الصراع التركي الأوروبي حول المعونات يعرّض حياة أطفال سوريين للخطر
الصراع التركي الأوروبي حول المعونات يعرّض حياة أطفال سوريين للخطرالصراع التركي الأوروبي حول المعونات يعرّض حياة أطفال سوريين للخطر

الصراع التركي الأوروبي حول المعونات يعرّض حياة أطفال سوريين للخطر

ينتظر غيث مكنسي "13 عاما" وشقيقته ليمار اللذان أصيبا بحروق شديدة في الوجه في انفجار صاروخ لدرجة لا يستطيعان معها إغلاق أعينهما بشكل كامل منذ فترة طويلة في تركيا لإجراء جراحة يحتاجانها كي يعودا إلى الحياة والمدرسة.

وبعد عام ونصف العام من وقوعهما ضحية هجوم على منطقة تسيطر عليها المعارضة في دمشق، ربما أصبح الشقيقان ضحيتين مرة أخرى بعد أن منعت الخلافات السياسية والروتين مساعدات تعهد بها الاتحاد الأوروبي إلى تركيا وقيمتها ثلاثة مليارات يورو (3.4 مليار دولار).

وأمام غيث ستة أشهر لتجرى له جراحة ترميم للوجه ويحتاج إلى أصابع صناعية متوفرة في أوروبا وليس في تركيا. وحتى ذلك الحين سيظل هو وشقيقته حبيسي المنزل إذ لا رغبة لهما في الذهاب إلى الخارج حيث يسخر الآخرون من وجهيهما المشوهين.

وقال غيث وهو يجلس بجانب أمه وشقيقته في شقة صغيرة بضاحية في أنقرة مليئة بأسر من اللاجئين السوريين "لا أريد سوى استعادة وجهي الحقيقي".

ومقابل المليارات من الأموال النقدية للاجئين الذين استقبلتهم من سوريا والإعفاء من تأشيرات الدخول وإعادة تنشيط عملية الانضمام للاتحاد الأوروبي وافقت تركيا على التعاون في منع المهاجرين من عبور بحر إيجه إلى اليونان واستعادة غير المؤهلين منهم للجوء.

لكن بعد أشهر من توقيع الاتفاق يتوقع الاتحاد الأوروبي الآن أن تكون 182 مليون يورو قد صرفت بنهاية أغسطس آب. وردا عل سؤال عن سبب منح أموال قليلة للغاية أشار مسؤول أوروبي إلى النطاق الواسع للبرنامج وكذلك إلى الحاجة لضمان أن المنظمات غير الحكومية المخصصة للحصول على المساعدات أهل للمهمة.

لكن محاولة الانقلاب التي وقعت الشهر الماضي في تركيا أبرزت أيضا التوتر بين أنقرة وبروكسل. فالمسؤولون الأتراك الغاضبون يتصورون أن ثمة نقصا في التعاطف من جانب المسؤولين الغربيين وشكك الرئيس رجب طيب إردوغان الشهر الماضي في التزام الاتحاد الأوروبي بالتعهدات التي قطعها بموجب اتفاق المهاجرين.

وقال مدير أحد المنظمات غير الحكومية التركية الذي طلب عدم نشر اسمه إن الخلافات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا من ضمن أسباب تأجيل المدفوعات. وأضاف "الحكومة تتصور أن الاتحاد الأوروبي يستخدم هذه الأموال كأداة سياسية بدلا من رغبته في أن تذهب للاجئين" مضيفا أن الحكومة لا تثق في المنظمات غير الحكومية الداخلة في شراكة مع الاتحاد الأوروبي.

ورفض مسؤولان حكوميان التعليق، في حين اكتفى مسؤول بالرئاسة بالقول إن من المهم للاتحاد الأوروبي أن يفي بجانبه من الاتفاق.

أموال تنتظر الإنفاق

وتقول تركيا إنها تستضيف الآن 2.72 مليون لاجئ سوري بالإضافة إلى عشرات الآلاف من طالبي اللجوء ومن بينهم عراقيون وأفغان فروا من العنف في البلدين.

وتجادل بأنه سيكون من الأيسر إعطاء الأموال مباشرة للحكومة وهو ما يرفضه الاتحاد الأوروبي، الذي يقول إنه دائما ما يضخ المساعدات الإنسانية من خلال وكالات متخصصة ومؤسسات غير حكومية كي تذهب مباشرة لمن هم في حاجة إليها.

بيد أن مسؤول الاتحاد الأوروبي، قال إن بعض المنظمات غير الحكومية في تركيا غير مدربة على التعامل مع أزمة اللاجئين والنطاق الاستثنائي لها، وربما تفتقر إلى القدرة وهو ما يعني أن ثمة حاجة لعمليات تحقق وإعداد إضافية قبل صرف الأموال.

وكانت الهيئة العامة للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية التابعة للمفوضية الأوروبية تنفق عادة في الماضي زهاء مليار دولار في دعم المشروعات الإنسانية على مستوى العالم كل عام. وربما تنفق هذا المبلغ في تركيا وحدها هذا العام.

وبعيدا عن بيروقراطية الاتحاد الأوروبي وتركيا والتوتر الدبلوماسي بينهما، ينظر غيث وشقيقته البالغة من العمر ستة أعوام إلى صورة شقيقهما محمد الذي توفي بعد عشرة أيام من الألم والمعاناة في مستشفى في أعقاب الهجوم الصاروخي.

وتظهر الصور الأطفال وهم يبنون رجلا من الثلج في أوقات أكثر سعادة تتناقض بشدة من حياتهم منذ الانفجار. وفي الشهور الثلاثة التي قضاها غيث وليمار في المستشفى خضع كل منهما لأربع عمليات، لكن لا يزال يتعذر التعرف عليهما. فغيث ليس لديه أصابع وليمار لا تستطيع التنفس بشكل طبيعي.

وقال كريم كينيك رئيس الهلال الأحمر التركي "إنه يتوقع أن تمكن أموال الاتحاد الأوروبي أطفالا مثل غيث وليمار من الذهاب إلى مدارس خاصة وتلقي علاج على نحو أسرع" مضيفا "نتوقع أن تبني وكالات الأمم المتحدة وأوروبا قدرات جديدة للرعاية الصحية على الأقل لكننا لم نحصل للأسف على مساهمات".

وفي حين تحصل أسرة غيث على بعض الدعم من منظمة غير حكومية محلية، يقول عمال الإغاثة إن هناك الآلاف من الأسر المدمرة تعاني من مشكلات طبية خطيرة ولا تحصل على مساعدة كافية.

ويأمل محمد الحاج منصور وزوجته مريم السايح أن يذهب ابنهما علي البالغ من العمر أربع سنوات والذي فقد بصره في انفجار لغم أرضي لدى فرار الأسرة من الدولة الإسلامية إلى أوروبا لتجرى له عملية لاستعادة بصره. وقتل أشقاء علي الأربعة في الانفجارات. وقال محمد (42 عاما) "لم يكن لدينا أي وقت حتى لندفنهم ونجمع أشلاءهم من الحقل."

وفي حين لا تمنح تركيا السوريين رسميا وضع اللاجئ فإن وضع الحماية المؤقتة يسمح لهم نظريا بالحصول على الرعاية الصحية والتعليم للأطفال على الأقل باللغة التركية، لكن هذه الجهود لا يمكن أن تجعل علي يرى. وقالت والدة علي "لا أريد طعاما أو كساء أو أي شيء آخر. أريد فقط أن يتعافى ابني".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com