البرلمان المصري يسعى لإحياء مشروع "توشكى" وسط جدل واسع
البرلمان المصري يسعى لإحياء مشروع "توشكى" وسط جدل واسعالبرلمان المصري يسعى لإحياء مشروع "توشكى" وسط جدل واسع

البرلمان المصري يسعى لإحياء مشروع "توشكى" وسط جدل واسع

حالة من الجدل في مصر، أثارها إعلان لجنة الزراعة بمجلس النواب، عن بدء عقد سلسلة من الاجتماعات الأسبوع الجاري، برئاسة النائب هشام الشعيني، رئيس اللجنة، لمناقشة سُبل إعادة إعمار منطقة توشكى جنوبي البلاد.

ويعتبر المشروع، أحد أبرز المشروعات القومية العملاقة في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، الذي جاء في إطار حملة الدولة لتوسيع رقعة المساحة المعمورة من 5% إلى 25% من مساحة مصر، بكل ما يترتب عليها من آثار ديموجرافية واقتصادية واجتماعية، ثم قامت ثورة 25 يناير 2011، فتوقف المشروع تمامًا، بعدما تم إهدار نحو 6 مليارات جنيه من المال العام عليه دون عائد.

مشروع توشكى

وتسبب إعلان اللجنة البرلمانية المعنية بشؤون الزراعة والري في مصر، بفتح ملف مشروع توشكى، وسط تسريبات عن سعي أعضاء اللجنة لإحياء المشروع مجددًا، حالة من الجدل والتباين في الآراء بين الخبراء المصريين.

ويقول الخبير المصري، الدكتور صلاح الدين فهمي، رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، إن إعادة إحياء مشروع توشكى، قد تكون شبه مستحيلة، رغم المليارات التي تم إنفاقها على المشروع في السابق، مشيرًا إلى أن إقامة سد النهضة من الجانب الأثيوبي، قضى على التفكير في مثل ذلك المشروع.

وأضاف فهمي، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن بحيرة ناصر ستندر بها المياه، بسبب إقامة السد الأثيوبي، وأن فرص نجاح المشروع كانت ضئيلة منذ البداية، وأن المشروع كلف خزانة الدولة مليارات دون فائدة، لافتًا إلى أن دراسات الجدوى التي تم القيام بها أكدت أن فرص نجاح المشروع ضئيلة، وتم وقتها تقديم عرض لرجل الأعمال السعودي الأمير الوليد ابن طلال، لشراء متر الأرض في توشكى بقيمة خمسين قرشًا آنذاك، وحينما رأى ابن طلال أن المشروع ليس له مستقبل رفض فكرة المشاركة.

وتابع، أن الرئيس مبارك حينئذ كان يريد إقامة مشروع قومي، لكن رغم كل الدراسات التي أكدت فشل المشروع، إلا أن الحكومة المصرية استمرت في إقامته، وتم إهدار العديد من المليارات، واصفًا إياه بـ"نكسة حرب 67".

ووصف فهمي، مناقشة البرلمان لمشروع توشكى اليوم السبت، بمثابة التدخل الجراحي للمريض، الذي يحتاج مرضه المعالجة أو البتر، مشيرًا إلى أن المناقشة بمثابة استكمال المشروع أو إغلاق المناقشة في إعادة إحياء توشكى نهائيًا، متوقعًا غلق النقاش في ذلك المشروع للأسباب السابق ذكرها.

وقال الخبير الاقتصادي المصري، يوسف محمد، إن مشروع توشكى من المشروعات القومية الكبيرة التي أنفق عليها الملايين ولم يتم استكمالها وتوفير سبل العيش للاستيطان بها، لافتًا إلى أن المشروع كان بمثابة حلم جميل، لكن التخطيط له لم يكن جيدًا، ما أدى إلى فشله.

وتابع، أنه من الممكن معالجة القصور السابقة، واستغلال البنية التحتية التي شرع في بنائها، واستكمالها بصورة جيدة وجاذبة للمستثمرين على غرار المشروع الجديد الناجح والمشرف للريف المصري، الذي افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ أيام قليلة، وتكون فرصة ﻹدراك ما فات وبعث الحياة في مشروعات توقفت لتكون خسائر فادحة على الاقتصاد.

مخصصات المشروع

أما الخبير العسكري المصري، ومحافظ سيناء الأسبق، اللواء عبدالمنعم سعيد، قال إنه في سنة 1993 تم وضع خطة لتنمية سيناء بحيث تستعوب كتلة سكانية ما بين 2 إلى 3 ملايين مواطن، وذلك بتكلفة تصل إلى 114 مليار جنيه، وذلك في عهد رئيس الوزراء المصري الأسبق عاطف صدقي، وأنه كان وقتها يشغل منصب محافظ جنوب سيناء، وأنه كان ممن وضعوا خطة متكاملة لتنمية شاملة، وكانت مدة تنفيذ المشروع تتراوح بين 15 عامًا إلى 20 عامًا، وأنه تم بالفعل تنفيذ بعض مراحل المشروعات من طرق وأعمال بنية تحتية، بلغت تكلفتها 14 مليار جنيه، إلا أنه تمت الإطاحة بحكومة الدكتور عاطف صدقي، وجاء بعد ذلك رئيس الوزراء كمال الجنزوري، وتوقف المشروع، وتم نقل المخصصات المالية لمشروع تنمية سيناء إلى مشروع توشكى، مؤكدًا أن ما حدث في ذلك الوقت كان أكبر خطأ يحدث في مصر، لأن مشروع توشكى بحسب قوله لم يكن مدروسَا بالقدر الكافي، بدليل أنه لم ير النور حتى اليوم.

دفاع برلماني

لكن النائب كمال عبدالحليم، عضو مجلس النواب، رأى أن إعادة إعمار مشروع توشكى أحد أبرز الملفات التي تناقشها لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، نظراً للأهمية القومية والاستراتيجية لهذا الملف، باعتباره أحد أهم الأولويات.

وأكد عضو مجلس النواب المصري، على أن المرحلة الأولى من مشروع توشكى تهدف إلى زراعة 383 ألف فدان، تمت زراعة نحو 21.150 ألف فدان منها حتى الآن، كما تم الانتهاء من استصلاح 36.950 ألف فدان، بمعرفة شركات "المملكة للتنمية- جنوب الوادي للتنمية- الراجحى الدولية"، وأنه يجرى حاليًا الإعداد لتنفيذ مشروع مفيض توشكى، لاستبدال السد الترابي ببوابات إلكترونية، لسرعة التعامل في حالة الطوارئ والفيضانات العالية، بهدف حماية جسم السد العالي، والمنشآت الملحقة به، في حالة حدوث أي كوارث طبيعية للسدود في أعالي النيل.

مخالفات جسيمة

وبحسب تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات، فشل المشروع القومي الأبرز خلال عهد "مبارك"، وأهدرت 6 مليارات جنيه طوال 14 عامًا دون عائد.

وأوضح التقرير، أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزير الزراعة والشركات المخصص لها أراضٍ للاستصلاح في العام 1998، أبرمت 4 عقود مع 4 شركات، الأول مع شركة "المملكة" للتنمية الزراعية التي يمثلها الأمير الوليد بن طلال، بمساحة 100 ألف فدان، والثاني مع شركة "جنوب الوادي" للتنمية الزراعية، والثالث مع الشركة المصرية للاستصلاح وتنمية الأراضي، والرابع مع شركة الراجحي للاستثمارات الزراعية. 

وذكر الجهاز المركزي للمحاسبات في تقريره، أنه بلغت جملة المساحة المزروعة بمشروع توشكى حتى 30 يونيو 2010، نحو 22.804 ألف فدان، وهي تمثل نحو 6.6% من المساحات التي جرى تخصيصها للمستثمرين، والبالغة نحو 343 ألف فدان، و4.2% من جملة مساحة المشروع البالغة نحو 540 ألف فدان، لافتًا إلى أنه بلغت جملة الأعمال المنفّذة للمشروع حتى التاريخ ذاته نحو 5.968 مليار جنيه بتجاوز قيمته 666 مليون جنيه.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com