هل يقلب "زلزال الصدر" موازين العملية السياسية في العراق؟
هل يقلب "زلزال الصدر" موازين العملية السياسية في العراق؟هل يقلب "زلزال الصدر" موازين العملية السياسية في العراق؟

هل يقلب "زلزال الصدر" موازين العملية السياسية في العراق؟

دخلت العملية السياسية في العراق بمتاهة جديدة، بعد استقالة نواب التيار الصدري في البرلمان، وسط تحذيرات من لجوء التيار الذي يمتلك أكبر قاعدة جماهيرية نحو المعارضة الشعبية، ما يجعل مستقبل أية حكومة قادمة على المحك.

وقدم نواب التيار الصدري مساء الأحد، استقالاتهم بشكل جماعي إلى رئيس المجلس محمد الحلبوسي، تلبية لدعوة من زعيمهم مقتدى الصدر.

وجاءت تلك الاستقالة، بعد "انسداد سياسي" استمر لنحو ثمانية أشهر، دون أن تتمكن الكتل السياسية من تشكيل الحكومة.

ووقع رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي الاستقالات الجماعية للكتلة الصدرية، مشيراً في تغريدة على "تويتر"، إلى " أننا بذلنا جهدا مخلصا وصادقا لثني سماحته عن هذه الخطوة، لكنه آثر أن يكون مضحيا وليس سببا معطِّلا؛ من أجل الوطن والشعب، فرأى المضي بهذا القرار".

انهيار تحالف "إنقاذ الوطن"

وانشغلت الأوساط السياسية في العراق، خلال الساعات الماضية بشأن تلك الاستقالة وتداعياتها على النظام السياسي في البلاد ومصير تشكيل الحكومة، وفيما إذا كان "الإطار التنسيقي" قادرا على المضي بهذا المسار، وبناء تحالفات مع الكتل الأخرى، في ظل المعطيات الجديدة، وتبدل موازين القوى.

وبتلك الاستقالة، فإن تحالف "إنقاذ الوطن" الذي تشكل من الصدر، وحليفيه السني محمد الحلبوسي، والكردي مسعود بارزاني، أصبح من الماضي.

ويرى خبراء عراقيون أن المرحلة المقبلة قد تشهد سيناريوهات بعضها "مرعب"، لكن إلى الآن فإن الغموض سيد الموقف، وسط ترقب حذر لما ستؤول إليه الأمور في ظل "الصدع الكبير" الذي تتعرض له العملية السياسية.

في هذا الجانب رأى المحلل السياسي قاسم العبودي، أن أحد السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة هو "تشكيل وفد من الإطار التنسيقي، وباقي القوى السياسية للذهاب إلى الحنانة (محل إقامة الصدر بالنجف) ومحاولة ثنيه عن الانسحاب من العملية السياسية، الذي هو ركن أساسي فيها، ومن المرجح أن عودته ستكون بشرط الذهاب إلى المعارضة".

وأضاف العبودي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "السيناريو الثاني (مرعب والكل يتحاشاه)، وهو خروج القواعد الشعبية للتيار الصدري نحو التظاهرات، وتحشيد الرأي العام، فهذا السيناريو قد يطيل عملية الانسداد السياسي، وربما تتخلل التظاهرات صدامات سواء بين أنصار التيار وقوى الأمن، أو بين جمهوريّ التيار والإطار".

وتابع أن "المسألة الأخرى أن الصدر في انسحابه سيفتح باب الاستقالة أمام بعض القوى السياسية، وفي حال وصلت الانسحابات إلى نصف زائد واحد، فربما سيتم الذهاب إلى حل البرلمان، وبقاء الكاظمي في إدارة حكومة تصريف الأعمال".

حكومة دون الصدر "في خطر"

على مدار الأشهر الماضية، كانت القوى السياسية الشيعية، تتحاشى الذهاب نحو تشكيل الحكومة، أو تحمل المسؤولية دون التيار الصدري، وذلك تجنبا لمعارضته المزعجة، خاصة في حال حرّك الصدر الجماهير في الشارع، إذ يُقدر عدد أنصاره، بأكثر من 3 ملايين.

في العام 2016، حرّك الصدر أنصاره، وكاد يطيح بحكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، عندما اقتحم آلاف من أنصاره المنطقة الخضراء، ودخلوا إلى مبنى البرلمان والحكومة، قبل أن يأمر بانسحابهم، في حادثة ما زالت ماثلة أمام القوى السياسية، واعتُبرت دليلا على قدرة الصدر في تحشيد أنصاره بشكل سريع.

كما أن الاحتجاجات الشعبية، التي شهدها العراق، نهاية العام 2019، وراح ضحيتها آلاف الجرحى والقتلى، كانت بدعم وتأييد من الصدر، وفي أجزاء منها، كانت بتنظيم من أنصاره، حيث لا يتفاعل الصدر مع أية احتجاجات لم ينظمها أو يشارك فيها، ويرى أحيانا أن الشارع جزء من تكتيكاته.

في هذا السياق، رأى رئيس المجلس الاستشاري العراقي، فرهاد علاء الدين، أن "العملية السياسية قبل استقالة نواب التيار الصدري، هي غير العملية السياسية بعد تلك الاستقالة، حيث تعقد المشهد بشكل أكبر، وليس واضحا كيف يصب هذا القرار في مصلحة التيار الصدري".

وقال علاء الدين في تصريح لـ"إرم نيوز" إن "التغيير سيكون جذريا في المشهد السياسي، وتبعات الاستقالة خطيرة على التيار أولا، وعلى العملية السياسية ثانيا، فهي زلزال قد يؤدي إلى انهيار النظام، ما لم يحسن أصحاب الشأن اختيار الخطوات القادمة بحكمة متناهية".

وأشار  الخبير العراقي إلى أن "مساعي الإطار في تشكيل حكومة جديدة قد تنجح، لكن سيقابل ذلك حراك شعبي صدري، وحينها لن يكون الصدام في الشوارع مستبعدا، وتكرار ما حصل في تشرين 2019 وحالات العنف التي صاحبت التظاهرات".

وتصدّر التيار الصدري، الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بـ73 مقعدا من أصل 329، وشكل تحالفا مع أكبر كتلتين للسنة (تحالف السيادة) والأكراد (الحزب الديمقراطي الكردستاني) باسم "إنقاذ الوطن"، ورغم أن التحالف يشغل 175 مقعدا في البرلمان، إلا أنه فشل في تشكيل الحكومة.

وكان الصدر يسعى إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية من خلال استبعاد بعض القوى منها، وعلى رأسها ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وهو ما كانت تعارضه القوى الشيعية ضمن "الإطار التنسيقي"، حيث تطالب بحكومة توافقية تشارك فيها جميع القوى السياسية داخل البرلمان على غرار الدورات السابقة.

وعلى الرغم من أن النواب الصدريين قدّموا استقالاتهم إلى رئيس البرلمان الذي وافق عليها مباشرة، غير أن القوانين العراقية غير واضحة في مسألة قبول استقالة النائب، إذ نشب سجال بين خبراء القانون بشأنها، وهو ما فتح الباب واسعا على تأويلات تتحدث عن إمكانية العدول عن القرار، خاصة أن مجلس النواب في عطلة تشريعية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com