في أزمة النفايات بلبنان.. الروائح الكريهة سياسية أيضا
في أزمة النفايات بلبنان.. الروائح الكريهة سياسية أيضافي أزمة النفايات بلبنان.. الروائح الكريهة سياسية أيضا

في أزمة النفايات بلبنان.. الروائح الكريهة سياسية أيضا

 بيروت - في أزمة النفايات يرى سكان عاصمة لبنان أن حكومة بلادهم عاجزة بينما تنبعث الروائح في بيروت وبات الوضع الآن خطيرا.

قبل ستة أشهر أغلقت السلطات المكب الرئيسي للنفايات القادمة من العاصمة دون أن تقدم بديلا له. ومنذ ذلك الوقت توقف جمع النفايات برائحتها الكريهة وتكدست في شوارع المدينة مما تسبب في ما يصفه باحثون ونشطاء الآن بأنه خطر على الصحة العامة.

ويقول المسؤولون إنهم سيحلون الأزمة من خلال استئجار شركة أجنبية لشحن النفايات إلى الخارج لكن حتى الوزير المسؤول يصف ذلك بأنه "جنون".

ويقول النشطاء إن الأزمة دليل على أن النظام الحاكم منذ 25 عاما والذي قام على تقاسم السلطة بين الجماعات الطائفية المتنازعة مع إنهاء الحرب الأهلية المتعددة الأطراف فقد الكفاءة وبه من الفساد ما يجعله لم يعد قادرا على تقديم حتى الخدمات الأساسية لمواطنيه.

قال مؤسس جماعة (طلعت ريحتكم) وديع الأسمر "لا نطلب شيئا مستحيلا... من الواضح أن كل الدول يجب أن تكون لديها خطة استراتيجية لإدارة النفايات."

وتأسست جماعة طلعت ريحتكم العام الماضي للاحتجاج على أزمة تكدس النفايات في الشوارع.

ويقول أساتذة جامعيون إن النفايات تهدد إمدادات المياه. فتلال من النفايات ترتفع في شكل أكوام في أماكن عشوائية في المدينة والمناطق المحيطة بها بما في ذلك ضفتي نهر بيروت وعلى بعد أمتار من نقطة التقائه بالبحر المتوسط.

ويجري حرق القمامة بما في ذلك في الغابات الجميلة حول بيروت فيملأ الجو دخان كريه الرائحة يحتوي على مستويات خطيرة من الملوثات.

وأظهرت دراسة أجرتها الجامعة الأمريكية في بيروت والمجلس الوطني للبحوث العلمية اللبناني أنه حال احتراق القمامة تزيد المواد المسرطنة في الجو بنسبة 2300 في المئة على الأقل وتزيد المعادن بما فيها الرصاص والزرنيخ بنسبة تتراوح بين 98 و1448 في المئة.

وقال معين حمزة الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية "بيروت فيها كثافة عمران وكثافة أبنية يللي ما فيها تيارات هواء لتغير الهواء. فإذا عندك في منطقة شبه مقفلة.. مدينة بيروت بالأبنية العالية... هذه عم تخلي يصير فيه اختناق."

حل مجنون.. بلد مجنون

بعناية يوازن النظام الحكومي الذي وضع بعد الحرب بين مصالح السنة والشيعة والمسيحيين والدروز. لكن الحاجة إلى الإجماع في صناعة القرار تجعل من السهل على قادة الطوائف والمناطق رفض قرارات التخطيط.

وعندما يرفض الجميع دفن النفايات في مناطقهم لا يكون هناك حل أمام الحكومة سوى استئجار شركة بريطانية لنقلها إلى الخارج.

وقال وزير الزراعة المكلف بحل الأزمة أكرم شهيب للتلفزيون الوطني "حل مجنون في بلد الجنون."

وقال شهيب إن التخلص من كل طن وفقا للخطة سيتكلف 193 دولارا. ويزيد هذا بنسبة الثلث على المبلغ الذي تقول شركة نفايات بيروت (سوكلين) إنها كانت تتقاضاه وهو 140 دولارا مقابل كل طن تنقله إلى المدفن قبل إغلاقه العام الماضي.

ويتوقع شهيب شحن ما بين 2000 و2500 طن من النفايات يوميا وهو ما يجعل التكاليف تصل إلى 176 مليون دولار سنويا.

وقال شهيب إن تصدير النفايات القديمة والنفايات الجديدة عن طريق شركة شينوك أيربان مايننج البريطانية سيبدأ يوم 28 فبراير شباط الحالي. لكن مواعيد سابقة مرت دون بدء العملية. وانتقد وزير المالية تكاليفها كما أن جماعات النشطاء المناوئة للفساد وتلوث البيئة أثارت مخاوف بشأن الشفافية في المناقصة الخاصة بالعملية.

وأكدت شينوك التي تصف نفسها بأنها الشركة البريطانية الأولى المطورة لتكنولوجيا إنتاج الطاقة النظيفة من حرق القمامة أنها فازت بالعقد. ورفضت الشركة الإفصاح لرويترز عما ستفعله بالنفايات اللبنانية أو إلى أين ستشحنها.

ونقلت وسائل إعلام محلية قول نبيل الجسر رئيس مجلس الإنماء والإعمار وهو هيئة حكومية إن النفايات ستشحن إلى روسيا.

وتفيد شركة جمع القمامة بأن ستة أشهر وقت طويل بمقاييس إدارة النفايات. فالمنطقة كانت تنتج نحو 3000 طن من النفايات يوميا قبل الأزمة تجمعها وهو ما يعني أن هناك نحو نصف مليون طن من النفايات غير المعالجة لا مكان تنقل إليه.

رائحة كريهة 

يشير نشطاء ومواطنون محبطون بأصابع الاتهام إلى النظام السياسي اللبناني المشلول الذي زاد سوءه التوتر الطائفي الذي زاد باندلاع الحرب الأهلية في سوريا المجاورة.

لم تصدر الحكومة ميزانية منذ عام 2005 وليس هناك رئيس للدولة منذ أكثر من عام ونصف.

وتعرضت البنية الأساسية للبلاد لضغط إضافي بوجود أكثر من مليون لاجئ سوري انضموا إلى السكان الذين يبلغ عددهم 4.5 مليون نسمة.

وكانت حرارة الصيف اللافحة العام الماضي قد جعلت رائحة القمامة المتعفنة تملأ الجو مما أدى لاندلاع احتجاجات جعلت جماعة ريحتكم طلعت وجماعة (نريد محاسبة) تبرزان.

ونظمت احتجاجات متكررة لكن خفت الآن بدرجة كبيرة بعد حملة أمنية.

وقالت لارا التي اعتقلت العام الماضي بعد احتجاج في مجلس النواب "الحكومة يجب أن تكون مسؤولة عن جمع النفايات. هو حق أساسي ألا تكون لدينا قمامة راقدة حولنا في كل مكان في بيروت."

وفشلت خطة طويلة المدى لتدوير النفايات وإدارتها وضعتها لجنة خبراء في أواخر العام الماضي لأن أماكن الدفن المقترحة قوبلت بالرفض من سكان مختلف المناطق.

وقال أنطوان ضاهر الناشط في عكار التي تبعد 120 كيلومترا شمالي بيروت إن السكان هناك رفضوا خطط تحديث مكتن لجمع القمامة ليكون مدفنا له إدارة يستوعب جزءا من نفايات بيروت. وأضاف أن السكان اتخذوا هذا الموقف على الرغم من أن الحكومة عرضت عليهم 100 مليون دولار منح تنمية.

من عادة اللبنانيين أن يجدوا حلولا بديلة عندما تعجز الدولة. فنظم الماء والكهرباء تحتاج إلى اكتمال إصلاحها بعد انتهاء الحرب ألأهلية لذلك لجأ البنانيون إلى شركات مياه خاصة كما ظهرت مولدات كهرباء في الشوارع.

وعلى هذا المنوال تدخل اتحاد بلديات الشوف الأعلى لمواجهة أزمة النفايات في قري في التلال المطلة على بيروت وجمع أموال وتبرعات لإقامة منشأة لفرز القمامة وتحويلها إلى سماد عضوي.

وقال سامي عطا الله مدير المركز اللبناني للدراسات إن هناك هياكل لدى البلديات لإدارة نظم النفايات. ونشرت لجنة خاصة في الجامعة الأمريكية دليلا يبين كيف يمكن للبلديات إقامة منشآت لكن الحكومة لم تبد الكثير من الاهتمام.

وقال عطا الله "الحكومة المركزية لا تزال تحاول احتكار القطاع". وأضاف "هناك أموال ستتحصل وهم يحاولون أن يحددوا كيف يقتسمون الكعكة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com