"اليونيفيل" تقول إن قواتها باقية في مواقعها جنوب لبنان رغم طلب إسرائيل نقل بعضها
عزز قرار فتح الحدود البرية بين تونس والجزائر، أمس الجمعة، الآمال بانتهاء الأزمة الصامتة التي شهدتها العلاقات بين البلدين، خلال الأشهر الأخيرة، عقب تصريحات للرئيس الجزائري تحدث فيها عما قال إنه "مأزق تواجهه تونس"، وفقًا لتعبيره.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية، في بيان لها، أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تلقى مكالمة هاتفية من نظيره التونسي قيس سعيّد.
وبحسب البيان، "تبادل الطرفان الآراء حول مختلف القضايا المشتركة بين البلدين الشقيقين، وأكدا على مواصلة دفع العلاقات الثنائية، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، كما أعربا عن ارتياحهما مجددًا، للقرار المشترك بإعادة فتح الحدود أمام المسافرين بين الجزائر وتونس".
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أعلن عند توديعه لنظيره التونسي قيس سعيّد بعد زيارته الجزائر للاحتفال بذكرى استقلالها، في الخامس من يوليو/ تموز الجاري، عن إعادة فتح الحدود البرية بعد إغلاق دام لأكثر من سنتين ونصف.
ويثير ذلك تكهنات حول ما إذا كانت الخلافات قد انتهت بين البلدين، لاسيما في ظل التحديات المشتركة التي يواجهانها على غرار القمة العربية التي ستستضيفها الجزائر، في نوفمبر/ تشرين ثاني المقبل، والأزمة الاقتصادية الخانقة في تونس.
إذابة الجليد
وعلق النائب في البرلمان التونسي المنحل بدر الدين القمودي على الأمر بالقول: "هذه الحدود الوهمية يجب أن تبقى مفتوحة مهما كانت الظروف وطبيعة العلاقات بين الدولتين، ونؤكد أننا شعب واحد مجزأ في دول متعددة، وهذه الحدود فرضها الاستعمار وما زالت الدولة الإقليمية ترعاها".
وأكد القمودي في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" أن "الأصل أن تظل الحدود مفتوحة، لذلك نبارك عملية فتحها، ونرجو ألا تتأثر بأي خلافات، ونقدّر أن زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى الجزائر قد تكون دفعت في اتجاه إذابة الجليد".
وتابع: "الحقيقية أنه لا توجد معطيات حول الخلافات بين الحكومتين التونسية والجزائرية، ونثمن هذه العودة، ونرجو أن تتعزز العلاقات مع الشعب الجزائري باعتبار المصالح المشتركة والمتشابكة".
وحول آثار فتح الحدود، قال القمودي إن "هذا سيساهم بتوفير العملة الصعبة، وتونس تتنفس برئتين اقتصاديتين، واحدة في الجزائر، والثانية في ليبيا، لذلك فتح الحدود سيساهم في ازدهار الاقتصاد التونسي، عبر تدفق السياح الجزائريين الذين يقدّرون بمليوني سائح سنويًا".
السيطرة على الحدود
لكن الدبلوماسي والسفير التونسي السابق عبد الله العبيدي ألقى باللوم على السياسات المتبعة في تونس، وعدم تمكنها من السيطرة على حدودها ما جعل المخاوف الجزائرية مشروعة.
وقال العبيدي في تصريحات لـ "إرم نيوز": "هناك مسائل موضوعية جعلت الجزائر تشعر بأنها مستهدفة، وهو ما جعلها تقوم بإغلاق حدودها، كما نعرف في هذا الجانب أن 40% إلى 50% من الاقتصاد التونسي مواز، على غرار التهريب وغيره، ما يعني أن تونس غير متحكمة في حدودها".
وأضاف العبيدي: "هذه الأمور لا ترتاح إليها الجزائر، لكن ذلك لا يعني أن العلاقات بين البلدين متوترة الآن، ولكن هناك أيضًا جهات عملت على تعكير العلاقات، وانطلقت من تصريحات تبون في روما التي قال فيها إنها تونس تواجه مأزقًا، وهو تصريح لا يوجد فيه أي شيء يقلق".
لكن العبيدي ختم تصريحاته بالقول: "أعتقد أن العلاقات، اليوم، بدأت تعود إلى مسارها الطبيعي، بعد فتح الحدود البرية التي تمثل متنفسًا مهمًا لتونس".
من جانبه، قال المحلل السياسي الجزائري جيلالي كرايس إنه "مهما تكن الخلافات بين تونس والجزائر، فإن العلاقات أعمق، وكذلك المصالح المشتركة أهم، فتونس بحاجة إلى الدعم الاقتصادي، والجزائر بحاجة إلى الأمن على حدودها الشرقية، لذلك فإن معادلة الأمن والاستقرار تحتم على البلدين انتهاج سياسة تخدم البلدين، وتساهم بحفظ أمنهما واستقرارهما".
وأكد كرايس في تصريحات أدلى بها لـ"إرم نيوز" أن "تونس تعيش مرحلة دقيقة، وهي بحاجة إلى الدعم، والجزائر في كل الظروف لن تتخلى عن تونس كجارة وشقيقة، ولطالما كانت العلاقات بينهما جيدة وفي أعلى المستويات".
وتابع: "مثلًا بعد الثورة التونسية كانت أولى الزيارات التي قام بها سياسيون تونسيون للجزائر، وأول الدعم وصل من الجزائر، والتنسيق، اليوم، بين الرئيس تبون والرئيس سعيّد على أعلى المستويات أمنيًا وعسكريًا".
وبين كرايس أن "هذا ما يجب أن يترجم إلى دعم اقتصادي يحتاجه الاقتصاد التونسي، في ظل الأزمة الأوكرانية وتراجع سياح أوروبا الشرقية، وهنا جاء فتح الحدود لدعم الاقتصاد التونسي، وفي نفس الوقت للتأكيد على عمق العلاقات، وأن إغلاق الحدود كان بسبب جائحة كورونا، لأن الثابت بين البلدين هو أن تونس والجزائر في كل الظروف وفي كل الأزمنة لن يتخليا عن التنسيق فيما بينهما".
وختم كرايس بالقول: "في الواقع لا أقول إن العلاقات عادت إلى طبيعتها، فالعلاقات لم تتغير أصلًا، وإغلاق الحدود لا يمكن أن يعد توترًا بين البلدين، بل مجرد إجراء روتني، لأن العلاقات بين البلدين أعمق من ذلك وأكثر تشابكًا وتعقيدًا".