السعودية توسّع استراتيجيتها المضادة لإيران خارج حدود الشرق الأوسط
السعودية توسّع استراتيجيتها المضادة لإيران خارج حدود الشرق الأوسطالسعودية توسّع استراتيجيتها المضادة لإيران خارج حدود الشرق الأوسط

السعودية توسّع استراتيجيتها المضادة لإيران خارج حدود الشرق الأوسط

وسّعت المملكة العربية السعودية من مواجهتها لإيران إلى أبعد من منطقة الشرق الأوسط، متخلية عن اعتمادها الكبير على الحلفاء الغربيين لإخماد طموحات طهران خارج العالم العربي.

ومنذ أن تسلم الملك سلمان السلطة في مطلع العام الماضي، وعقدت طهران الاتفاقية النووية مع القوى العالمية، "عدّلت" الرياض من استراتيجياتها لمواجهة جهود طهران لبناء نفوذ في أفريقيا وآسيا وحتى أمريكا اللاتينية، مع عدم إغفال إنشاء السعودية لتحالف إسلامي يهدف إلى مكافحة الإرهاب دون دعوة إيران للانضمام إليه.

وقال مهران كامرافا، الأستاذ في جامعة جورج تاون في قطر بحسب ما ذكرته وكالة رويترز للأنباء، "من نواحٍ متعددة، بدأ التنافس بين السعودية وإيران يتجاوز منطقة الشرق الأوسط. وهذا تطور مثير للاهتمام لم يحصل من قبل."

طفح الكيل

وصرح وزير الخارجية السعودي عادل جبير في مؤتمر صحفي عقد مؤخراً: "إيران هي التي عزلت نفسها من خلال دعمها للإرهاب، وهذا هو سبب رد الفعل الذي تبناه العالم ضد طهران، وبالتحديد رد فعل العالم الإسلامي، فبشكل مبسط، (طفح الكيل)"

وتحاول إيران إنكار رعايتها للإرهاب، من خلال إشارتها إلى سجلها في قتال المتشددين " تنظيم داعش" عبر دعم المسلحين الشيعة في العراق "الحشد الشعبي"، والرئيس السوري بشار الأسد في سوريا.

في المقابل، ترى الرياض في دعم طهران لحزب الله اللبناني نوعًا من الرعاية الإيرانية لأحد الحركات الإرهابية في العالم، الأمر الذي دعا السعودية لقطع المساعدات العسكرية عن الحكومة اللبنانية، على خلفية امتناع الأخيرة عن إدانة الهجمات على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران.

وبشكل مماثل، تشن القوات السعودية حرباً على المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن، وكل ذلك يشكل جزءا من "الجهود" الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية السعودية "الطويلة" لاحتواء ما تعتبره الرياض، توسعًا خبيثا للنشاط الإيراني في الدول العربية.

وتسعى السعودية الآن إلى حشد الدعم من أماكن أخرى، من ضمنها دول مثل باكستان وماليزيا بإنشائها تحالفًا ضد الإرهاب في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

نتائج الاتفاق النووي

تأتي إستراتيجية السعودية الجديدة من ناحية جزئية، نتيجة لبدء تنفيذ الاتفاقية النووية في كانون الثاني/يناير، حيث تخشى الرياض من أن الاتفاقية ستعطي إيران مجالاً أكبر لدفع مصالحها نحو العالمية بعد تحررها من العقوبات التي شلّت اقتصادها.

ومع تصريح الولايات المتحدة بقدرة البنوك الغربية على استئناف الأعمال الشرعية مع طهران، يعتقد السعوديون أن حليفهم الغربي الرئيسي بدأ "بالانسحاب التدريجي" من المنطقة.

وقال الخبير الأمني العراقي مصطفى العاني "الإستراتيجية السعودية مدفوعة أيضاً بإيمان الملك سلمان بأن النفوذ الإيراني نما فقط لعدم وقوف أحد في طريقه."

ويندرج التحالف ضد الإرهاب ضمن هذا السياق، فعندما اجتمع رؤساء أركان 34 دولة إسلامية بعد تدريبات عسكرية مشتركة في أواخر شهر آذار/ مارس، نُشر في صحيفة الشرق الأوسط السعودية اليومية، رسماً كاريكاتيرياً لطائرة مهاجمة تسقط منشورات عليها إشارة "يمنع الدخول لإيران".

ولادة مركز للتنسيق يتبع قوات التحالف

ومن المتوقع أن يعلن التحالف الذي سبب بعض "الارتباك" فيما يتعلق بنطاقه وعضويته عند إعلان الرياض عنه لأول مرة- عن إنشاء "مركز تنسيق" خلال شهر رمضان.

وقال العميد السعودي محمد عسيري " الخطوة القادمة هي اجتماع وزراء الدفاع، الذي يمكن أن يُعقد في شهر رمضان. وفي نفس الوقت، نحن نجهز مركز تنسيق في الرياض."

وأضاف عسيري " سيحتوي المركز على موظفين دائمين من جميع البلدان الأعضاء في التحالف، وسيكون مكاناً تتمكن فيه الدول من طلب المساعدة للتعامل مع الحالات القتالية أو عرض المساعدات العسكرية والأمنية وغيرها."

ويقول العاني إن هذا التحالف يهدف بالأساس إلى استقطاب دعم المسلمين حول العالم للسعودية للقيام بدور قيادي في مكافحة الإرهاب واستلام راية الجهاد من إيران سواء أدرك أعضاء هذا التحالف الأمر أم لا.

وأشاد المتحدث باسم الخارجية الباكستانية محمد نافز زكريا بالرياض لإقامة مثل هذا التحالف مع اسلام اباد وأنهم سيكونون سعداء للمشاركة وتبادل الخبرات، وقال أيضا بأن مثل هذه الإجراءات ستستغرق وقتا حتى تتبلور. وأضاف بأن باكستان تسعى لإقامة علاقة أخوة مع باقي الدول الإسلامية رغم تصاعد التوتر ما بين إيران والسعودية.

وفي خارج إطار مبادرة التحالف فإن الرياض تسعى للفوز بدعم الهند وتشجعها على عزل إيران.

وحتى هذه اللحظة تم إحراز بعض النتائج المختلطة، وخاصة بعد قيام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة البلدين في الشهر السابق، فقد ارتفعت مبيعات الطاقة السعودية للهند ولكن الهند وافقت في نفس الوقت على إنشاء ميناء في إيران.

ويقول أحد المحللين السعوديين المكلّف ببعض الأعمال الدبلوماسية من قبل السعودية إن استضافة الرياض لمؤتمر قمة دول أمريكا الجنوبية والدول العربية في العام الماضي كان يهدف جزئيا إلى دفع إيران بعيدا، بعد  قيام الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد بزيارة عدد من الدول اليسارية مثل فنزويلا وكوبا والأكوادور خلال العام 2012 في سعيه لحشد الدعم الدبلوماسي لإيران محققًا القليل من النجاحات.

القرن الإفريقي

وعلى الجانب الإفريقي فإن دولا إفريقية حذت حذو بعض الدول العربية وقامت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، رغم أن طهران أنفقت الكثير من الأموال لحشد الأصدقاء والحصول على دعمهم في سبيل نشر دعوتها الشيعية في الدول الإفريقية المسلمة في جميع أنحاء افريقيا وذلك عن طريق الاستثمار في عدد من الصناعات مستعينة بدعاية وقوفها ضد الإمبريالية العالمية .

ففي العام 2012 قامت سفينتان إيرانيتان بالرسو في السودان على بعد بضعة أمتار قليلة من الساحل السعودي على البحر الأحمر ويأتي هذا بعد سنوات طويلة من توثيق العلاقات الثنائية بين الخرطوم وطهران.

لقد قامت الرياض ومنذ ذلك الوقت باستثمار ما يقارب 11 مليار دولار أمريكي في السودان متجاهلة بذلك المذكرة القانونية التي تطالب بإلقاء القبض على الرئيس السوداني عمر البشير وسمحت له بزيارة السعودية وعلى ضوء ذلك قامت الخرطوم بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران.

وقامت كل من جيبوتي والصومال باتخاذ نفس الإجراء.

وعمومًا فإن الرياض تعتقد أن هذا النهج يحقق نجاحًا. وقال ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الشهر الماضي إن السياسة التوسعية الإيرانية توقفت تقريبا.

لكن كمرافا الأستاذ بجامعة جورج تاون - قطر قال إن من السابق لأوانه إعلان الفائزين والخاسرين.

وقال "في العلاقات الدولية يمكنك أن تستأجر الأصدقاء لكن لا يمكنك شراءهم. وبالنسبة للسعودية فإن فعالية هذه السياسة في المدى البعيد مشكوك فيها لأن هذه التحالفات قائمة على علاقات تكتيكية أو تجارية محضة."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com