اشتباكات وغارات جوية تزعزع هدنة في سوريا في يومها الأول 
اشتباكات وغارات جوية تزعزع هدنة في سوريا في يومها الأول اشتباكات وغارات جوية تزعزع هدنة في سوريا في يومها الأول 

اشتباكات وغارات جوية تزعزع هدنة في سوريا في يومها الأول 

ألقت اشتباكات وقصف وغارات جوية في غرب سوريا بظلالها على وقف لإطلاق النار تسانده روسيا وتركيا، يهدف لإنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة ست سنوات والتمهيد لمحادثات سلام بين مقاتلي المعارضة والحكومة، التي اكتسبت جرأة بعد نجاحات حققتها مؤخرا في ساحة المعركة.

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو حليف أساسي للرئيس السوري بشار الأسد، وقف إطلاق النار أمس الخميس بعد إعداد الاتفاق مع تركيا التي تدعم المعارضة السورية منذ وقت طويل.

وبدأ سريان الهدنة عند منتصف الليل، لكن مراقبين ومقاتلين من المعارضة قالوا إن اشتباكات وقعت فور بدء الهدنة تقريبا، وبدا أن العنف يتصاعد في وقت لاحق من اليوم الجمعة، فيما قصفت طائرات مناطق في شمال غرب البلاد.

وقال أسعد حنا، وهو مسؤول سياسي بالجيش السوري الحر، وهو تحالف فضفاض يضم عددا من جماعات المعارضة المسلحة، إن العنف تراجع لكنه لم يتوقف.

وأضاف، ‭‭"‬‬لا يمكننا أن نشعر بالتفاؤل حيال أشخاص مثل الروس الذين اعتادوا على قتلنا لست سنوات، لكننا سعداء لأننا قللنا العنف ونعمل من أجل التوصل لحل للوضع الحالي".

والهدف من وقف إطلاق النار أن يكون خطوة أولى نحو محادثات سلام جديدة، بعد أن فشلت مساع دولية هذا العام في وقف الصراع الذي بدأ كانتفاضة سلمية وانزلق إلى حرب أهلية في 2011.

وأدت الحرب إلى مقتل أكثر من 300 ألف شخص وتشريد أكثر من 11 مليون شخص، واجتذبت تدخلا عسكريا من قوى إقليمية وعالمية من بينها موسكو وأنقرة.

والاتفاق الذي توسطت فيه روسيا وتركيا اللتان تقولان إنهما تضمنان الهدنة، هو الأول في ثلاثة اتفاقات لوقف إطلاق النار هذا العام، الذي لا تشارك فيه الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة.

وموسكو حريصة على دفع محادثات للسلام تستضيفها حليفتها قازاخستان، لكن التحدي الأول سيكون الحفاظ على الهدنة التي بدت مزعزعة بشكل متزايد اليوم الجمعة.

مقاتلات وطائرات هليكوبتر

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن مقاتلات سورية نفذت نحو 20 غارة ضد مقاتلي المعارضة في بضع بلدات على الحدود بين محافظتي إدلب وحماة، كما وقعت اشتباكات بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية وحلفائها الليلة الماضية في المنطقة.

وأضاف المرصد، أن طائرات حربية وطائرات هليكوبتر قصفت أيضا أهدافا في وادي بردى الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة شمال غرب دمشق، حيث اشتبكت قوات الحكومة السورية وحلفاؤها مع مقاتلي المعارضة.

ونفى الإعلام الحربي لجماعة حزب الله اللبنانية أن تكون الحكومة السورية شنت أي غارات جوية في المنطقة.

وقال مسؤول من جماعة نور الدين الزنكي المعارضة، إن قوات الحكومة حاولت أيضا التقدم في جنوب محافظة حلب ولم يصدر تعقيب فوري من الجيش السوري بشأن اشتباكات اليوم الجمعة.

وقال المرصد، إن السكان في بضع مناطق خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة، من بينها بلدات ومدن في محافظة إدلب استغلوا الهدوء النسبي لتنظيم احتجاجات في الشوارع ضد الحكومة السورية.

بينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن جماعات من المعارضة السورية وقعت على الاتفاق، وأقر مسؤولون بالمعارضة المسلحة توقيع الاتفاق.

وقال متحدث باسم الجيش السوري الحر، إن الجيش الحر سيلتزم بوقف إطلاق النار مؤكدا أن مقاتلي المعارضة لا يردون حتى الآن على هجمات تشنها قوات موالية للحكومة وطلبوا من تركيا أن تضمن وقف الهجمات، مضيفًا "إذا تكررت الخروقات سنرد على كل مصادر إطلاق النار، ونحن نراقب القتال لكن أسلحتنا جاهزة".

انهيارات سابقة

ودخل الاتفاقان السابقان اللذان توسطت فيهما روسيا والولايات المتحدة حيز التنفيذ في فبراير /شباط وسبتمبر/ أيلول، لكنهما انهارا خلال أسابيع، فيما تبادلت الأطراف المتحاربة الاتهامات بانتهاك الهدنة وازدادت حدة القتال.

وقال بوتين إن الأطراف على استعداد أيضا لبدء محادثات سلام من المزمع عقدها في آستانة. فيما ذكرت وسائل الإعلام السورية الرسمية في وقت متأخر الليلة الماضية أن تلك المحادثات ستبدأ قريبا.

وستتفاوض الحكومة السورية من موقف قوة بعد أن تمكن جيشها وحلفاؤه ومنهم فصائل شيعية تدعمها إيران إلى جانب القوة الجوية الروسية من دحر المعارضة في حلب، آخر معاقلها الرئيسية في المدن- هذا الشهر.

وأدت حملة جوية روسية منذ سبتمبر/ أيلول العام الماضي، إلى تحويل دفّة الحرب لصالح الأسد وغادر آخر مقاتلين من المعارضة حلب إلى مناطق لا تزال تحت سيطرة المعارضة إلى الغرب من المدينة ومنها محافظة إدلب.

عقبات في الطريق

وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة اليوم الجمعة، إن موسكو وزعت مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لدعم اتفاق وقف إطلاق النار وقال إنه يأمل بأن يصوت عليه المجلس غدا السبت.

ويتعين صمود وقف إطلاق النار حتى يتسنى إجراء محادثات السلام.

وفي دلالة على أن الحفاظ على أحدث هدنة لا يقل صعوبة عن سابقتيها سادت حالة من الالتباس بشأن أي الجماعات التي سيشملها وقف إطلاق النار.

وقال الجيش السوري إن اتفاق الهدنة لا يشمل تنظيم داعش، ولا المقاتلين التابعين لجبهة فتح الشام، التي كانت تعرف باسم جبهة النصرة ولا أي فصائل على صلة بهما.

لكن مسؤولين بالمعارضة قالوا إن الاتفاق يضم جبهة النصرة التي أعلنت في يوليو/ تموز قطع صلتها بتنظيم القاعدة.

وانتقد متحدث باسم جبهة فتح الشام، التي كانت تسمى في السابق جبهة النصرة، اتفاقا لوقف إطلاق النار في أنحاء سوريا تدعمه تركيا وروسيا، وقال إن الحل السياسي في ظل هذا الاتفاق "يثبّت أركان النظام".

وأضاف المتحدث قائلا في البيان "الحل هو بإسقاط النظام المجرم عسكريا."

وقالت جبهة أحرار الشام إنها لم توقع على اتفاق وقف إطلاق النار وإن لديها تحفظات ستوضحها في الوقت المناسب.

انفراجة بين روسيا وتركيا

ويأتي الاتفاق أيضا بعد تحسن العلاقات بين روسيا وتركيا.

واكتسبت المحادثات بشأن الهدنة الجديدة قوة دافعة بعد أن قالت روسيا وإيران وتركيا الأسبوع الماضي، إنها مستعدة لدعم اتفاق للسلام وتبنت إعلانا يحدد مبادئ الاتفاق.

وفي علامة على الوفاق بين البلدين، قالت القوات المسلحة التركية اليوم الجمعة، إن الطيران الروسي نفذ ثلاث ضربات جوية على تنظيم داعش في منطقة الباب بشمال سوريا، مما أسفر عن مقتل 12 متشددا.

ورغم أن تركيا راع مهم للمعارضة المسلحة، إلا أن الإطاحة بالأسد أصبحت هدفا ثانويا مقارنة بالتصدي لتوسع النفوذ الكردي في شمال سوريا، وتبدو احتمالات نجاح معارضي الرئيس السوري في الإطاحة به الآن أضعف منها في أي مرحلة أخرى في الحرب.

والمطالب التركية لمغادرة المقاتلين التابعين لجماعة حزب الله اللبنانية سوريا قد لا ترضي إيران وهي داعم رئيسي آخر للأسد.

ويحارب حزب الله إلى جانب قوات الحكومة السورية ضد مقاتلي المعارضة.

وقال مسؤول كبير بحزب الله أمس الخميس، إن الجناح العسكري للحزب سيبقى في سوريا.

تهميش واشنطن

وجرى تهميش الولايات المتحدة في المفاوضات التي جرت مؤخرا ومن غير المنتظر أن تحضر الجولة القادمة من محادثات السلام في قازاخستان.

وقال مسؤولون، إن استبعاد واشنطن يعكس تنامي إحباط تركيا وروسيا إزاء سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا.

واتفاق وقف إطلاق النار الذي جاء في الأسابيع الأخيرة لإدارة الرئيس باراك أوباما، هو أول مبادرة دبلوماسية دولية كبيرة في الشرق الأوسط لا تشمل الولايات المتحدة منذ عقود.

وقالت روسيا إن الولايات المتحدة قد تنضم إلى عملية جديدة للسلام فور تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة في 20 يناير/ كانون الثاني.

وعبًرت أيضا عن رغبتها في انضمام مصر والسعودية وقطر والعراق والأردن والأمم المتحدة.

وقال ترامب إنه سيتعاون بصورة أوثق مع روسيا لمحاربة الإرهاب، لكن لم يتضح الشكل الذي ستتخذه تلك السياسة بالنظر إلى مقاومة البنتاجون وأجهزة المخابرات الأمريكية لتوثيق التعاون مع روسيا بشأن سوريا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com