اختتمت الولايات المتحدة وروسيا، مساء اليوم الإثنين، محادثات أمنية في جنيف، على ما أفادت وزارة الخارجية الأمريكية.
ومن المقرر أن يعقد كل جانب مؤتمرا صحفيا بعد مفاوضات كانت واشنطن تأمل من خلالها في تجنب خطر غزو روسي جديد لأوكرانيا دون الإذعان لمطالب الكرملين الأمنية الواسعة النطاق.
وكانت المحادثات بدأت في وقت سابق من اليوم، بين نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، ونظيرته الأمريكية، وويندي شيرمان، في مقر البعثة الدبلوماسية لواشنطن في جنيف.
ولم يتبادل الاثنان النظرات إلا نادرا خلال التقاط الصور قبل الاجتماع.
وكتبت شيرمان في تغريدة، في وقت سابق، من جنيف أن "الولايات المتحدة ستنصت إلى مخاوف روسيا وتنقل إليها مخاوفنا".
وأضافت أنه "لا فرصة لإجراء نقاش حول أمن أوروبا في غياب الحلفاء الآخرين. وسينتقل النقاش إلى مراحل لاحقة من الاجتماعات في بروكسل وفيينا هذا الأسبوع".
وحشدت روسيا نحو 100 ألف جندي قرب الحدود مع أوكرانيا استعدادا لما تقول واشنطن وكييف إنه غزو محتمل، بعد ثماني سنوات من انتزاع روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.
وتنفي موسكو خطط الغزو وتقول إن ما تفعله هو مجرد انعكاس ورد فعل على ما تصفه بسلوك يتسم بالعداء والاستفزاز من جانب حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا التي تميل نحو الغرب وتطمح للانضمام للحلف.
وفي الشهر الماضي، قدمت روسيا مجموعة ضخمة من المطالب من بينها حظر توسيع حلف الأطلسي ووضع حد لنشاطه في دول وسط أوروبا وشرقها التي انضمت إليه بعد 1997.
وترفض الولايات المتحدة والحلف قسما كبيرا من المقترحات الروسية، وتصفها بأنها لا تمثل أساسا يمكن البناء عليه.
وكان ريابكوف قال في وقت سابق لوكالة الإعلام الروسية، إن "موسكو لن تقبل المحاولات الأمريكية لوضع قيود على جدول الأعمال بحيث يقتصر على مناقشة التدريبات العسكرية ونشر الصواريخ، وهما الموضوعان اللذان حددتهما إدارة بايدن للنقاش".
وأضاف ريابكوف: "نحتاج إلى ضمانات قانونية تمنع توسع الأطلسي وتهدم كل ما استحدثه الحلف منذ 1997".
وأشار إلى أن روسيا سعت لإبداء المرونة على مدى ثلاثين عاما ماضية وقد آن الأوان لأن يتحلى الطرف الآخر أيضا بالمرونة.
وأوضح أنه "إذا لم يكن بإمكانهم القيام بذلك، فسيواجهون وضعا يتفاقم في ظله موقفهم الأمني".
من جهة أخرى، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الذي سيجتمع مع الفريق الروسي في بروكسل، يوم الأربعاء، إن روسيا والغرب قد لا يتمكنان من حل جميع القضايا هذا الأسبوع، لكنهما قد يجدان مخرجا لتجنب الصراع.
أضاف ستولتنبرغ أن "ما نأمل فيه هو النجاح في الاتفاق على سبيل للمضي قدما، وعلى عقد سلسلة من الاجتماعات، ونحن قادرون على الاتفاق على مسار".
وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني أولجا ستيفانيشينا التي كانت بجانب ستولتنبرغ، إن مطالب روسيا "لا يمكن النظر إليها من زاوية أنها موقف تفاوضي".
وأضافت للصحفيين أن "ليس من حق المعتدي أن يضع الشروط" في الوقت الذي تقف فيه الدبابات الروسية قرب الحدود الأوكرانية.
سيف العقوبات
وكرر الرئيس الأمريكي جو بايدن مرارا تحذيراته للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مغبة أي غزو روسي لأوكرانيا.
وقال بايدن إن "الولايات المتحدة وحلفاءها في أوروبا سيفرضون عقوبات غير مسبوقة على موسكو إذا اختارت هذا الطريق".
ورد بوتين بأن العقوبات قد تؤدي إلى "انهيار كامل في العلاقات".
وفي اجتماع تمهيدي مع ريابكوف، عقد مساء أمس الأحد، شددت شيرمان على التزامات واشنطن إزاء السيادة ووحدة الأراضي "وحرية الدول ذات السيادة في اختيار تحالفاتها بنفسها"، حسبما قالت وزارة الخارجية الأمريكية.
ونقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء عن ريابكوف قوله للصحفيين، إن اجتماعه مع شيرمان كان "معقدا لكنه (كان) عمليا (أيضا)".
وشبه ريابكوف الوضع بأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، عندما كان العالم على شفا حرب نووية.
وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها إنهم مستعدون لمناقشة إمكانية فرض قيود من الجانبين على التدريبات العسكرية ونشر الصواريخ في المنطقة.
وقال بلينكن، يوم الأحد، إن الجانبين سيضعان المقترحات على الطاولة ثم يبحثان ما إذا كانت هناك مبررات للمضي قدما.
وذكر مصدر مطلع أن واشنطن تناقش مع الحلفاء والشركاء في أوروبا وآسيا مجموعة من القيود التجارية ضد موسكو إذا فشلت الدبلوماسية واتخذت روسيا تحركات عدائية ضد أوكرانيا.
ويمكن أن تطال القيود قطاعات صناعية روسية مهمة، بما في ذلك مجالات الدفاع والطيران المدني، وقد تلحق الضرر بطموحات روسيا في تطوير التكنولوجيا الفائقة، مثل الذكاء الاصطناعي أو حتى الإلكترونيات الاستهلاكية.
وقال أندريه كورتونوف، وهو محلل يرأس مجلس الشؤون الدولية الروسية، إن ريابكوف أقل تشددا من آخرين غيره في المؤسسة الأمنية الروسية، لكن موقفه سواء بالمرونة أو الجمود سيتم التحكم فيه من الكرملين.
وأضاف كورتونوف أن "في نهاية المطاف، الأمر متروك لبوتين، وليس لريابكوف، لرسم الخطوط الحمراء. سيكون على ريابكوف أن يبذل قصارى جهده لتوضيح هذه الخطوط".