الجيش الإسرائيلي يؤكد إسقاط مسيرة بعد دوي صافرات الإنذار في عسقلان
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم السبت، النقاب عن خطوات تباشرها إسرائيل في الوقت الراهن، تستبق تقاعد رئيس السلطة الفلسطينية أو خروجه من المشهد لسبب أو لآخر.
وعلى الرغم من التقديرات السابقة لمحللين إسرائيليين، بشأن الشخصيات المفضلة لخلافة محمود عباس، وتأكيدهم على أن المؤسستين السياسية والعسكرية في إسرائيل تعولان على حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، واللواء ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، لكن "يديعوت أحرونوت" تحدثت عن اتجاه آخر، وإن لم تستبعد الاسمين.
وتقول الصحيفة في تقريرها: "إسرائيل تباشر خطوات من وراء الكواليس، ومن دون أن تترك بصمة تدل على تدخلها، تتعلق كلها بملف خلافة محمود عباس".
الاقتصاد من جانب
وذكرت الصحيفة، أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على هذا الملف عبر قناتين، الأولى تستهدف تعزيز السلطة الفلسطينية من خلال تنفيذ خطوات مشتركة مع قيادتها، تشمل تحسين الوضع الاقتصادي ومستوى معيشة الفلسطينيين بالضفة الغربية.
وترى القيادة الإسرائيلية "أن شعور الفلسطينيين بتحسن اقتصادي في مناح عدة، من شأنه أن يعمق تأييد عباس على المستوى الجماهيري، ويمنح الأجهزة الأمنية الفلسطينية الذريعة لتعزيز قبضتها".
كما تعتقد أنه "سيقوي التيار المركزي في حركة (فتح) في المواقع التي ضعفت فيها الحركة، ولا سيما في مخيمات اللاجئين والمؤسسات السياسية"، وفق الصحيفة.
وتقوم الرؤية الإسرائيلية بحسب تقرير الصحيفة العبرية على قاعدة مفادها "أن تحسين الوضع الاقتصادي يشكل حافزا للشارع الفلسطيني من أجل كبح جماح العناصر العنيفة، التي حاولت السيطرة على زمام الأمور، كما يتيح إمكانية نقل السلطة بشكل منظم بين السياسيين المنتمين لحركة (فتح)".
وتريد إسرائيل، وفق الصحيفة، ضم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى هذه الجهود، وكذلك الاتحاد الأوروبي، لافتة إلى أن تل أبيب "تلقت حتى الآن ردودا إيجابية من الطرفين".
قيادة مشتركة
وتعمل إسرائيل على مسار آخر، يستهدف "منع حدوث فوضى دامية بعد رحيل عباس، ونقل السلطة بشكل سلس من رئيسها الحالي إلى اثنين أو ثلاثة من المقربين إليه"، وفق الصحيفة.
وفسرت ذلك بأن الرؤية السائدة في إسرائيل تنص على أنه "لا يوجد في السلطة الفلسطينية شخص يمكنه خلافة عباس، لذا يعتقد المسؤولون الإسرائيليون، وكذلك في حركة (فتح) أنه ينبغي توزيع السلطة بعد رحيله بين فريق قيادي، يقسم المناصب فيها بينه من دون نزاعات".
ووفق ما أوردته "يديعوت أحرونوت"، يمتلك عباس 3 نقاط قوة حاليا، بسببها ينظر إليه كزعيم شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وهي أنه رئيس لمنظمة التحرير، ورئيس للسلطة الفلسطينية، ورئيس لحركة "فتح"، ومن ثم لا يوجد شخص واحد قادر على خلافته على عكس ما حدث عقب رحيل ياسر عرفات.
وذكرت الصحيفة، أن حكومة نفتالي بينيت، والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وبالتعاون مع مسؤولين في حركة "فتح" يعتقدون أنه ينبغي تقسيم المناصب الثلاثة على فريق أو مجموعة قيادة، وليس نقلها لشخص واحد.
وذهبت إلى أن تولي كل شخص من هذه المجموعة المفترضة وعملهم بانسجام كامل ومن خلال تعاون وثيق، سيمكن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية من العمل بشكل متدفق، وسيعيد القوة لحركة "فتح"، على الأقل خلال فترة انتقالية تعقب خروج عباس من المشهد.
لا شيء نهائي
ووفق المحلل الإسرائيلي بالصحيفة رون بن يشاي: "ثمة قناعة بأن عباس يؤيد الفكرة الإسرائيلية بشرط أن يأتي من سيخلفونه من بين الشخصيات الأكثر قربا وولاء له".
وأضاف بن يشاي: "لهذا السبب يتم حاليا تنفيذ خطوات واتصالات مختلفة على المستوى الشخصي بين مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين من أجل تحديد عدد من الأشخاص المقربين من عباس، والذين يمكنهم خلافته".
وذكر بن يشاي بأن "تقارير إسرائيلية سابقة لم تغفل طرح اسمي حسين الشيخ وماجد فرج"، لكنه استطرد قائلا: "لا يوجد شيء نهائي بعد".
وعلل ذلك بأن هناك معارضة داخل السلطة الفلسطينية، بشأن تعيين الشيخ في الأيام الأخيرة عضوا باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما أنه عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح)، وخلف كبير المفاوضين صائب عريقات.
وتابع: "واحد من الاثنين (أي الشيخ وفرج) قد يصبح يوما ما وبشكل قانوني على رأس منصب قيادي رفيع، من المناصب الثلاثة التي يستحوذ عليها عباس".
وأوضح أن القيادة الإسرائيلية "لا يمكنها تأييد شخصيات فلسطينية بعينها بشكل علني، وتحرص على ذلك، لأن تأييدها العلني سيحقق نتائج عكسية في الشارع الفلسطيني".
ولفت إلى أن غالبية الاتصالات في هذا الشأن "تظل من وراء الكواليس وتحت غطاء سياسي"، مضيفا أنه لا يمكن القول إن هذا الغطاء، أي الذي يتم تسريبه للإعلام بشأن أسباب الاجتماعات "حقيقة أم كذبا".
السلام الاقتصادي
ورجحت وسائل إعلام إسرائيلية الشهر الماضي، أن تكون الاجتماعات التي عقدها وزير الخارجية ورئيس الوزراء البديل، يائير لابيد، مع مسؤولين رفيعي المستوى بالسلطة الفلسطينية، مؤشرا على أن حسين الشيخ وماجد فرج، هما الشخصين المفضلين لخلافة عباس، بالنسبة لإسرائيل.
وذكرت قناة "الآن 14" العبرية وقتها، أن الشيخ وفرج "هما الشخصين الأكثر قوة داخل السلطة الفلسطينية، على الأقل من النواحي النظرية، وأكثرهم قرابة من عباس".
ومن النواحي العملية "يعتبرا قناة الاتصال الخاصة بالتنسيق الأمني والمدني مع إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية، والدول العربية"، وفق ما أشارت إليه.
وأوضحت القناة، أن الرؤية الإسرائيلية تجاه الاثنين "تنص على أن لديهما القدرة على إدارة شؤون السلطة الفلسطينية، على الرغم من أن الداخل الفلسطيني نفسه يشهد هجوما ضدهما أحيانا بسبب قبولهما لنظرية (السلام الاقتصادي) مع إسرائيل، وهي الفكرة التي تتعارض تماما مع أسس المشروع الوطني الفلسطيني".