وزارة الصحة: 25 قتيلا في غارات إسرائيلية على لبنان أمس
يُحيي تنظيم "الإخوان المسلمين"، اليوم السبت، الذكرى الـ 73 لاغتيال مؤسّسه حسن البنا، في توقيتٍ يتزامن مع اعترافاتٍ رسمية بأن التنظيم أضحى الآن تشكيلين في الشتات، أحدهما في إسطنبول، والثاني في لندن، يتنازعان الشرعية، ويتبادلان تهم الانحراف والفساد، ولا يتردد أحدهما في التلويح التحذيري باستخدام العنف لتصفية الآخر.
ومع إنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها التنظيم للتشظّي والخلافات، إلا إنها الأولى التي يعجز فيها عن التستّر، ويتحول فيها الخلاف على منصب "المرشد العام" إلى برنامج عمل انشقاقي مُعلن، بمآلات وأجندات تتحكم فيها الأجهزة والدول التي تؤوي أو ترعى التنظيم.
ويوم أمس الأول الخميس، أخذت مفارقة المواقيت صورةً غير مسبوقة في تاريخ الجماعة.. فقد ظهرت الصفحة الرئيسة لموقع"إخوان أون لاين" المنصة الرسمية لفرع إسطنبول من التنظيم، وهي تستذكر مناسبة اغتيال حسن البنا، في 12 فبراير 1949، وإلى جانبها بيان يعلن فشل جهود الوساطة مع فرع لندن، مع تفاصيل الإجراءات التنفيذية التي قطعها ذاك التشكيل للانشقاق.
والبيان الموقع باسم د. مصطفى طلبة، والذي عرّف بنفسه بأنه الممثل الرسمي للجنة القائمة بأعمال المرشد العام للجماعة، وصف ما يفعله فرع لندن بأنه "برنامج لتغيير شكل الجماعة وتحويل أصلها الموجود في داخل مصر إلى فرع هامشي أو غير موجود، وفي نفس الوقت تصدير فرع الجماعة الموجود بالخارج وكأنه هو الجماعة، واستثمار قبول البعض بذلك لتغيير بنية الجماعة وهيكلها."
وكان البيان في ذلك يعيد تشخيص الخلاف المعلن منذ 15 شهرًا بين جبهتي إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام لجماعة "الإخوان" ومقره بريطانيا، ومحمود حسين الأمين العام السابق للجماعة ومقره تركيا، ويشي بأنه أكثر من مجرد تنافس على وراثة كرسي المرشد العام محمد بديع، الموجود بسجن طرة في مصر، والمحكوم بالسجن المؤبد.
وبدأت حيثيات الأزمة بين فرعي الإخوان، في 18 سبتمبر/أيلول 2020، مع تعيين إبراهيم منير قائمًا بأعمال المرشد.
وفي شهر يونيو/ حزيران 2021، أعلن منير حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وعزْل محمود حسين وأعوانه، ليأتيه الرد من فرع إسطنبول بقرار من محمود حسين يعلن عزله.
لكن التفاصيل التنظيمية تضمنت ماهو أعمق من تبادل اللاشرعية بين المجموعتين اللتين تحتمي أولاها بتركيا، فيما تستظل الأخرى في بريطانيا، فقد ألغى منير هيئة الأمانة العامة للجماعة، وعيّن لجنة تحلُّ محلَّ أو تقوم مقام مكتب الإرشاد، وألغى قرار تمديد الدورة لمدة سنة، وأصدر قرارًا بإجراء الانتخابات فورًا.
كما حلَّ مكتب وشورى تركيا، وكذلك رفض مسمى الأمانة العامة للجماعة بدعوى أنه مستحدث، ورفض مشروع إعفائه من موقعه كنائب للمرشد وقائم بعمله، وغيرها من التغييرات الهيكلية.
وأزعج تنظيم تركيا، كما جاء في بيانه الأخير، أن تنظيم لندن استقوى بالإعلام لتعزيز شرعيته، وأشار بيان فرع إسطنبول، يوم الخميس الماضي، إلى أن "منير" عرض بياناته في صحيفة "عربي 21 اللندنية" التي نشرت أيضًا بيانات بمبايعته، كما منحته قناة تلفزيونية عربية تبث من لندن، فرصة مطولة ليعلن أنه حسم المعركة مع جماعة تركيا، وأن هناك فقط 6 أو 7 أعضاء قياديين يرفضون الواقع الجديد.
يشار إلى أن صحيفة " عربي 21"، التي تحدث عنها بيان مجموعة إسطنبول، مسجلة في بريطانيا باسم شركة "فضاءات ميديا ليميتد"، ومؤسسها -كما تقول ويكيبيديا- هو عزمي بشارة.
وفي تفسير مواقيت انفجار الصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين بين من تؤويهم تركيا بعد أن غادروا مصر في أعقاب سقوط نظام الرئيس محمد مرسي، وبين المقيمين في بريطانيا وبعضهم منذ فترة طويلة، فقد تفاوتت تقديرات ذوي الاختصاص.
وقيل إن السبب هو ما شهدته انتخابات المكتب في تركيا من طعون كثيرة، وإن غضب جيل الشباب من المقيمين في تركيا جراء سوء أوضاعهم المعيشية كان مبررًا للطامحين بالتغيير. كذلك قيل إن فرع لندن استغل ما طرأ على فرع إسطنبول من قيود بعد أن استدار النظام التركي الذي سعى إلى فتح صفحة جديدة مع مصر، وما تلا ذلك من وقف عدد من مذيعي الإخوان، ومنع أنشطتهم على مواقع التواصل، والتهديد بترحيلهم.
كما قيل إن لصراع الفرعين علاقة بالاستثمارات والأرصدة التي بحوزة كل منها، وهي التي قدرها بعض ذوي الاختصاص بعشرة مليارات دولار تحت سلطة فرع لندن.
لكن الذي قطع به بيان فرع إسطنبول، يوم الخميس الماضي، وقبله بيانات وتصريحات إبراهيم منير في لندن، هو أن جهود المصالحة بينهما، والتي شارك ببعضها أيمن نور، قد انتهت إلى الفشل، وأن ترتيبات الانشقاق تبدو مكتملة، لكن مآلاتها مرهونة، كما قيل، بخطط ومصالح الأجهزة والدول التي تؤويهم وترعاهم.
وعزز من هذه التقديرات أن هذه الدول - كما كان واضحًا – لم تبذل جهدًا حقيقيًا لوقف الانقسام الذي أضحى أمرًا واقعًا يثير قلق الذين يتحسبون لاحتمالات أن تشهد صفوف شبيبة الإخوان المسلمين المحبطة، هجرة جماعية إلى تنظيمات، مثل: داعش، والقاعدة.
وفي إحيائها لمناسبة اغتيال حسن البنا، بذكراها الـ 73 التي تصادف، اليوم السبت، نشرت مجموعة إخوان إسطنبول على موقعها " إخوان أون لاين" قصيدة للشيخ يوسف القرضاوي يشبّه فيها "البنّا" بالنبي يوسف من زاوية أن كليهما تعرَّض للغلّ، وأشد صنوف الأذى على أيدي الحساد من إخوتهم، ويقصد بذلك، بالطبع، إخوة البنا في التنظيم.
وفي موضوع غلّ الإخوة داخل حركة الإخوان المسلمين، كانت تقاريراستقصائية عديدة وثّقت تفاصيل تفيد بأن اغتيال حسن البنا نفّذه التنظيم المسلح الذي كان هو نفسه أنشأه، العام 1940، وهذا التنظيم بقيادة عبد الرحمن السندي الذي اغتال رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي، في 28 كانون الأول/ ديسمبر 1948، وعندما وصفهم البنا بأنهم " ليسوا إخوانًا ولا مسلمين" ووعد بإبلاغ الحكومة عن مكان الأسلحة، ومحطة الإذاعة السرية، اغتالوه بترتيبات بدت كأنها حكومية.