فلسطينيو لبنان يداعبهم حلم العودة بمفاتيح البيوت المهجّرة
 فلسطينيو لبنان يداعبهم حلم العودة بمفاتيح البيوت المهجّرة فلسطينيو لبنان يداعبهم حلم العودة بمفاتيح البيوت المهجّرة

 فلسطينيو لبنان يداعبهم حلم العودة بمفاتيح البيوت المهجّرة

بعد ما يقرب من 68 عامًا من مغادرتهم ديارهم وعبورهم الحدود إلى لبنان، هربًا من المجازر الإسرائيلية، لايزال اللاجئون الفلسطينيون يحلمون بالعودة إلى ديارهم، ولايزال عدد كبير منهم  يحتفظ بالمفاتيح الصدئة لبيوتهم التي هجّروا منها في فلسطين.

وعلى الرغم من أن العديد من أولئك الذين ولدوا وترعرعوا في فلسطين توفّوا في لبنان، فإن أبناءهم وأحفادهم يصرون على الحفاظ على هذا الحلم ورفض الوطن البديل.

وجاء معظم أولئك الذين لجأوا إلى لبنان من منطقة الجليل في شمال فلسطين، والتي تم احتلالها من قبل القوات الإسرائيلية خلال حرب عام 1948 ضد العرب.

ويقول محمود شحادة، وهو لاجئ فلسطيني من مخيم المية ومية في جنوب لبنان:"لا يتوقف الحديث في العالم عن دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن أنا لست من هناك. أنا من شمال فلسطين وبيتي هناك."

ويضيف محمود البالغ من العمر 56 عامًا: "ما زلت أؤمن بأننا سنعود الى ديارنا.. وإذا لم يكن الآن، فغدًا، بعد غدٍ أو بعد 100 سنة.. أنا على يقين بأن حقنا لن يضيع"

أما أسعد سعيد من المخيم نفسه، فيقول: "أنا أعلم أننا فقدنا بيوتنا وكل فلسطين، ولكن لا أعتقد أن ذلك سيدوم إلى الأبد، في نهاية المطاف سوف أموت، ولكن لدي الأبناء والأحفاد، الذين سيكون لديهم أبناء وأحفاد. لن ينسوا فلسطين.. هي في دمائنا وعقولنا وقلوبنا.. لايمكنك ببساطة أن تنسى قلبك".

ويعيش أكثر من 400 ألف فلسطيني في لبنان، وهو ما يمثل ما يقرب من 10 % من سكان هذا البلد العربي، وقد عبر معظمهم من الحدود في شمال فلسطين عام 1948 عندما تم طردهم من بيوتهم من قبل القوات الإسرائيلية.

ولا يزال الفلسطينيون في لبنان لا يعرفون عما إذا كان سيتم إشراكهم في أي اتفاق سلام بين قيادتهم في الأراضي المحتلة وإسرائيل.

ويأتي معظمهم من صفد وحيفا ويافا ومناطق أخرى من شمال فلسطين في حين أن أية تسوية سلمية يتم التفاوض عليها منذ سنوات طويلة تشمل فقط الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقد أعلن لبنان في العديد من المناسبات أنه لن يسمح بتوطين الفلسطينيين على أراضيه، كما أن الفلسطينيين أنفسهم يعارضون هذه الفكرة بشدة.

ويقول أبوعماد من مخيم عين الحلوة المجاور، ويبلغ من العمر نحو 85 عامًا: "صحيح أننا نعيش في المخيمات ونقوم بتوسيع بيوتنا لأولادنا وأحفادنا،  لكنني لا أعتقد أن أي فلسطيني سيقبل بفكرة التخلي عن فلسطين والعيش بشكل دائم في لبنان.. أشعر بأنني سوف أموت هنا ولن أرى فلسطين مرة أخرى، ولكني متأكد من أن أولادي أو أحفادي أو أحفاد أحفادي سيعودون إلى ديارهم في فلسطين لأنها حقهم وأرضهم وبلدهم والحق لا يضيع أبدًا."

وتتفق معه أمّ أنور البالغة من العمر 82 عامًا بقولها: "أنا أعلم أن إسرائيل باتت قوية جدًّا لكن القوة ليست كل شيء لأن الحق أقوى من القوة ونحن على حق.. أنا أفهم شيئًا واحدًا فقط وهو أننا ولدنا في فلسطين ونشأنا في فلسطين وآباؤنا دفنوا في فلسطين... لذلك فإن فلسطين هي وطننا وستبقى كذلك إلى الأبد."

وما يجعل الفلسطينيين ايضًا مصممين على العودة إلى ديارهم هو أنهم محرومون من معظم حقوقهم المدنية والسياسية في لبنان، اذ لا يسمح لهم بالتملك أو الحصول على وظائف في القطاع العام ونتيجة لذلك، فإن معظم الفلسطينيين في لبنان عاطلون عن العمل.

وقد ساءت الأوضاع بشكل كبير بعد تدفق أكثر من مليون سوري إلى لبنان، بسبب الحرب الأهلية في سوريا، مما يجعل من المستحيل تقريبًا بالنسبة للفلسطنيين إيجاد فرص عمل.

ويعتمد معظم الفلسطينيين على مساعدات الأمم المتحدة ووظائف منخفضة الأجر في قطاع البناء والقطاعات الأخرى، والتحويلات المالية من الأقارب في الخليج وغيرها من الدول الغنية بالنفط، والرواتب من فصائل المقاومة الفلسطينية.

وتتجلى مشكلة الفلسطينيين في لبنان بشكل خاص في مخيم عين الحلوة القريب من مدينة صيدا الساحلية عاصمة الجنوب اللبناني، اذ يتكدّس أكثر من 140 ألف لاجئ في هذا المخيم بمساحة لا تزيد على 3 كلم مربع، وفي ظل نقص خطير في الخدمات الأساسية وخصوصًا القطاع الصحي والاجتماعي.

ويتم تمويل المدارس في 12 مخيمًا فلسطينيًّا في لبنان من قبل وكالة غوث الفلسطينيين الأونروا التابعة للأمم المتحدة، ويبدو أن اللاجئين يدركون جيدًا بأن العلم هو أفضل سلاح في يدهم للبقاء على قيد الحياة وتحقيق حلمهم بالعودة لديارهم.

ويحتفظ عدد كبير من الفلسطينيين بمفاتيح منازلهم التي هربوا منها في فلسطين على أساس أنها تمثل رمز المقاومة وحقهم في أرضهم والعودة إلى وطنهم.

ويقول محمود شحادة:" أعطاني أبي مفتاح بيتنا في فلسطين قبل وفاته على الرغم من أننا نعرف أنه تم تدمير البيت من قبل الإسرائيليين.. المفتاح بات الآن صدئٌ، لكنه يرمز إلى حقنا في فلسطين وسوف أبقيه معي حتى موتي ثم أعطيه لابني الذي سيعطيه لابنه ثم لابن ابنه حتى العودة إلى فلسطين."

وفي تصريحات للصحفيين الغربيين الذين زاروا مخيم المية ومية  بعد سنتين من حرب عام 1948، أصر زعيم فلسطيني محلي على أن فلسطين هي وطنهم الوحيد، وأكد أن الفلسطينيين لن يقبلوا حتى "البيت الأبيض" وطنًا بديلًا.

وقال سعيد محمد (ابو فايز) في تلك المقابلة :"أريد العودة إلى دياري ولن أقبل بأي بديل ولا حتى البيت الأبيض الأمريكي.. فلسطين هي وطننا ولن نذهب إلى أي مكان آخر."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com