كيف ترى إيران تطورات الأوضاع في أفغانستان بعد حكم طالبان؟
كيف ترى إيران تطورات الأوضاع في أفغانستان بعد حكم طالبان؟كيف ترى إيران تطورات الأوضاع في أفغانستان بعد حكم طالبان؟

كيف ترى إيران تطورات الأوضاع في أفغانستان بعد حكم طالبان؟

تواجه إيران حالة من عدم المصارحة في التعبير عن موقفها الرسمي تجاه سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، على الرغم من متابعتها للتطورات التي تشهدها جارتها الشرقية بترقب وتحسب كبيرين.

وشهدت الأيام القليلة الماضية دخول عناصر حركة طالبان العاصمة الأفغانية كابول، وذلك بعد سلسلة من التقدم العسكري في أبرز عواصم الولايات الأفغانية؛ الأمر الذي أدى إلى اضطراب الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، بل وتسبب بهروب الرئيس الأفغاني، أشرف غني إلى خارج البلاد.

وفي ردود الأفعال الإيرانية على سيطرة طالبان على المشهد في أفغانستان، تباينت المواقف الأولية بين مؤيد لتقدم طالبان نكاية في الولايات المتحدة بوصفها الخصم الأول للنظام الإيراني، وبين رافض لحُكم الحركة المتشددة للجارة الشرقية، وآخر محذّر لخطر محتمل من نفوذ الحركة على الأمن القومي الإيراني.



خطر على الأمن القومي الإيراني

وكان أبرز المسؤولين الإيرانيين الرافضين لسيطرة طالبان على الأوضاع في أفغانستان هو رئيس الجمهورية الأسبق، محمود أحمدي نجاد، والذي عبر عن قلقه من تقدم طالبان في أفغانستان بقوله إن "طالبان ستشكل خطرًا وتهديدًا كبيرين على أمن إيران بل وأمن المنطقة".

وألمح نجاد إلى وجود ما يمكن تسميته بـ "تنسيق أمني بين طالبان وطهران"، حيث وجّه تساؤلًا لمسؤولي النظام الإيراني، قائلًا: "لماذا يجب أن تكون طالبان ذات أهمية للبعض في مؤسساتنا الأمنية؟".

وأعرب نجاد، عن وجهة نظر إيرانية قد تكون مغايرة للنظام لحركة طالبان بوصفه مسؤولًا حكوميًا حاليًا يشغل منصب عضو بمجمع تشخيص مصلحة النظام كأحد أهم دوائر الحكم الإيرانية.

ووصف نجاد طالبان بأنها "عنيفة وغير إنسانية"، معتبرًا أن الحركة تريد "السيطرة على أفغانستان بمساعدة أجنبية وبقوة السلاح".



وبعد مرور أقل من أسبوعين على تصريحات نجاد المحذرة من خطر طالبان، خرج الرئيس الإيراني الأسبق في مقطع فيديو جديد ليكشف عن تلقيه ما أسماها بـ "تهديدات أمنية بحقه وعدد من المقربين منه" وذلك من قبل مسؤول أمني رفيع لم يكشف عن هويته.

وصرح نجاد بأن أحد المسؤولين الأمنيين الكبار تواصل معه وأكد له بأنهم يواجهون في الأجهزة الأمنية ضغوطًا متصاعدة، وأقر بأن هذه الأجهزة تتولى بالأساس مسألة طالبان، ويجب أن يتوقف (نجاد) عن هذا النهج (أي مهاجمة طالبان)".

وبعيدًا عن البُعد السياسي، تناولت وسائل إعلام إيرانية محلية لمحة عن الأضرار الاقتصادية المحتملة على إيران إثر إمساك طالبان بالسلطة الأفغانية، منها وكالة أنباء "إيلنا" الإصلاحية التي قالت في تقرير إن "مشروع ميناء جابهار الرابط بين إيران وأفغانستان والهند مهدد بالفشل في ظل سيطرة طالبان على أفغانستان".



"وجهة نظر المتشددين"

أما الفريق الآخر الذي أشار في تصريحات رسمية إلى "ترحيب إيران غير المباشر" بسيطرة طالبان على أفغانستان، فقد اتفق على أن تقدم الحركة أفضل من بقاء القوات الأمريكية في هذا البلد، دون الاكتراث بحجم التحديات الإنسانية والأمنية التي تطارد الأفغان إثر التطورات الأخيرة في بلادهم وفق مراقبين.

وجاء الرئيس الإيراني الجديد المنتمي للتيار المتشدد، إبراهيم رئيسي، على رأس المسؤولين الإيرانيين المعبرين عن الفريق المرحب بتقدم طالبان، حيث وصف الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بـ "الفرصة" التي ستعمل على استعادة الحياة والأمن والسلام في أفغانستان.



وأقر رئيسي ضمنًا في بيان رسمي للرئاسة الإيرانية بأن طالبان تُعد إحدى الفصائل الأفغانية المعنية بمستقبل البلاد.

وعبر عن تطلع بلاده للمشهد الأفغاني المقبل بعبارات دبلوماسية من قبيل أن "إيران ستعمل من أجل الاستقرار الذي هو حاجة أفغانستان الأولى، وكدولة جارة وشقيقة تدعو جميع الفصائل الأفغانية للتوصل إلى اتفاق وإجماع وطني".

حضور إيراني في المشهد الأفغاني

من جانبه، أشار وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف بشكل غير مباشر إلى حتمية مشاركة طهران في صياغة الحالة السياسية المقبلة في أفغانستان مع تقدم طالبان، لافتًا إلى أن "إيران ستواصل جهودها لتحقيق المصالحة بين الأطراف الأفغانية".

يشار إلى أن ظريف أصدر تصريحًا في وقت سابق، رآه مراقبون بأنه يكشف عن خطط طهران المستقبلية في أفغانستان، ويبيّن مدى التنسيق الكبير بين النظام الإيراني وحركة طالبان.

وأثار تصريح الوزير الإيراني جدلًا واسعًا بين الساسة والنشطاء الأفغان، حيث تحدث ظريف عن دعم طهران لتشكيل ما أسماها "دولة إسلامية شاملة" في أفغانستان بقيادة طالبان، وذلك خلال لقاء جمع ظريف بمسؤول رفيع بالحركة بالعاصمة الإيرانية طهران.

ووصل الهجوم الأفغاني على تصريح ظريف واتهامه بالتدخل في الشأن الداخلي لأفغانستان، وتقديم بلاده دعمًا لحركة طالبان المتهمة بتنفيذ عمليات ضد المدنيين إلى حد أن مسؤول بوزارة الخارجية الإيرانية نفى تصريحات ظريف، رغم أن وسائل الإعلام الرسمية لا سيما المقربة من الحرس الثوري كانت قد أكدت تصريحات ظريف في تقارير وصفتها بـ "الحصرية".



وحلل مراقبون تصريحات ظريف آنذاك بأنها قد تكشف عن دعم إيراني شامل لحركة طالبان، وربما تحمل صفقة غير معلنة بين طهران والحركة تهدف إلى سيطرة طالبان على زمام الأمور في أفغانستان، ومن ثم تشكيلها بنية نظام حاكم قريب إلى حد ما من النظام في طهران.

ترحيب سُني

أما زعيم أهل السُنة في إيران، الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي، المعروف بمولوي عبدالحميد، فقد أعلن صراحة عن ترحيبه بما حققته حركة طالبان من تقدم سياسي وعسكري في إطار سيطرتها على أفغانستان، معتبرًا أن ما حققته الحركة "انتصار لافت".

وقال مولوي عبدالحميد، في بيان نشره موقعه الرسمي، الثلاثاء: "إنني أؤكد للعالم أن طالبان اليوم ليسوا طالبان قبل 20 عامًا، كما أن الانتصار الكبير واللافت لطالبان، الذي جاء نتيجة الجهاد والاستشهاد والصبر على طريق الحق ضد المحتلين المعتدين، والحكومة الفاشلة، والغارقة في الفساد، يستحق التهنئة للإمارة الإسلامية".



وفي تغطيتها لتطورات الأوضاع في أفغانستان، قللت وسائل إعلام النظام الإيراني الرسمية من تخوف الشعب الأفغاني من الحُكم المرتقب لبلادهم تحت قيادة طالبان، فيما اعتبر محللون إيرانيون مقربون من النظام أن أفغانستان ستشهد حياة جديدة بقيادة "طالبان الجديدة".

تعتيم إعلامي إيراني

إلى ذلك، نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا"، اليوم الثلاثاء، تقريرًا بعنوان: "الحياة في كابول في اليوم الثاني لسيطرة طالبان".

وقالت الوكالة إن "الحياة في العاصمة الأفغانية تسير بشكل عادي ويعيش الناس حياتهم بشكل طبيعي، ولا يوجد أي أنباء عن ازدحام وكر وفر بين المواطنين".

وربما قد أغفلت الوكالة الإيرانية الرسمية المشاهد المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العالمية التي توثق هلع الأفغان من دخول عناصر طالبان إلى عاصمة بلادهم، والتي كان أكثرها مأساة مشهد لهفة المواطنين على ركوب طائرات تهرب خارج البلاد، وحتى مقتل عدد منهم بعد سقوطهم عقب إقلاع الطائرة.

من جهته، رأى المحلل الإيراني والباحث في شؤون الحركات الإسلامية، بهمن أكبري أن "مستقبل أفغانستان بات متعلقًا بطالبان بعد التطورات الأخيرة في البلاد".

واعتبر أكبري أن "طالبان تحمل وجهين: أحدهما معاصر تحضر به جولات المفاوضات السياسية، والآخر راديكالي يظهر في المعارك الحربية وتواجدها في الشوارع في أفغانستان".



وبين المحلل الإيراني أن "طالبان الجديدة" -كما أسماها- سوف توجد حياة جديدة في أفغانستان، وذلك بعدما تنجح الحركة في إيجاد فاصل بين الدبلوماسية والتوجه العسكري، وتركيزها على الاهتمام بالأوضاع الأمنية والإنسانية.

ويؤكد محللون أن إيران تُعد أكبر الرابحين لقرار الولايات المتحدة بالانسحاب العسكري من أفغانستان، وما يليه من سيطرة حركة طالبان على جارتها الشرقية، حيث وصف المحللون قرار الانسحاب الأمريكي بـ "مثابة تحقيق واحدة من أهم أمنيات طهران".

وأوضح المحللون أن "التقديرات تشير إلى أن الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان يهيئ الفرصة والمناخ المناسبين لإيران؛ وذلك لكي تُقدم الأخيرة على المناورة في البلد الجار الذي يعاني من تراجع الحالة الأمنية".

فراغ سياسي أمني لصالح طهران

ويؤكد هذا الرأي المحلل المتخصص في الشؤون الأفغانية، أندرو واتكينز بقوله إن "قرار انسحاب القوات الأمريكية والناتو من أفغانستان سيُوجد فراغًا أمنيًا وحتى في السلطة، وسيمنح إيران الفرصة بشكل أكبر لزيادة نفوذها في كابول".

وأوضح المحلل السياسي في تحليل سابق، أن "نفوذ إيران المتصاعد في أفغانستان في المرحلة التالية للانسحاب الأمريكي سيعتمد إما على قوى مقربة من طهران لعل أهمها تنظيم "طالبان" الذي يشهد حضورًا ملحوظًا على الساحتين السياسية والأمنية الأفغانية".



واعتبر واتكينز، أن "النظام الإيراني سعى طيلة السنوات التي شهدت تواجد القوات العسكرية الأمريكية في أفغانستان إلى الحد من مصالح واشنطن في كابول، وذلك عبر تغلغل طهران بين اللاعبين المحللين في أفغانستان".

ويأتي هذا في ظل اتهامات حكومية أفغانية للنظام الإيراني بدعم حركة "طالبان" بالمال والسلاح، فضلًا عن استنكار كابول لاستقبال السلطات الإيرانية وفودًا سياسية للحركة بشكل رسمي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com