المهن "الدونية" ترتقي بنظر السعوديين في عهد التقشف الحكومي
المهن "الدونية" ترتقي بنظر السعوديين في عهد التقشف الحكوميالمهن "الدونية" ترتقي بنظر السعوديين في عهد التقشف الحكومي

المهن "الدونية" ترتقي بنظر السعوديين في عهد التقشف الحكومي

حظي شاب سعودي يعمل في مسح زجاج السيارات، بإعجاب آلاف المدونين السعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يبدو أنه بداية تغيير في نظرة أبناء البلد الخليجي النفطي لكثير من المهن التي كانوا ينفرون منها حتى الأمس القريب، وأصبحت تستقطب المزيد منهم مع تراجع مزايا الوظائف الحكومية وصعوبة الحصول عليها.

وأصبح رائد البلوي حديث السعوديين، عندما ظهر في مقطع فيديو وهو يتحدث عن عمله في مسح زجاج السيارات بإحدى محطات الوقود في المدينة المنورة، رغم كونه طالبًا جامعيًا يدرس في إحدى جامعات المملكة.

ولقي مقطع الفيديو الذي تحدث فيه البلوي بفخر عن عمله في مسح زجاج السيارات وأعمال حرة أخرى يقوم بها، تداولًا لافتًا على مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة، وسط إشادة كبيرة وإعجاب بتواضع الشاب وإقباله على العمل.

ويقول البلوي إنه يتعرض للانتقادات من بعض الشباب السعوديين الذين ينصحونه بالتوجه لمهن أخرى تلقى قبولًا في المجتمع، على حد وصفهم، لكنه لا يتأثر بمثل تلك الدعوات ويواصل عمله بمعرفة أسرته، بينما يمتلك سيارتين لحد الآن بفضل المال الذي يجنيه من عمله.

ولم تعد تجربة البلوي نادرة في المملكة، مع انخراط مزيد من الشباب السعوديين العاطلين عن العمل في مهن بالقطاع الخاص الذي فشلت كل محاولات الحكومة السعودية في السابق بإقناع السعوديين بالتوجه إليه بدل إصرارهم على الوظائف الحكومية التي فقدت جزءًا من بريقها بعد إيقاف صرف كثير من المزايا والبدلات المالية للموظفين الحكوميين.

وتحفل مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة بكثير من القصص المشابهة لتجربة البلوي، فيما تسلط وسائل الإعلام المحلية الضوء على قصص نجاح شبان سعوديين في عملهم بالقطاع الخاص، الذي وجد بعض السعوديين أنه أصبح خيارًا لا يقل أهمية عن الوظائف الحكومية.

وقال مسؤول سعودي في وزارة الشؤون البلدية والقروية، لـ"إرم نيوز"، إن "وقع تجربة رائد البلوي وأمثاله في العمل بمهن حرة على نفوس الشباب السعوديين، أكبر من كل دعوات وبرامج الوزارات والمؤسسات الحكومية التي ظلت تدعوهم للسنوات بالتوجه للقطاع الخاص دون استجابة تذكر".

وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "وزارة الشؤون البلدية والقرية ستواكب التغيير الحاصل في المجتمع ونظرته لكثير من المهن الحرة، وستعمل في الفترة المقبلة على تسهيل عمل الراغبين منهم من خلال سن تشريعات وتسهيلات لهم".

وأوضح أن "هناك وعيًا جديدًا يتشكل لدى الشباب العاطلين عن العمل في المملكة تعكسه تدويناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتوا من خلالها شريكًا في النقاش الحكومي الدائر حول أفضل السبل لمواجهة التحديات الاقتصادية مع تراجع أسعار النفط".

وكتب أحد السعوديين معلقًا على تجربة البلوي: "كفو والله يا رائد إنك تواجه معضلة كبيرة تواجه الشباب السعودي وهي الخجل من أداء عمل ميداني لكسب المال، الله معك".

وقال آخر مطالبًا بتكريم البلوي: "فعلا تكريمه مطلب، بسبب ثقته بنفسه وكسره لحاجز نظرة الناس الخاطئة التي يخشاها الكثير للأسف".

ويدرس بنك التنمية الاجتماعية الحكومي حاليًا، مشروعًا جديدًا لتشجيع الشباب السعوديين على العمل في مهن حرة لصالح أنفسهم من خلال منحهم قروضًا لشراء سيارات البيع المتنقلة، والتي تشتمل على المطاعم الصغيرة، وسيارات المثلجات، والبوفيهات، وسيارات البيع الأخرى المختلفة، التي تجنب السعوديون العمل بها طوال عقود، واقتصرت على الوافدين الأجانب.

ومن شأن هذا المشروع الذي كشفت عنه صحيفة "المدينة"، أن يرفع عدد السعوديين العاملين في تلك المهن، وإحداث تغيير جذري في المجتمع السعودي، الذي يعتمد على نحو عشرة ملايين وافد أجنبي من مختلف الجنسيات يعملون في تلك المهن "الدونية" بنظر السعوديين.

ومنذ هبوط أسعار النفط عام 2014 من مستوى يتجاوز 100 دولار للبرميل لأكثر من النصف حاليًا، أصبحت الآفاق قاتمة بعض الشيء، إذ تباطأ معدل نمو الاقتصاد السعودي مع تسجيل عجز في الميزانية، وبات من الصعب توفير وظائف للمواطنين في القطاع العام مقارنة بالسنوات الماضية، وأصبح خلق فرص عمل للسعوديين في القطاع الخاص إحدى الأولويات الكبرى للحكومة من أجل خفض معدل البطالة البالغ حالياً نحو 12%.

وتسعى المملكة بالفعل لسعودة (إحلال موظفين سعوديين مكان الوافدين الأجانب) قطاعات أخرى غير قطاع الاتصالات، الذي أصبح جميع العاملين فيه من السعوديين قبل أشهر، مثل الأجهزة الإلكترونية، والحاسبات، وسيارات الأجرة، والسفر، والسياحة، والعقار، وبيع الذهب والمجوهرات، وأسواق الخضار.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com