لماذا حوّل خليفة حفتر بوصلته إلى جنوب ليبيا بدلًا من غربها؟
لماذا حوّل خليفة حفتر بوصلته إلى جنوب ليبيا بدلًا من غربها؟لماذا حوّل خليفة حفتر بوصلته إلى جنوب ليبيا بدلًا من غربها؟

لماذا حوّل خليفة حفتر بوصلته إلى جنوب ليبيا بدلًا من غربها؟

على خلاف التوقعات، بل وحتى التصريحات الرسمية، اتجهت بوصلة الجنرال الليبي خليفة حفتر، قائد القوات التابعة لمجلس النواب في طبرق نحو جنوب ليبيا، عوضاً عن غربها، كما كان متوقعاً، وهو ما ينذر بفتح جبهة قتال جديدة بالمنطقة الجنوبية في أي لحظة.

ما  الوجهة المقبلة لحفتر بعد بنغازي ؟.. هذا السؤال كان الأبرز في ليبيا بعد أن قاربت معركة مدينة بنغازي بين قوات حفتر وقوات أخرى موالية لحكومة الوفاق الوطني على الانتهاء لصالح الأول، خاصة بعد سيطرته على أكثر من 98 % من مساحة ثاني أكبر مدن ليبيا سكاناً.

ذلك السؤال أجاب عنه محللون سياسيون ليبيون بقولهم إن الوجهة المقبلة لحفتر "ستكون طرابلس، لأن من يسيطر على العاصمة يكون قد امتلك كامل البلد"، وهو ما أكده العقيد أحمد المسماري المتحدث باسم قوات حفتر، بقوله إن "عين الجيش الليبي تنظر إلى السرايا الحمراء"، في إشارة إلى أحد قلاع طرابلس التاريخية.

لكن خلافاً لكل ذلك، يبدو أن الوجهة المقبلة لحفتر، بعد أن سيطرت قواته على كامل شرق ليبيا، هي الجنوب، وهو ما يتضح جلياً بعد تقدم قواته في محاولة للسيطرة على تلك المنطقة النائية، ضمن الصراع المسلح مع حكومة الوفاق، المعترف بها دولياً.

تتابع الأحداث

وفي ديسمبر/ كانون ثان من العام 2016، تمكنت قوات يقودها محمد بن نائل، وهو ضباط قاتل مع كتائب معمر القذافي قبل أن يعلن ولاءه لحفتر، من السيطرة على قاعدة "براك الشاطئ" العسكرية شمالي مدينة سبها، بعد انسحاب قوات تابعة لمدينة مصراتة كانت تتمركز في القاعدة منذ عامين تقريباً.

وقبل أسبوعين، شنت طائرات حربية تابعة لحفتر غارات على قاعدة "الجفرة" الجوية، وهي أهم قاعدة عسكرية في الجنوب، محدثة خسائر بشرية ومادية في صفوف "سرايا الدفاع عن بنغازي"، وهو تجمع لمسلحين من الشرق معادين لحفتر، وينسقون مع وزير الدفاع بحكومة الوفاق مهدي البرغثي.

تلك الغارات تزامن أحدثها مع وجود قادة من "المجلس العسكري لمدينة مصراتة"، أكبر المدن المناهضة لحفتر، في القاعدة؛ مما خلف إصابات بشرية، ودفع مسؤولي المدينة إلى إعلان حالة النفير ضد قوات حفتر.

وتعرضت قاعدة "تمنهنت" الجوية في سبها، لغارات قوات حفتر، بعد أن سيطرت قواته على الأرض، وتمركزت في المناطق المحيطة بتلك القاعدة، عدا المنطقة السكنية، لكن القوة الثالثة لكتائب مصراته تمكنت من صدّ الهجوم البري لقوات بن نائل.

وقبل أسبوعين أيضا، وبحسب مصادر في الجنوب، فإن "ألف جندي تابعين لقوات حفتر، هبطت بهم طائرة في لويغ، وهي منطقة حدودية مع تشاد".

بالتزامن مع ذلك، أغلقت تشاد حدودها مع ليبيا، في خطوة يُفهم منها أن توتراً سيسود المنطقة، متمثلاً في حرب وشيكة بين حفتر ومناهضين له، رغم أن تشاد بررت إغلاق حدودها بـ"الخوف من تسلل إرهابيين إليها".

ورغم أن منطقة "لويغ" بعيدة جداً عن المدن العامرة أو الاستراتيجية في الجنوب، إلا أن مصادر قالت للأناضول إن "ألفي جندي آخرين يستعدون للقدوم إلى المنطقة، خلال الأيام المقبلة، قادمين من الوجهة ذاتها، وهو خليج البنبة في مدينة طبرق (أقصى الشرق)، المقر المؤقت لمجلس النواب".

عمليات غير معلنة

تلك التعزيزات والتواجد العسكري لقوات حفتر في الجنوب كانت ضمن عمليات لم تعلن عنها قيادة قوات مجلس النواب، لكن قائد غرفة "عمليات سرت الكبرى"، العميد محمد أحمودة، أصدر بياناً، الأسبوع الماضي، قال إنه "موجه إلى عموم الليبيين حول المستجدات والتحركات العسكرية الأخيرة" دون أن يحددها بشكل تفصيلي.

في ذلك البيان، الذي اعتبره محللون سايسيون "البيان الأول لانطلاق عمليات الجنوب الليبي"، تعهد أحمودة "لكافة الليبيين، خاصة المتواجدين في مناطق وجود القوات المسلحة التابعة للقيادة العامة، والتي ستتواجد بها لاحقا، بعدم استهدافهم، مهما كان اتجاههم السياسي أو الجهوي".

‎أحمودة أضاف أن "الجيش الليبي سيضرب الإرهاب بكل أنواعه و‎أينما كان وحيث ما حل، ولن تستهدف قواته أي كيان أو مسمّى لم يعتد عليها، وفوهات بنادقنا موجهة فقط إلى الإرهابيين أو الذين ينشرون الترهيب والترويع أينما حلوا".

تمهيدًا لمعركة العاصمة

وكان توجُه الجنرال حفتر إلى جنوب ليبيا، بدلاً عن غربها، مثار تساؤل آخر، لكن مصادر قالت للأناضول إنه "في حال نجاح حفتر في السيطرة علي الجنوب بعد الشرق، لن يظل أمامه سوى مدن مصراتة وغريان وطرابلس والزاوية في الغرب، بما أن باقي مدن الغرب، مثل الزنتان ورشفانه تقع بالفعل تحت سيطرته منذ وقت طويل".

وبالرغم من أن كتائب الزنتان التي سبق لها وأن تحالفت مع حفتر في عملية الكرامة (2014)، إلا أنها أعلنت نهاية العام الماضي، رفضها لأية عملية عسكرية يقودها حفتر للسيطرة على طرابلس.

لكن مصادر أخرى  أفادت أن "الهدف من الجنوب هو تسخيره كنقطة انطلاق نحو العاصمة، فحفتر سيطر على إحدى القواعد الجوية الجنوبية "براك الشاطئ" ويحاول الآن السيطرة علي قاعدتي "الجفرة" و"تمنهت"، لتصبح جميعها منطلقاً للطائرات الحربية التي ستشارك بقوة في معارك العاصمة".

على حافة حرب

"جنوب ليبيا يقف على حافة حرب خلال الفترة القريبة"، هذا ما يعتقده الصحفي الليبي، ناجح بهلول، مستشهدا بـ"اشتداد التوتر الكلامي بين قوات حفتر وبين القوة الثالثة التابعة لمصراتة، التي تتواجد في الجنوب، ومدعومة من قوات عمليات البنيان المرصوص، الموالية لحكومة الوفاق".

وأشار بهلول، إلى بيانات صادرة من مصراتة مقابل تحركات حفتر على الأرض، واعتبر الصحفي الليبي، أن "تلك البيانات والتصريحات ستتحول إلى أفعال في أي لحظة، وتدخل المنطقة في صراع وحرب".

وفي تعبير عن جانب من الوضع الراهن، استقال المتحدث باسم القوة الثالثة" من منصبه قبل أيام؛ بسبب ما قال إنه "عدم تقديم حكومة الوفاق لأي دعم لنا، وعدم صرف رواتبنا منذ 16 شهرا رغم الوعود".

وطالب المجلس البلدي والعسكري وأعيان بلدية مصراتة، في بيان قبل أيام، "كل القوات والمقاتلين إلى رفع أقصى درجات الاستعداد لإعلان حالة النفير العام"، مستنكرين "تعرض المناطق الجنوبية الآمنة من تصعيد عسكري خطير".

وسط كل تلك التطورات، حذّر مبعوث الأمم المتحدة الخاص في ليبيا، مارتن كوبلر، من خطر التصعيد، الذي من شأنه أن يؤدي إلى تجديد النزاع.

وعبر تغريده على حسابه في موقع التدوينات القصيرة، "تويتر"، حث كوبلر كافة الأطراف على "ضبط النفس وتسوية المسائل من خلال الحوار السلمي"، مناشدا الجميع "العمل على المصالحة المحلية والوطنية، والامتناع عن أي عمل أو خطاب من شأنه تأجيج الأوضاع".

وإضافة إلى حكومة الوفاق في طرابلس والحكومة المؤقتة بمدينة البيضاء المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق، تتصارع حكومة ثالثة، هي حكومة الإنقاذ في طرابلس، على الحكم والشرعية في ليبيا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com