بعدما انجلى غبار معركة الفلوجة وطرد داعش.. كيف هو الواقع؟
بعدما انجلى غبار معركة الفلوجة وطرد داعش.. كيف هو الواقع؟بعدما انجلى غبار معركة الفلوجة وطرد داعش.. كيف هو الواقع؟

بعدما انجلى غبار معركة الفلوجة وطرد داعش.. كيف هو الواقع؟

بعد أن رزحت لأكثر من عامين تحت وطأة تنظيم داعش، انجلى غبار المعركة في الفلوجة عن بقايا حياة عاشها سكان المدينة، توثق جزءا من الصورة التي ظلت محجوبة عن العالم كل هذا الوقت.

صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أعدت تقريرا حول بقايا هذه الحياة القاتمة في الفلوجة، حتى بعد دخول القوات العراقية للمدينة وطرد مسلحي تنظيم داعش منها.

مفردات المشهد في المدينة -التي تئن من وجع حكم داعش- تجلت في الجثث المتحللة وقطع رأس، وكتل من شعر الوجه الخاصة بالمقاتلين الذين حلقوا لحاهم للهرب وسط المدنيين الفارين، والسجون حيث تم احتجاز المعتقلين في أقفاص ضيقة شبيهة بأقفاص الكلاب.

وحتى مع وضوح صورة ماذا كانت تمثل الحياة داخل الفلوجة تحت تنظيم الدولة، فإن زيارة القوات الموالية للحكومة في مطلع الأسبوع لمناطق بالمدينة أكدت أنه لا يزال هناك قتال عنيف.

وبعد رفع القوات العراقية العلم الوطني بأيام فوق المجمع الحكومي الرئيس وإعلانها انتصارها، انتقلت المعركة إلى الأحياء الغربية، حيث يتمركز بعض مقاتلي داعش ومعظمهم من الأجانب، وفقا لبعض المسؤولين.

وقال الكولونيل كريستوفر كارفر، المتحدث باسم الجيش الأمريكي في بغداد، إنه تم تطهير ثلث المدينة من المسلحين، ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن المدينة أصبحت في نهاية المطاف بشكل كامل في يد الحكومة.

هروب القادة

وكشف العقيد محمد الجميلي، قائد ميليشيا متحالفة مع الحكومة السنية في محافظة الأنبار أن "تنظيم داعش لا يقاتل على محمل الجد هذه المرة، لأن القادة الكبار تركوا مقاتليهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم".

وأضاف الجميلي أن "العديد من المقاتلين المحليين للتنظيم قاوموا في البداية، ولكن بدأوا في الهرب مع عائلاتهم بعد أن باتت الخسارة واضحة، وبعدما انتصر تحالف موالٍ للحكومة من الجنود ورجال الشرطة ورجال الميليشيات الشيعية والمقاتلين السنة".

وقال قادة عسكريون إن تنظيم داعش الذي بني دفاعاته في محيط المدينة، بمجرد أن أحاطته القوات العراقية فر العديد من مقاتليه.

وقال الجنرال عبد الوهاب السعدي، قائد قوات مكافحة الإرهاب العراقية التي أخذت زمام المبادرة في المعركة "هذه هي منطقة نازال، المنطقة التي كانت أكثر صعوبة بالنسبة للأمريكيين في الحرب الأولى، وكانت محاطة بالأنقاض، مع أصوات انفجارات وإطلاق نار يسمع من مسافة بعيدة".

وتجول السعدي في الشوارع يحمل جهاز الكمبيوتر اللوحي الذي يظهر الخرائط الخاصة بساحة المعركة، ويحمل أيضا راديو، والذي يمكن أن يستعيد من خلاله إحداثيات المدفعية والغارات الجوية.

وعند نقطة واحدة، قال إنه توقف لإجراء محادثات مع جنوده - الذين يتحصن بعضهم في المنازل والبعض الآخر على الأسطح جنبا إلى جنب مع القناصة - لالتقاط الصور.

وفجأة أصيب أحد رجاله بعيار ناري في الساق، ومصدر الرصاصة مجهول، ثم نزل الجميع للاختباء، وتحرك الجندي، الذي لم تكن إصابته خطيرة، بعيدا بعربة جيب عسكرية "عربة همفي"، والدم يسيل من ساقه.

وهناك الكثير من الدمار الذي يجعل بعض أجزاء من المدينة تبدو كما لو أنها من فيلم خيال علمي، والغبار الذي أثير في الجو أضاف المزيد من الشعور المروع، ولكن الأجزاء الأخرى كانت سليمة نسبيا.

ويظهر في الواقع أن مستوى الدمار أقل بكثير مما كان عليه في الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، التي تحررت في بداية العام، فهناك دمر تنظيم الدولة العديد من المباني التي تركها، وكذلك القصف العراقي والغارات الجوية لقوات التحالف التي تقودها أمريكا، دكت المزيد من المباني في الرمادي، حيث كان هناك عدد أقل من المدنيين، مما لا يدعو للقلق عليهم من الغارات.

المنافسة بين إيران وأمريكا

وسلطت معركة الفلوجة الضوء مرة أخرى على العراق كساحة للمنافسة على النفوذ بين الولايات المتحدة وإيران.

وفي منطقة واحدة من المدينة يمتلك رجال الجنرال السعدي، الذين عملوا بشكل وثيق مع الولايات المتحدة لأكثر من عقد من الزمان، سمعة قوية كمقاتلين، وفي منطقة أخرى وحدات الشرطة الاتحادية، التي أثبتت دورا فعالا في الدفع لوسط المدينة.

ولكن هناك أيضا المقاتلين الشيعة من منظمة بدر، وهي ميليشيا تدعمها إيران، والتي وعدت مقاتلي بدر بعدم دخول المدينة لكنها فعلت من خلال ارتداء زي الشرطة الاتحادية، وفقا لشهود عيان ومجموعة من النواب السنة الذين انتقدوا علنا هذا الخداع.

قلق أمريكي من ميليشيات الشيعة

وقال الكولونيل جارفر "انتشرت الكثير من الشائعات حول أنهم قاموا بارتداء زي الشرطة، وهذا الأمر يهمنا بالطبع لأننا لا ندعم هذه الجماعات، ولكننا نؤيد الشرطة الاتحادية، وإذا كنا لا نعرف من الأشخاص المتواجدة في ساحة المعركة، فذلك قد يؤثر على كيفية تقديم الدعم لنا".

وسمح هذا الظهور بأن تكون القوات الحكومية فقط التي تقاتل في الفلوجة، حيث تصر الولايات المتحدة على أن الميليشيات الشيعية في مدينة الفلوجة السنية سوف تزيد التوترات الطائفية.

ورغم أنه لم يحدث حمام دم طائفي على نطاق واسع، لكن الميليشيات التي تولت القيادة منذ أسابيع وبدأت القوات في تطهير ضواحي المدينة، اتهمت بارتكابها جرائم تعذيب وقتل خارج نطاق القانون، كما أجرت الحكومة بعض الاعتقالات.

ومع كل منعطف في حرب الفلوجة، ومناقشة كيف يمكن اقتلاع تنظيم داعش من مدينة الموصل والمعاقل العراقية المتبقية، السؤال الأهم يبقي عن قدرة العراق على التوفيق في دولة تتأرجح في التعددية الطائفية.

وحتى لو تم الدفع بتنظيم داعش في نهاية المطاف من جميع أراضيه في العراق، فمن المرجح أن تستمر حرب عصابات مثل تنظيم القاعدة في العراق، ولكن السؤال الأهم هو ما إذا كانت أيديولوجيتها ستبقى جاذبة للعراقيين السنة، الذين اعتبر بعضهم تنظيم داعش الحامي ضد الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد.

سلام دائم أو انقسام طائفي

وكان ريان كروكر السفير الأمريكي السابق في العراق، قد حذر في مقال على الإنترنت مؤخرا بأن النصر في الفلوجة، بدلا من أن يجلب السلام الدائم، من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم الانقسام الطائفي في العراق بسبب الدور المهيمن هنا من إيران، السلطة الشيعية البارزة في المنطقة، التي وقفت في طريق التواصل السياسي مع السنة.

وأضاف أن الإيرانيين وعملاءهم يهيمنون على الساحة السياسية كما يفعلون في ساحة المعركة، ولن يكون هناك تواصل مع السنة".

وقال العديد من سكان الفلوجة، الذين فروا إلى الصحراء بالآلاف مؤخرا، رغم تفاقم الأزمة الإنسانية أن الحياة تحت حكم داعش كانت جيدة حتى بدأ حصار الحكومة في ديسمبر.

وقالت إيمان مصطفى، وهي في أواخر العشرينيات، خلال مقابلة أجريت معها بمعسكر للنازحين: "في البداية لم يكن لدينا أية مشكلة. فقد عاملونا بشكل جيد".

وكانت إيمان تعمل في مستشفى الفلوجة الرئيس، حيث تساعد في عمليات ولادة الأطفال، وتحدثت باللغة العربية الفصحى، التي لا تسمع عادة في العراق، وقالت إنها تعلمت أن تتكلم بهذه الطريقة من النساء الأجنبيات اللائي جئن للعيش في الفلوجة تحت حكم داعش.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com