الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات نسف لمبان في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة
رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن سيطرة طالبان على مقاليد الأمور في أفغانستان، ستؤدي إلى تفاقم التوترات في إقليم "شينغ يانغ" الصيني، الذي تقطنه أغلبية مسلمة تنتمي لعرق "الإيغور".
وسلطت الصحيفة في تقرير نشرته، الثلاثاء، عبر موقعها الإلكتروني، الضوء على تحذيرات "وانغ يانينغ"، الباحثة الأمنية الصينية لجيش بلادها، من "وصول طالبان قرب الصين".
تحذيرات سابقة
وأضافت الصحيفة، أن "ورقة بحثية منشورة عام 2002 للباحثة الصينية، تحدثت عن "تدريب أكثر من 400 انفصالي صيني من إقليم شينغ يانغ، الواقع شمال غرب الصين، على استخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة، والعبوات الناسفة في معسكرات التدريب التابعة لطالبان".
ونقلت الصحيفة عن الباحثة التي تعمل كمحاضرة في أكاديمية قوات الشرطة المسلحة الصينية، قولها إن "طالبان تقدم إمدادات أسلحة إلى القوات الانفصالية في إقليم شينغ يانغ الصيني".
ولفتت الصحيفة إلى أن "هذه المخاوف القديمة تعود إلى صدارة الواجهة الآن في الصين، والتي تحاول التكيف مع حقيقة سيطرة طالبان على أفغانستان".
قلق صيني
وذكرت الصحيفة، أن "إطاحة حركة طالبان بالحكومة المدعومة من الغرب، ستؤدي إلى تأجيج النقاش في بكين حول السياسة الأمنية في شينغ يانغ، البقعة الساخنة التي تسببت في فرض عقوبات على الصين من جانب الولايات المتحدة وأوروبا".
وأشارت إلى أن "الأقليات العرقية المسلمة، تمثل جزءا كبيرا من السكان في إقليم شينغ يانغ، في الوقت الذي تنظر فيه السلطات الصينية بتشكك كبير تجاه ولائهم للدولة الصينية".
وأضافت الصحيفة، أن "بعض المتشددين في منطقة آسيا الوسطى يتطلعون لإقامة وطن مستقل، وهو الموقف المرفوض بشدة من بكين، في الوقت الذي عانت فيه المنطقة من هجمات إرهابية متقطعة".
وتابعت: "في نفس الوقت، فإن رحيل الولايات المتحدة عن أفغانستان يمنح الصين فرصة للقيام بدور أكبر، في وقت تسعى فيه بكين إلى تعزيز نفوذها الدولي".
وأعرب المسؤولون الصينيون، عن اهتمامهم بمستقبل أفغانستان، أواخر الشهر الماضي، عندما استضاف وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" كبار مسؤولي طالبان في تيانجين، وفقا للصحيفة.
مفاوضات الصين وطالبان
وحسب الصحيفة، طالب وزير الخارجية الصيني، قادة طالبان، خلال اللقاء، بقطع علاقاتهم مع الحزب الإسلامي التركستاني، الجماعة الانفصالية التي تحمّلها الصين مسؤولية الهجمات في شينغ يانغ، وفي الوقت نفسه قال إن طالبان سوف تلعب دورا مهما في إعادة بناء أفغانستان.
ونقلت عن "فيكتور غاو"، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الصينية، والأستاذ الحالي في جامعة سوتشو الصينية، قوله إن الصين "أوضحت موقفها تماما، وهو أنها لن تسمح على الإطلاق أن تصبح أفغانستان مصدر تهديد للصين من جانب أي قوة".
وقالت الصحيفة، إن "مخاوف الصين من المسلحين في شينغ يانغ، دفعتها إلى واحدة من أكثر السياسات المطلقة، والتي تسببت في انتقادات كبيرة لها، في عهد الرئيس الصيني شي جين بينغ".
وأضافت أن "بكين بدأت منذ عام 2017، حملة قمع كاسحة في شينغ يانغ، التي تشترك في الحدود البرية مع أفغانستان، وكشمير التي تسيطر عليها باكستان. وتم إلقاء مئات الآلاف من الإيغور والأقليات الأخرى المشتبه بتطرفهم في معسكرات الاعتقال، دون محاكمة، بما في ذلك النساء وكبار السن".
خطر "التطرف"
ورأت الصحيفة، أن الصين تواجه إمكانية تجدد "التطرف" على جانبها الغربي، وسط أسئلة حول كيفية إدارة شينغ يانغ، وهي منطقة غنية بالموارد تزيد مساحتها على ضعف مساحة ولاية "تكساس" الأمريكية، ويبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة.
ورجّحت أن تؤدي حملة قمع جديدة، من جانب قوات الأمن الصينية في "شينغ يانغ"، إلى إثارة انتقادات من جانب المجتمع الدولي، خاصة بعد انتهاكات حقوق الإنسان التي تم توثيقها، والتمييز العرقي الذي مارسته بكين ضد الإيغور والأقليات في الحملة الأخيرة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الصين ستواجه أيضا احتمال وجود موجة نزوح كبيرة للاجئين الأفغان، ما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة التي تواجهها أيضا في الجنوب على حدودها مع ميانمار.
استبعاد التدخل العسكري
ونقلت عن كلود راكيسيتس، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأسترالية، قوله "إن الصين تسعى ليكون لها نفوذ أكبر في أفغانستان، ويمكن أن تظهر كأبرز لاعب خارجي في البلاد".
واستبعد راكيسيتس، وهو أستاذ فخري في الجامعة الوطنية الأسترالية أن "تسير على نهج الولايات المتحدة في التدخل العسكري".
وتابع: "من المستبعد تماما أن يتدخلوا عسكريا على الأرض في أفغانستان، إذا نظرت إلى البريطانيين والروس والأمريكيين، فإنك ستجد أنهم تحطموا هناك".
من جانبه، قال شين روبرتس، الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، إن "عمليات الانتشار التي ستشهدها أفغانستان في الشهور القليلة المقبلة ستكون بمثابة اختبار للاستراتيجية الصينية الذاتية، التي تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول".
وأضاف روبرتس، الذي درس إقليم شينغ يانغ: "إذا تسبب صعود حركة طالبان في عدم الاستقرار على المدى الطويل في أفغانستان، أو أدى إلى تأجيج التطرف في أجزاء أخرى من آسيا الوسطى، حيث تمتلك الصين مصالح اقتصادية، فإنه فسيكون من الصعب الحفاظ على سياسة الفصل بين السياسة والاقتصاد".
ملاذ آمن
وأشارت الصحيفة، إلى أن مسؤولين صينيين يشعرون بالقلق الشديد إزاء احتمال أن تصبح أفغانستان "ملاذا آمنا للجماعات المتطرفة"، بما في ذلك الحزب الإسلامي التركستاني.
وفي عام 2016، قالت قيرغيزستان، إن مسلحين من الإيغور كانوا وراء هجوم انتحاري على السفارة الصينية.
وحسب الصحيفة، أعلن "متطرفون مسؤوليتهم عن عدة حوادث عنف ضد العمال الصينيين في باكستان، وفي عام 2017، أصدرت السفارة الصينية في إسلام أباد تحذيرا من احتمال وقوع هجمات وشيكة".
بدوره، لفت هايوم ما، الأستاذ المساعد في جامعة "فروستبورغ" الأمريكية في ميريلاند، إلى "صعوبة التأكد من تورط مقاتلي الإيغور أو مجموعات أخرى في تلك الهجمات الإرهابية بشكل كبير".
واستبعد هايوم، الذي درس العلاقات الصينية مع دول إسلامية، "إجراء بحث موثق حول عدد مقاتلي الإيغور الموجودين في آسيا الوسطى"، مشيرا إلى إمكانية "مبالغة السلطات الصينية في تقدير أعدادهم".
وقالت "واشنطن بوست" في نهاية تقريرها، إن الصين يمكن أن تحاول تقديم مساعدة اقتصادية لطالبان، أو تعترف بها دوليا، مقابل التزام الحركة بقطع العلاقات مع الحزب الإسلامي التركستاني، حيث قدّم وزير الخارجية الصيني هذا الطلب بشكل رسمي إلى طالبان خلال لقائه مع قيادات الحركة، إلا أنه لا يزال من المبكر جدا الحكم على ما إذا كانت بكين تستطيع الثقة في طالبان، بحسب خبراء.