رغم تقهقره في العراق.. أمريكا قلقة من عودة داعش "سرًا" إلى المناطق المحررة
رغم تقهقره في العراق.. أمريكا قلقة من عودة داعش "سرًا" إلى المناطق المحررةرغم تقهقره في العراق.. أمريكا قلقة من عودة داعش "سرًا" إلى المناطق المحررة

رغم تقهقره في العراق.. أمريكا قلقة من عودة داعش "سرًا" إلى المناطق المحررة

في الوقت الذي يتراجع فيه مسلحو تنظيم داعش في العراق في مواجهة عمليات هجومية تقودها أمريكا، تتزايد مشاعر القلق بين المسؤولين الأمريكيين ومسؤولي الأمم المتحدة من تراخي الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، الأمر الذي يخلق ظروفًا قد تجعل وجود المتطرفين يستمر من خلال العمل السري.

ويتمثل أحد المخاوف الرئيسة في عدم تخصيص ما يكفي من أموال لإعادة بناء الرمادي العاصمة المدمرة لمحافظة الأنبار وغيرها من المدن بخلاف مدينة الموصل الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، والتي تعد أكبر هدف في العراق للحملة التي تقودها الولايات المتحدة.

وقالت ليز جراند، المسؤولة الثانية بين مسؤولي الأمم المتحدة في العراق، في تصريح صحافي، إن "المنظمة الدولية تحتاج بصفة عاجلة 400 مليون دولار من واشنطن وحلفائها لصندوق جديد لدعم إعادة بناء مدن مثل الرمادي التي لحق بها دمار واسع عندما استردتها قوات عراقية تدعمها الولايات المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي".

وأضافت جراند "نخشى أننا إذا لم نتحرك في هذا الاتجاه - بل ونتحرك بسرعة- فربما يتقوض ما يتحقق من تقدم في مواجهة تنظيم داعش أو يضيع".

ومما يزيد من صعوبة تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، ما يشهده العراق من خلافات سياسية شديدة وفساد وأزمة مالية متنامية والجهود المتقطعة التي تبذلها الحكومة العراقية لتحقيق المصالحة مع الأقلية السنية التي يستمد تنظيم داعش الدعم منها.

وقال مسؤولون إن "بعض كبار الضباط العسكريين الأمريكيين يشعرون بالقلق من تراخي خطط إعادة البناء بعد الحرب وتخلفها عن الجهود العسكرية المبذولة في ساحة القتال".

ويرى محللون أن تنظيم داعش "أبعد ما يكون عن الهزيمة. فالتنظيم ما زال يسيطر على دولة الخلافة، وأعلنت ثماني جماعات مبايعته في أنحاء مختلفة من العالم، كما أنه قادر على تدبير هجمات دموية في الخارج مثل الهجمات التي أسفرت عن سقوط 32 قتيلًا في 22 آذار/ مارس الماضي في بروكسل".

لكن يبدو أن التنظيم يتقهقر ببطء في معقله الأساسي في العراق وسوريا.

وتقدر شركة "آي.إتش.إس" جينز للتحليلات الدفاعية، أن التنظيم خسر 22% من أراضيه في آخر 15 شهرًا.

وتفوق الأموال التي صرفتها واشنطن على الحرب، ما أنفقته على إعادة البناء بدرجة كبيرة، وتقول وزارة الدفاع الأمريكية إن تكاليف الحملة العسكرية بلغت 6.5 مليار دولار من 2014 وحتى 29 شباط/ فبراير الماضي.

وقالت إميلي هورن، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، إن الولايات المتحدة ساهمت بمبلغ 15 مليون دولار في جهود تحقيق الاستقرار، وتبرعت بمبلغ خمسة ملايين دولار للمساعدة في التخلص من المتفجرات في الرمادي، وقدمت للحكومة العراقية "دعمًا مباشرًا كبيرًا للموازنة".

وسلم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، خلال وجوده في بغداد، الأسبوع الماضي، بضرورة تقديم المزيد من مساعدات إعادة البناء.

وقال كيري: "مع تحرير المزيد من الأراضي من داعش يتعين على المجتمع الدولي أن يصعد دعمه لعودة المدنيين سالمين طوعًا إلى ديارهم".

وأعلن كيري تقديم 155 مليون دولار إضافية كمساعدات للعراقيين النازحين عن بيوتهم، وقال إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يعتزم إثارة هذه المسألة في قمة تعقد مع زعماء دول الخليج العربية في 21 نيسان/ أبريل.

"كومة من الأنقاض"

أوضح مسح مبدئي أجرته الأمم المتحدة، الشهر الماضي، أن المستشفى الرئيسي في الرمادي ومحطة القطارات وما يقرب من ألفي منزل و64 جسرًا وجانبًا كبيرًا من شبكة الكهرباء تعرضت للتدمير في القتال. ولحقت أضرار بآلاف المباني الأخرى.

وفي الآونة الأخيرة قال حميد الدليمي محافظ الأنبار، إن حوالي ثلاثة آلاف أسرة عادت إلى مناطق في المدينة تم تطهيرها، لكن الظروف صعبة. ويتم ضخ المياه من نهر الفرات وتفتح بضعة متاجر أبوابها لكنها تظل مفتوحة لمدة ساعتين فقط في اليوم.

وقال أب لثلاثة أطفال يدعى أحمد صالح وعمره 56 عامًا، إنه عاد ليجد بيته "كومة من الأنقاض" ولا يمكنه إعادة بنائه إلى أن توفر الحكومة المال.

وفي غياب أي مؤشرات عن الموعد الذي قد يحدث فيه ذلك، أعادت السلطات توطينه هو وأسرته في بيت آخر من المعتقد أن صاحبه لن يعود قبل فصل الصيف.

ويكسب صالح أقل من 15 دولارًا في اليوم، من خلال أداء أعمال التنظيف والإصلاح في بيوت أخرى. ولا توجد مدارس مفتوحة لأطفاله، كما أنه لا يملك المال اللازم للعودة إلى مخيم للنازحين يقول إن ظروف المعيشة فيه أفضل.

ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم يعملون على المساعدة في تحقيق الاستقرار في العراق سياسيًا واقتصاديًا منذ بدء الحملة العسكرية على التنظيم عام 2014.

وقال وزير الدفاع أشتون كارتر، أمس الإثنين، إن "نجاح الحملة على داعش في العراق، يتوقف على ما يتحقق من تقدم سياسي واقتصادي... على الصعيد الاقتصادي من المهم إصلاح ما حدث من دمار ونحن نتطلع لمساعدة العراقيين في ذلك".

وسئلت هورن، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، عن طلب الأمم المتحدة لمبلغ 400 مليون دولار، فقالت إن الولايات المتحدة "ترحب بتأسيس الصندوق الجديد، وستواصل قيادة المساعي الدولية لتمويل عمليات تحقيق الاستقرار". ولم تعلن واشنطن حتى الآن ما ستقدمه من مساهمة.

وقال المسؤولون الأمريكيون إن واشنطن تضغط من أجل ترتيب يتم من خلال صندوق النقد الدولي قال رئيس بعثة الصندوق في العراق إنه قد يفتح الباب للحصول على تمويلات دولية قيمتها 15 مليار دولار. ويبلغ العجز في ميزانية العراق 20 مليار دولار بسبب انخفاض أسعار النفط.

وقد ساعدت واشنطن في تدريب 15 ألف مقاتل سني يمثلون الآن جزءًا من قوات الأمن التابعة للحكومة العراقية.

لكن لم يحدث تحرك يذكر في الإصلاحات السياسية الرامية للمصالحة مع الأقلية السنية التي دفع قمعها في ظل حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الآلاف من أفرادها للانضمام إلى تنظيم داعش.

إعادة البناء تزداد صعوبة

وقالت ليز جراند، نائبة الممثل الخاص لبعثة مساعدات الأمم المتحدة في العراق، إن التمويل الدولي لإعادة بناء ما دمره تنظيم داعش من مدن، "كان دائمًا محدودًا".

وأضافت "وهذا يعني أنه كان علينا أن نأتي بنموذج يمكن تنفيذه بسرعة وبكلفة منخفضة للغاية".

وقد ساهم مانحون دوليون بمبلغ 100 مليون دولار لصندوق أولي لإحداث طفرة في الاقتصاد المحلي وإعادة الكهرباء والمياه وإعادة فتح المتاجر والمدارس.

وقالت جراند إن هذا النموذج نجح في تكريت أول مدينة كبرى يتم استعادتها من تنظيم الدولة الإسلامية في مارس آذار عام 2015.

وبعد تأجيلات في البداية عاد معظم السكان واستؤنف العمل بالمرافق وأعيد فتح الجامعة. وبلغ إجمالي حجم الإنفاق في هذا الصدد 8.3 مليون دولار.

لكن الرمادي التي كان عدد سكانها يبلغ 500 ألف نسمة قبل المعارك الأخيرة تمثل تحديًا أكبر بكثير.

وقالت جراند "جانب كبير من الدمار الذي يحدث في المناطق التي يتم تحريرها يفوق بكثير افتراضاتنا الأصلية".

ومن الممكن أن يتبين أن إعادة الأوضاع إلى طبيعتها في الموصل التي بلغ عدد سكانها حوالي مليوني نسمة قبل سقوطها في أيدي تنظيم داعش، أكثر صعوبة بكثير.

وستكشف الأيام عما إذا كان التنظيم سيتحصن لخوض معركة ضارية أم سيواجه انتفاضة داخلية تدفع مسلحيه للهرب مما يجنب المدينة دمارًا واسعًا.

وقال مسؤولون حاليون وسابقون إنه إذا تعرض التنظيم لهزيمة عسكرية فسيلجأ على الأرجح لحرب العصابات، التي لجأ إليها سابقه تنظيم القاعدة في العراق.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com