زيارة السيسي لبرلين.. نجاح سياسي لم يتوج بمكاسب اقتصادية
زيارة السيسي لبرلين.. نجاح سياسي لم يتوج بمكاسب اقتصاديةزيارة السيسي لبرلين.. نجاح سياسي لم يتوج بمكاسب اقتصادية

زيارة السيسي لبرلين.. نجاح سياسي لم يتوج بمكاسب اقتصادية

القاهرة- قال محللون إن زيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى برلين، "أتت ثمارها" خصوصا أنها تعد تأييدا ألمانيا للنظام الحالي في القاهرة، لكنهم اعتبروا أن المكاسب الاقتصادية للزيارة لم تتحقق.

وسلطت السيسي، إلى برلين، الضوء على مستقبل العلاقات المصرية الألمانية، التي توترت لنحو عامين على خلفية موقف برلين من عزل وسجن الرئيس الإخواني محمد مرسي.

واتخذت ألمانيا في 3 تموز/ يوليو 2013، مسافة من عزل وسجن مرسي، مكتفية بالدعوة إلى تسريع البدء بالعملية السياسية، ومناشدة الأطراف تجنب العنف، والإفراج عن مرسي.

وجاءت زيارة السيسي لبرلين -والتي بدأها الثلاثاء الماضي، واختتمت أمس الخميس- وسط توقعات سبقتها بعدم إتمامها عقب إعلان رئيس البرلمان الألماني، نوربرت لامرت، في ١٩ أيار/ مايو الماضي، أنه لن يلتقي السيسي، بسبب "انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وقرار الإعدام الصادر بحق محمد مرسي".

وعكس موقف رئيس البرلمان الألماني بصورة أو بأخرى، مخاوف لدى برلين، ما زالت متصاعدة، بشأن حقوق الإنسان، وهو ما برز لاحقاً خلال الزيارة، وتحديدا أثناء مؤتمر صحافي جمع السيسي والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل، حيث قالت الأخيرة بوضوح إن بلادها "ضد تنفيذ قرارات الإعدام الصادرة بحق محمد مرسي، وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين".

كما شهد المؤتمر احتجاج صحافية مصرية تدعى فجر العادلي، هتفت ضد السيسي، ورفعت إشارة "رابعة".

وقال عبد السلام نوير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط (جنوب مصر)، إن "زيارة السيسي لألمانيا، كزيارة في حد ذاتها، أتت ثمارها، لا سيما في ظل ما سبقها من احتمالات لتأجيلها أو إلغائها، وبالتالي فمجرد حدوث الزيارة بمثابة اعتراف بشرعية النظام القائم، وهو ما كان يبغيه النظام".

وتابع في تصريح صحافي "بالطبع كان هناك انتقادات لمرافقة وفد شعبي من الفنانين المصريين خلال الزيارة، وهو الأمر الذي أعطى صورة سلبية عن اتباع مصر للأعراف الدبلوماسية، لا سيما أن مرافقة الفنانين أمر غير معهود، لكن في النهاية تحققت الأغراض السياسية من الزيارة".

ووفق نوير فإن "المكاسب الاقتصادية لم تتحقق في ظل هذه الزيارة، حتى مع توقيع اتفاقيات مع الجانب الألماني، فما كان منتظراً ومتوقعاً لم يتحقق، ويبدو أنه لن يتحقق في ظل وجود حالة استقطاب حادة في مصر".

وتعليقا على توقيع اتفاقية تعاون مع شركة سيمنس الألمانية بقيمة ٨ مليار يورو خلال الزيارة، قال نوير إن مصر "تواجه تحديات اقتصادية هائلة أكبر من هذه القيمة، التي كان يمكن أن نحصل عليها خارج الزيارة، ولا تحتاج لزيارة رسمية من السيسي".

وشهد المؤتمر الاقتصادي في مدينة شرم الشيخ المصرية، في آذار/ مارس الماضي توقيع اتفاقية بين القاهرة وشركتي "سيمنس" و"جنرال إلكتريك"، الألمانيتين، لتزويد مصر بالطاقة الكهربية بنسبة الثلث في غضون عام ونصف العام، وذلك بتمويل مباشر من الحكومة الألمانية وبشروط سداد ميسرة للحكومة المصرية.

من جانبه، اعتبر جمال عبد الجواد، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية التابع لصحيفة الأهرام (رسمية) أن "زيارة السيسي لألمانيا نجحت برغم أنها لا تعتبر بيئة صديقة لنظامه، الأمر الذي كان جليا في مواقف برلين إزاء تطورات الأوضاع في مصر منذ الإطاحة بمرسي، إلى جانب وجود تيار قوي من الإسلاميين والمهاجرين الأتراك في ألمانيا، رافضين للنظام الحالي في مصر، وعليه كان من الصعوبة تقبل زيارة السيسي وإتمامها، وبالرغم من ذلك تمت الزيارة، وهذا في حد ذاته نجاح".

وأضاف "أتصور أن الزيارة نجحت في حد ذاتها، لأنها بمثابة اعتراف من برلين على أعلى مستوى بالنظام السياسي القائم في مصر وبشرعيته، وأنه يمكن التعامل معه مستقبلاً"، مردفاً "إذا كان للزيارة ثمار فلم تكن كافية على المستوى الاقتصادي، بالطبع نفهم إننا نتحدث عن بلد مثل ألمانيا، الاقتصاد بها ليس متمركزا في يد الحكومة كي تقوم مثلا بتحويل مبالغ مالية كبيرة للقاهرة على غرار الخليج".

ورغم ذلك أبدى عبد الجواد تفاؤلا مشروطا، بقوله: "لكن قد يكون لمسألة الدعم الاقتصادي تداعياته مستقبلاً، وليس في الوقت الراهن، وهو الأمر المرهون بالرد المصري عمليا على الانتقادات التي وجهتها برلين بشأن حقوق الإنسان".

بدوره، أوضح نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مختار غباشي، أن "هناك مرحلة تفاهم جديدة بين القاهرة وبرلين، في إطار تحول غربي تجاه مصر، ظهرت ملامحه منذ شهرين، عندما أعلنت فرنسا عن إتمام صفقة الطائرات رافال بقيمة 5.2 مليار يورو".

سبب تزحزح موقف ألمانيا تجاه النظام الحالي في مصر، أرجعه غباشي إلى "منطق المصلحة أولا، في التعامل مع دول الشرق الأوسط، وذلك لضمان عدم توافد المهاجرين، (الفارين من الصراعات في بلادهم)، وهو الأمر الذي يشكل تهديداً خطيراً للغرب".

ولفت الخبير السياسي إلى أنه "كلما أحكم النظام الحالي في مصر سيطرته على الداخل، كلما تحدث التحولات الجذرية في مواقف الغرب تجاهه"، متوقعاً أن "تغض دول غربية ومنها ألمانيا، الطرف، عن انتقاد حقوق الإنسان، مع هذه التحولات".

أما رافال باجكزوك، الباحث الألماني في مركز الدراسات الشرقية الروسي (مستقل، ومقره وارسو)، رأى أن زيارة السيسي لألمانيا "تعبير عن مساع ألمانية، لدعم شرعية الرئيس، ودعمها له في محاربة الإرهاب".

وأشار باجكزوك إلى أن هذا "يمثل تغير موقف برلين السابق، والذي كان يربط، الزيارة بإجراء الانتخابات البرلمانية في مصر (والتي تم تأجيلها أكثر من مرة لأجل غير معلوم، ولكن السيسي في ختام زيارته لألمانيا وعد بإجرائها قبل نهاية العام الجاري)".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com