إنقاذ اليونان شرط لإنقاذ أوروبا
إنقاذ اليونان شرط لإنقاذ أوروباإنقاذ اليونان شرط لإنقاذ أوروبا

إنقاذ اليونان شرط لإنقاذ أوروبا

تتساءل صحيفة "لبيراسيون" في تحليلها الاقتصادي "هل أزمة منطقة اليورو حدثت بالفعل؟ أليس الأمر في الواقع مجرد أزمة يونانية، تدار بشكل سيئ لعدم وجود أدوات كافية، وتؤدي في النهاية إلى تهديد العملة الأوروبية الموحدة؟ فالجواب لا يثير أي شك: بعد مرور أكثر من خمس سنوات على توجيه رئيس الوزراء اليوناني، جورج باباندريو، في جزيرة كاستيلوريو، نداء يطلب فيه المساعدة، لا يزال البلد، بسبب عدم وجود إصلاحات كافية، غير قادر على الوصول إلى الأسواق المالية.

ومنطقة اليورو، لم تعرف كيف الخروج من المستنقع اليوناني، كما تشهد على ذلك قمم "الفرصة الأخيرة". غالبية الأوروبيين على يقين بأن خروج اليونان من منطقة اليورو سيكون كارثيا بالنسبة لليونان، وخطرا على منطقة اليورو نفسها.

لقد أثبتت أيرلندا والبرتغال أن الأزمة في منطقة اليورو كانت في الواقع أزمة يونانية، فبعد أن واجه هذان البلدان مشاكل حادة نتيجة الأزمة المالية في الولايات المتحدة، فلم يكن لتُحرما من الوصول إلى الأسواق، في نهاية 2010 لأول مرة. وفي أوائل عام 2011 للمرة الثانية، لو لم يسقط اليونان في أزمته، وهو ما أحدث حالة من الذعر بين المستثمرين لم يسبق له مثيل. فعندئذ لم يجد هذان البلدان بدا من تقديم تضحيات مماثلة لتضحيات اليونان لتصويب حساباتهما العامة، وبعد ثلاث سنوات فقط خرجتا من المساعدة المالية الأوروبية، كما كان مقررا. بل وصار في مقدروهما تسديد مستحقات صندوق النقد الدولي في وقت مبكر، هذا الصندوق الذي تهدده أثينا اليوم بعدم الدفع يوم 30 يونيو ... وحتى قبرص التي تعثرت في عام 2013، بدأت تتعافى الآن، مثل إسبانيا التي استطاعت في أعقاب انفجار فقاعة الإسكان، أن تقاوم وحدها وتنفذ إصلاحات جد قاسية.

خصوصية الأزمة

هناك إذن خصوصية يونانية، وهو الأمر الذي يعرفه كل طرف من الأطراف الفاعلة في هذه الأزمة منذ وقت طويل. ففي أواخر عام 2000، وبعد انضمام أثينا إلى العملة الموحدة لم تكن الدول الأعضاء، والمفوضية، والبنك المركزي الأوروبي تجهل أن أثينا تُزوّر أرقامها الاقتصادية، وأن وضعية اقتصادها لا تسمح لها باقتسام نفس عملة ألمانيا. وعلاوة على ذلك، فمنذ عام 2005، والحكومة الجديدة المحافظة اليونانية تعترف رسميا أنها قسمت إلى اثنين عجزها المالي منذ أربع سنوات من دون إثارة أي رد فعل من قبل شركائها.

وقد استمرت تلك الأكاذيب الغليظة حتى عام 2009، فكان الوقت متأخرا للاستجابة بفعالية، لأن الأزمة المالية 2007-2008 كانت قد غيرت الوضع رأسا على عقب. والحال أن هذا العمى المتعمد إزاء "موطن أفلاطون"، على حد قول فاليري جيسكار ديستان الذي دفع هذا البلد في عام 1981 إلى الانضمام إلى السوق الأوروبية المشتركة، عمى أقدم عهدا بكثير.

إنه لشيء غريب أن نسمع اليوم القادة الأوروبيين وهم ينتقدون بلدا كانوا يعرفون تماما عيوبه وقيوده وحدوده: دولة زبائنية، بيروقراطية وفاسدة، واقتصاد منغلق، متمحور حول قطاع عام غير فعال وضعيف، وشركات جد صغيرة وغير فعالة وقليلة التصدير.

فالأمر لا يحتاج فقط إلى إجراء تحسينات هنا أو هناك، وإنما يحتاج لإعادة بناء بلد على أسس جديدة، وهو ما يستغرق وقتا طويلا. فهكذا أنفقت دول وسط أوروبا  14 عاما حتى تصل إلى معايير أوروبا الغربية، وما زال الطريق أمامها طويلا.

فالإغراء، خاصة من جانب ألمانيا وبلدان شمال أوروبا، كبير لإصلاح الخطأ الذي حدث في عام 2000 بدفع اليونان نحو باب الخروج، وهو ما سوف يكون بمثابة درس لأولئك الذين قد يقصرون في الالتزام بالانضباط المشترك. ولكن لا أحد يعرف كيف ستتفاعل الأسواق أمام عجز منطقة اليورو على إصلاح المشكلة التي لا تمثل سوى  2٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي. فهل سيعزى هذا العجز لواحد من الأعضاء المتسببين في المشكلة؟

خيار واحد

الخيار الوحيد المعقول هو أن تفعل أوروبا كل شيء للحفاظ على اليونان في منطقة اليورو، حتى وإن كلفها هذا ثمنا باهظا:  يجب على شركاء اليونان أن يمنحوه الوقت الكافي لإعادة بناء نفسه وليس طلب المستحيل منه فورا وبلا انتظار. وفي الوقت نفسه، يجب على منطقة اليورو أن تواصل تكاملها. فبعد إنشاء آلية الاستقرار الأوروبي، والاتحاد المصرفي، والحكومة الاقتصادية، اقترح رؤساء مؤسسات الاتحاد الأوروبي (المفوضية والبرلمان الأوروبي، والمجلس الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي، ومجموعة اليورو) إنشاء مراقبة ديمقراطية، وخلق خزانة أوروبية بحلول عام 2025 .

ومن وجهة النظر هذه، يكون اليونان قد قدم بطريقة أو بأخرى، خدمة إلى اليورو يُظهر من خلالها أنه لا يستطيع البقاء والاستمرار من دون تكامل سياسي اتحادي: إفلاس دولة في منطقة اليورو لا ينبغي أن يعرّض وجوده للخطر، مثلما إفلاس ولاية كاليفورنيا لا يهدد وجود الولايات المتحدة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com