هل ينفذ اليمين الإسرائيلي وعيده ويعلن ضمَّ الضفة الغربية؟
هل ينفذ اليمين الإسرائيلي وعيده ويعلن ضمَّ الضفة الغربية؟هل ينفذ اليمين الإسرائيلي وعيده ويعلن ضمَّ الضفة الغربية؟

هل ينفذ اليمين الإسرائيلي وعيده ويعلن ضمَّ الضفة الغربية؟

بلغت الخلافات مداها بين الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، الذي يتشكل قوامه في الغالب من أحزاب يمينية متطرفة تتبع الفكر الصهيوني الديني، وبين الرؤية السياسية للإدارة الأمريكية بشأن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ورغبة الرئيس باراك أوباما في مغادرة البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير المقبل، وقد ترك خلفه مبادرة سياسية يمكن البناء عليها مستقبلًا.

ويصعب الحديث عن وصول العلاقات الإسرائيلية الأمريكية إلى مفترق طرق، أو النظر إلى علاقات التحالف الأبدي بين البلدين على أنها تشهد تحولًا غير مسبوق، لكن المرحلة الحالية تشهد على الأقل نغمة أمريكية جديدة موجهة بالأساس صوب الأيديولوجيات التي تؤمن بها الأحزاب الائتلافية اليمينية ورؤساء تلك الأحزاب، وعلى رأسهم وزير التعليم نفتالي بينيت، الذي يقف على رأس حزب "البيت اليهودي" صاحب التوجهات الصهيونية الدينية.

واستخف بينيت في البيان الصادر أمس الخميس عن وزارة الخارجية الأمريكية، الذي أدان بشكل حاد خطة البناء الجديدة في عمق الضفة الغربية.

واعتبرت الخارجية الأمريكية أن بناء بؤرة استيطانية غير قانونية تضم 300 وحدة سكنية شمالي الضفة "يتناقض مع التصريحات العلنية التي تطلقها الحكومة الإسرائيلية"، لافتة إلى أن موقع المستوطنة الجديدة يأتي في عمق الضفة الغربية وأقرب كثيرًا من الأردن، "ما يتيح ربطه بسلسلة من البؤر الاستيطانية التي تقسم الضفة الغربية بشكل فاعل، وتجعل إمكانية قيام دولة فلسطينية فاعلة  أمرًا مستبعدًا".

استراتيجية بينيت

ورد الوزير الإسرائيلي بدعوة أثارت عاصفة سياسية داخلية، من المتوقع أن تصل توابعها إلى واشنطن، حين تحدث عن خطة استراتيجية لتسوية المنظومة الاستيطانية بالكامل، عبر ضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية الكاملة، و"التضحية من أجل تحقيق هذا الهدف".

وأعلن بينيت خلال كلمة ألقاها مساء أمس الخميس خلال حفل تأبين عضو الكنيست حنان بورات، أن لدى حزبه حلًا استراتيجيًا، وأن هذا الحل يقوم على تحقيق حلم ضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، وقال إن تحقيق هذا الحلم يتطلب تضحيات.

وأشار إلى أنه يحمل على عاتقه تحقيق حلم التسوية الاستراتيجية لمنظومة الاستيطان، وأن القيادات السابقة "نجحت في الحفاظ على الوضع القائم وعلى المنظومة الاستيطانية، لكن المرحلة المقبلة ينبغي أن تشهد الانتقال للزعامة القادرة على تحقيق حلم أرض إسرائيل، والانتقال من صد الهجوم إلى مرحلة الحسم"، على حد قوله.

عاصفة سياسية داخلية

وتسبب الكشف عن استراتيجية "البيت اليهودي" في عاصفة سياسية داخل إسرائيل، لا سيما تلك التي عكستها تصريحات شخصيات بارزة تنتمي لأكبر الكتل المعارضة بالكنيست الإسرائيلي، هذا بخلاف ردود الفعل التي عبرت عن خشيتها من كون ما تمّ الكشف عنه سيعني المزيد من العزلة الإسرائيلية على الصعيد الدولي.

وعلق يتسحاق هيرتسوغ، زعيم جناح المعارضة في الكنيست، ورئيس حزب "المعسكر الصهيوني" على كلمة بينيت، وقال إن دعوته لضم الضفة الغربية ستؤدي إلى احتراب داخلي في إسرائيل، وسوف تؤدي مواقفه إلى العودة إلى خطوط العام 1967 وفقدان الكتل الاستيطانية وتقسيم القدس وعزل إسرائيل دوليًا، مضيفًا أن "أناسًا يحملون هذا القدر من الحقد سيدمرون إسرائيل".

أغلبية فلسطينية

وتطرقت زعيمة حزب العمل السابقة شيلي يحيموفيتش، النائبة الحالية عن كتلة "المعسكر الصهيوني"، لكلمة الوزير بينيت، وأشارت إلى أن رؤيته بشأن التضحية من أجل ضم الأراضي المحتلة هي رؤيا مخيفة من شأنها أن تكتب كلمة النهاية للمشروع الصهيوني، ونهاية للدولة اليهودية الديمقراطية، وسوف تحدث أغلبية فلسطينية داخل إسرائيل.

كابوس إسرائيلي

ولم تتجاهل السياسية المخضرمة تسيبي ليفني، رئيسة حزب "الحركة"، أحد جناحي "المعسكر الصهيوني"، تصريحات بينت، وأكدت في تصريحات لوسائل إعلام عبرية أن حلم الوزير بينيت تكشف أخيرًا، وأن هذا الحلم سيتحول إلى كابوس للشعب الإسرائيلي بأسره.

ولفتت إلى أن رئيس حزب "البيت اليهودي" يريد ضم الضفة الغربية التي يقطنها قرابة 2.5 مليون فلسطيني للسيادة الإسرائيلية، ما يعني أن دولة إسرائيل ستتحول مستقبلًا إلى دولة ذات أغلبية عربية، مشيرة إلى أن بينت يريد أن يضحي الجميع من أجل هذا الحلم.

الجهاد اليهودي

ولم تتوقف الانتقادات عن هذا الحد، حيث رد عضو الكنيست إيلان جيلاؤون، النائب عن حزب "ميرتس" اليساري على رؤيا بينيت، بقوله إنه قد تبين للجميع أن من يقف على رأس وزارة التربية والتعليم ليس وزيرًا متزنًا وجادًا لكنه مجرد شخص قومي متطرف، يحرض على ما وصفه بـ "الجهاد اليهودي والموت على مذبح الضفة الغربية"، على حد وصفه.

غضب أمريكي

وطالبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية صباح اليوم الجمعة إدارة الرئيس أوباما بالتوجه إلى الأمم المتحدة بقرار "يُملي حدودًا جديدة لإسرائيل وفلسطين"، ودعته لاستغلال الشهور المتبقية من ولايته لكي "يوجه ضربة لإسرائيل على الصعيد الدبلوماسي".

واقترحت الصحيفة، عبر مقالها الافتتاحي،  بحسب ما نقلته غالبية المواقع الإخبارية العبرية اليوم الجمعة، على إدارة أوباما العمل ضد رغبة إسرائيل من خلال مشروع قرار لترسيم حدودها وحدود الدولة الفلسطينية المستقبلية، وذلك على خلفية القرار الحكومي الإسرائيلي بشأن خطة بناء 300 وحدة سكنية في منطقة بنيامين، في إطار تعويض مستوطني عامونا.

واتهمت الصحيفة المقربة من الإدارة الأمريكية إسرائيل بتعمد تخريب مسيرة السلام، وطالبت أوباما بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي وطرح رؤيته بشأن حل الدولتين، مع التأكيد على ملف أمن إسرائيل والقدس واللاجئين والحدود، أو على الأقل الإعلان عن رؤيته للسلام بشكل أحادي الجانب.

نهاية حل الدولتين

ويعتقد مراقبون أنه ثمة صلة بين حالة الغضب الأمريكي، وبين التضحية التي تحدث عنها الوزير الإسرائيلي بينيت، حيث أن تلك التضحية التي تعبر بالأساس عن أيديولوجيا صهيونية دينية، ربما تتعلق بالأساس بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، هذا بخلاف العزلة الدولية التي ستواجهها إسرائيل جراء هذه المواقف، أي أن ما يؤمن به الوزير الإسرائيلي يدفعه لضرب تلك العلاقات بعرض الحائط.

وتكمن الخطورة في موقع الأحزاب ذات التوجه الصهيوني الديني حاليًا على الخريطة السياسية الإسرائيلية، حيث أن حالة التطرف التي يشهدها المجتمع الإسرائيلي أوصلت الأحزاب مثل "البيت اليهودي" برئاسة بينيت، و"إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان، إلى القدرة على فرض مواقفها وتحويل الحكومة إلى رهينة في أيديها، فضلًا عن وصول منتمين إليها إلى مواقع سياسية وأمنية وعسكرية حساسة للغاية، بشكل متزامن غير مسبوق.

وتقود الرؤيا الصهيونية الدينية التي يمثلها "البيت اليهودي" إلى نهاية حل الدولتين بشكل كامل، كما تقطع الطريق أمام أي تقارب عربي – إسرائيلي محتمل، وتفتح المجال أمام استشراء العنف في المنطقة، وتطلق العنان لإرهاب المستوطنين، وتنعكس على تشديد المعايير التي يتبعها الجيش الإسرائيلي بشأن مواجهة ردة الفعل الفلسطينية المتوقعة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com