة".
ومن شأن هذا الملف أن يحدث خلافًا بين مختلف الأطراف فيما يتعلق بإدارة القطاع، خاصة أن أي مساعٍ لترميم العلاقات الدولية والإقليمية لغزة ستصطدم بمواقف حماس، التي ترفض الإقرار بفشلها في إدارة غزة واتخاذ مواقف وقرارات خاطئة.
من جانبه، قال المحلل السياسي، محمد هواش، إن "المجتمع الدولي سيطلب من فتح والسلطة الفلسطينية ضمانات من أجل البدء في تقديم المنح والمساعدات لإعادة إعمار غزة، تتعلق بعدم إقدام حماس على تنفيذ أي هجمات تؤدي إلى تدمير القطاع لاحقًا".
وأوضح هواش، لـ"إرم نيوز"، أن "السلطة الفلسطينية لن تتمكن من تقديم هذه الضمانات للمجتمع الدولي؛ نظرًا لأن حماس ترفض الالتزام بقرارات السلطة ومنظمة التحرير، كما أن حلفاءها الإقليميين سيضغطون عليها لرفض ذلك".
وأضاف "في هذه الحالة، فإن الشراكة بين فتح وحماس لإدارة غزة لن تنجح، خاصة أنها لن تقدم أي إنجاز للسكان، ولن تتمكن من البدء في إعادة إعمار القطاع، أو ترتيب الملفات العالقة"، مشددًا على أن غزة ستصبح مكانًا غير صالح للحياة.
ووفق التقديرات، فإنه من الصعب الاتفاق بين فتح وحماس على تشكيل حكومة مشتركة تخلو من أي من قيادات الأخيرة أو مقربين منها، والتي سيكون هدفها الأساسي العمل من أجل الحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأشار هواش، إلى أن "حماس لن تقبل بالالتزام بالبرنامج السياسي لأي حكومة فلسطينية، والذي هو بالأساس برنامج منظمة التحرير، الذي يقوم على الاعتراف باتفاق أوسلو الموقع مع إسرائيل"، مبينًا أن حماس تحاول إلغاء هذا الاتفاق.
وختم هواش قائلًا: "بتقديري حماس ستسعى لاتفاق سياسي غير مباشر مع إسرائيل يعزز حكمها للقطاع، ويمكنها من إعادة إعماره عبر الهيئات الدولية"، مشددًا على أن الحركة لديها استعداد لتقديم أكبر قدر من التنازلات من أجل ذلك، بما فيها الهدوء طويل الأمد مع إسرائيل.