تعديل المناهج في الأردن يُشعل المعركة الانتخابية والملكة رانيا تدخل على الخط
تعديل المناهج في الأردن يُشعل المعركة الانتخابية والملكة رانيا تدخل على الخطتعديل المناهج في الأردن يُشعل المعركة الانتخابية والملكة رانيا تدخل على الخط

تعديل المناهج في الأردن يُشعل المعركة الانتخابية والملكة رانيا تدخل على الخط

قبل اسبوع تقريبا، شهدت الساحة الإعلامية الأردنية المشغولة بانتخابات برلمانية  مقررة في العشرين من الشهر الحالي وموسومة بغياب ملفت في البرامج والقضايا الحيوية، سقوط "قذيفة" إعلامية من النوع العنقودي الذي يمكن أن ينتشر ويطال أكثر من موضوع وموقع وفئة.

وخرج الناطق الإعلامي لنقابة المعلمين الأردنيين، المحسوبة على " الإسلاميين "، ببيان يرفض التعديلات التي طالت المناهج التعليمية والكتب المدرسية، واصفًأ إياها بأنها اعتمدت سياسة مجافاة نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وكان في ذلك يشير إلى ما جرى تداوله على مواقع  في الإعلام المجتمعي من صفحات  لبعض الكتب المدرسية التي جرى فيها التغيير.

توقيت جديد

موضوع  التعديل في المناهج والكتب الدراسية، ليس جديدا في الأردن، حيث يراوح منذ ما يزيد عن عقدين، بعضه كان تعديلا  مطلوبا  ضمن  التطوير التربوي المفترض، لكن بعضه الآخر كان يردده البعض ممن يعتقدون أنه جزء من التطبيع الثقافي المنصوص عليه في معاهدة السلام مع إسرائيل.

آخر الحلقات الإجرائية في تعديل المناهج والكتب المدرسية، كانت قرارا صدر بتاريخ 6/3/ 2016، وهو الذي  تحدث عنه الناطق الإعلامي لنقابة المعلمين، الأسبوع الماضي، أي بعد ستة شهور من صدوره.

وسواء كان تجديد الحديث الآن، مقصودا بتوقيت سياسي مع الانتخابات البرلمانية، أم  أنه مجرد استجابة ومتابعة  لما استجدّ على كتب مدرسية وزّعت على  الطلاب مؤخرا مع بداية العام الدراسي، فإنه في المحصّلة  جدل تدحرج وتضخّم في سياقات سياسية واجتماعية، يمكن  أن تتوالى وتتسع بعد عطلة عيد الأضحى.

موقف الملكة رانيا

زاد في حساسية وحرارة  الكُرة المتدحرجة، أنها تتصل مباشرة  بموضوع مناهج تعليمية أولتها الملكة رانيا العبدالله، في الأسابيع القليلة الماضية، تصريحات عالية النبرة تصدّرت العناوين الرئيسية للصحف اليومية  في انتقاد فشل المناهج التعليمية  وفي المطالبة  بالإصلاح الجذري، ولذلك أضحى الحديث عن إصلاح وتغيير المناهج والكتب المدرسية وكأنه عند البعض، انتصارا للملكة في مواجهة قوى ردة  حرفت موضوع الإصلاح التعليمي وأدخلته، حسب  كاتب تعليق يومي  في صحيفة يومية، ضمن "مساحات التضليل واختلاق المؤامرات، ومن ثم دق طبول الحرب والتكفير والتخوين لهذه الجهود الوطنية في تطوير العملية التعليمية".

فشل بالأرقام

في ثلاث مناسبات أخيرة، شكلت ما يشبه الحملة، وصفت الملكة المناهج التعليمية بالإخفاق الذي تترجمه الأرقام، ودعت الى تنظيفها من محفّزات التطرف.

ففي حفل إطلاق "استراتيجية  تطوير الموارد البشرية " حيث كانت إلى جانب الملك عبدالله الثاني بن الحسين، تحدثت الملكة عن كشوف علمية تقول إن 90% من التطور الدماغي للأطفال تحصل قبل سن الخامسة، بينما هذه النسبة من التطور لا تزيد في الأردن عن 2% حتى سن الثالثة، وعن 28% بين سن 3-5 سنوات.

وأضافت، أن 80% من طلبة الصفوف الثاني والثالث هم دون مستوى مرحلتهم في القراءة، وهي معلومة  كان وزير التربية والتعليم زاد عليها بأن أكثر من 130 ألف طالب وطالبة في الأردن أميّون، لا يقرأون أو يكتبون.

وقبل ذلك بأيام كانت الملكة حضرت إحدى جلسات "قمة التعليم العربي" التي  انعقدت في عمان بمشاركة خليجية وعربية، وحضور عدد من كبريات الشركات العالمية التي تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مثل مايكروسوفت وسامسونج ولينوفا وتوشيبا وانتل، وفي الجلسة  طالبت الملكة بنظم تعليم جديدة  تتوافق مع سوق العمل.

وفي مناسبة تربوية سابقة، تسلمت خلالها شهادة فخرية من جامعة سابينزا الإيطالية، وصفت الملكة رانيا  الفكر التربوي المتطرف بأنه تدمير للثقافة، وتحدثت عن ضرورات التمسك بقيم التعايش واحترام الاختلاف والتعرف على الآخرين بدون حواجز، مشددة على ضرورة إيجاد مناهج تواكب المستجدات.

 الفكر الداعشي

 في ظلّ هذا التوجه، الذي تولّته الملكة  نحو مراجعة طرق الخطاب الثقافي التربوي، ونحو إعادة انتاج المناهج التعليمية، ذهبت بعض الجمعيات المدنية والتقارير الاستقصائية في بعض الصحف والمواقع، إلى التأشير على مدارس ومناهج وحتى جامعات بعينها، على أنها تكاد ترعى "الفكر الداعشي "، كما توسع كُتّاب وتربويون  في استخدام تعبير " المناهج الداعشية " ليصفوا بها  بعض المحتوى التعليمي الذي طالبوا بتغييره ضمن برامج مكافحة "الارهاب".

مركز مستقل للمناهج

إحدى توصيات لجنة "الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية " وهي التي تشكلت العام الماضي برئاسة د وجيه عويس،  مدير"مؤسسة ولي العهد"، طالبت  بإنشاء مركز مستقل للمناهج، بحيث لا تبقى المناهج جزءا من  بيروقراطية  وزارة التربية والتعليم.

وأقر مجلس الوزراء  في جلسته الأخيرة قبل أيام  توصية " الموارد البشرية " وأنشأ  مركزا مستقلا للمناهج، ووضع له آلية تنفيذية، وبذ لك حسمت الحكومة موضوع الإصلاح التربوي، الذي كان يمكن أن يمضي  بصوت منخفض، لولا ما  حصل من بيان نقابة المعلمين الذي يصادف ذروة الحملات الانتخابية.

بيان النقابة 2

يوم الأحد الماضي أصدرت نقابة المعلمين بيانا ثانيا حول موضوع التعديلات في الكتب المدرسية، قالت فيه إن تعديل المناهج لم يقتصر على حذف آيات وأحاديث، بل امتد إلى حذف مظاهر إسلامية كالحجاب ،حتى وصل للّحية، كما جرى  حذف استدلالات شرعية على قضايا مجتمعية ؛ كالمخدرات وغيرها، مع سلخ الأفكار عن محيطها الموروثي ،مثل استبدال تراكيب : ( سافرت فاطمة إلى مكة ) ب ( سافرت سامية إلى لبنان ).

 وأضاف بيان النقابة أنه جرى تغييب بعض القيم والشخصيات القومية؛ كتغييب مصطلحات فلسطين وأمة عربية والطيار فراس العجلوني.

 وقال بيان النقابة  "إن المجالس النقابيّة التي سبقت والحالية تعلم أن القانون يمنعها من التدخل بالمناهج ومع ذلك فإن هذه التعديلات لا تنسجم مع مفهومنا الحضاريّ وموروثنا الثقافيّ لكن واجبها التربويّ يحتّم عليها اتّخاذ موقف ينسجم مع رسالتها الحضاريّة ولهذا أعلنت على لسان ناطقها الإعلامي ضرورة تعديل هذه التعديلات التي جاءت تحت ذريعة مكافحة التطرف".

موقف الوزير

مصدر مطلع في وزارة التربية والتعليم كشف أن وزير التربية محمد الذنيبات طلب الاجتماع بمديرة إدارة المناهج والأمناء العامين وعدد من مدراء الإدارات على وجه السرعة وذلك بعد عودته من السفر للتباحث حول قضية تغيير المناهج الذي جرى على عدد من الصفوف.

 ووصف موقع "سرايا" خطوة الوزير الذي هو أيضا نائب لرئيس الوزراء وعضو سابق في الإخوان المسلمين بأنه موقف "غضب و استياء كبير" بعد إطلاعه على التغييرات على المناهج التي طالت العديد من الصفوف الأساسية و من بينها الصف الثالث.

أما الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم وعضو اللجنة وليد الجلاد،  فقد نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "بترا " أن اللجنة بدأت عملها بجمع وتحليل جميع ما ورد في مواقع التواصل الاجتماعي والتغذية الراجعة من الميدان ووسائل الإعلام حول المناهج ودراساتها، مبينا أن اللجنة ستعمل حال الانتهاء من عملها، على تقديم تقرير مفصل للوزير.

وكانت وزارة التربية والتعليم أرسلت نسخا من كتب اللغة العربية والتربية الإسلامية والتاريخ والتربية الوطنية الجديدة إلى دائرة الإفتاء بناء على طلب الدائرة لدراستها وبيان ملاحظاتها حولها.

 بعد العيد

 بيان نقابة المعلمين أبقى  الباب مفتوحا للمتابعة بعد عطلة العيد، فقد طلب رئيس لجنة التربية والتعليم، بمجلس نقابة المعلمين، من حملة شهادة الدكتوراة في الشريعة ،الوقوف على التعديلات، وتزويد النقابة بها وكذلك من عدد من معلمي التخصص لتزويد النقابة خطيا بملاحظاتها بعد العيد مباشرة ، كي يتم جمع الملاحظات وتدقيقها وتصنيفها.

وأعرب بيان النقابة عن الأمل بأن تكون الملاحظات دقيقة، وتشمل صورة لموضع وصفحة الملاحظة ووصف للملاحظة كتابيا، مع تحديد موقعها بدقة، وبعد رصد الملاحظات ستتم مخاطبة الوزارة رسميا بها ،ونشرها على الإعلام.

يشار الى أن  الانتخابات البرلمانية التي تخوضها 3  كتل "إسلامية " ستجرى  بعد عطلة العيد ببضعة أيام ، ما يعني أن الضجة على المناهج التعليمية  ستكون جزءا من  ذروة الحملات الدعائية  للمرشحين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com