اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، "استسلم" أمام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في قضية أنبوب الغاز الروسي "نورد ستريم 2"، بعد تخليه عن التوافق الحزبي المعارض للمشروع، دون أن يحصل على أي شيء في المقابل.
وذكرت المجلة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، الإثنين: "كانت المعارضة الحزبية المشتركة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري لمشروع أنبوب الغاز الطبيعي الروسي، حجر الزاوية بالنسبة لإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، والسابق دونالد ترامب".
وأضافت: "كان ذلك رد فعل واضح، لا غموض فيه ضد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وسجل موسكو في استغلال شحنات الغاز، كسلاح ضد شرق أوروبا".
وتابعت المجلة، أن "القرار الأخير الذي اتخذته إدارة بايدن، بالانقلاب على سياسة الإدارتين السابقتين، والامتناع عن فرض عقوبات ضد المشاركين في مشروع أنبوب الغاز الروسي، لا يمكن اعتباره سوى استسلام أمام ضغط ألمانيا، وهدية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسيكون ضرر ذلك على الأمن القومي الأمريكي بالغًا".
وأوضحت: "إذا كان غرض الإدارة الأمريكية إعادة بناء العلاقات عبر الأطلنطي، فإن احتضانها لمشروع نورد ستريم 2 بمثابة إخفاق في الوصول إلى الهدف. حتى في ألمانيا، فإن معارضة المشروع تتصاعد".
وأشارت إلى أن "حزب الخضر الألماني، الذي من المتوقع أن يبرز في الانتخابات البرلمانية الألمانية المقبلة، بوصفه جزءًا من الائتلاف الحكومي، يعارض نورد ستريم 2، حيث أدانت مرشحة الحزب لمنصب المستشارة الألمانية، أنالينا بيربوك، المشروع، بوصفه إسفينا لتقسيم أوروبا، كما أنه فاشل من وجهة نظرها لأسباب بيئية وجيو إستراتيجية"، بحسب "فورين بوليسي".
ورأت المجلة الأمريكية، أن بايدن "أهدر فرصة وجود أرضة مشتركة مع الزعيم الألماني المقبل، من أجل التوافق ميركل، المنتهية ولايتها قريبًا، وذلك خلال الأشهر الأخيرة من وجودها في الحكم".
ونوهت إلى أن "القرار بشأن خط الأنابيب، يحمل تداعيات في نطاق الدول المتواجدة، أو القريبة من الجناح الشرقي للاتحاد الأوروبي".
فمن وجهة نظر بولندا، "لطالما أيقظ مشروع نورد ستريم 2 ذكريات غير سارة للاتفاقيات بين برلين وموسكو، والتي تجاهلت وارسو، حيث شبه وزير الدفاع البولندي السابق، راديك سيكورسكي، خط الأنابيب باتفاقية مولوتوف- ريبنتروب، التي قسمت بلاده سرًا بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي السابق، مما مهد الطريق للحرب العالمية الثانية".
وأشار بيان مشترك صدر مؤخرًا، من بولندا وأوكرانيا إلى "الآثار المزعجة" لقرار خط الأنابيب، الذي تم اتخاذه دون مشاورات مع الدول الأكثر تضررًا بشكل مباشر.
وحذرت "فورين بوليسي" من أن "استعداد إدارة بايدن، لاتخاذ قرارات على هذا الحجم من الأهمية، دون الدخول في مشاورات مع دول حليفة، سيتسبب بأخطار كبيرة عليها نتيجة تلك السياسات، وسيكون له توابع على أجزاء أخرى في العالم".
واختتم التقرير بالقول: "لم تحقق سياسة بايدن الخارجية، أيًا من الأهداف الأمريكية المعروفة. وبدلًا من ذلك، فإن تخلي إدارة بايدن عن عقوبات نورد ستريم 2، أضعف مصداقية الولايات المتحدة في أوروبا وخارجها".
وأضافت: "الدرس الذي تعلمته ألمانيا، هو أنه يمكنها متابعة رغباتها الخاصة في التعامل مع (الطغاة)، بغض النظر عن المبادئ، وبدون عواقب من واشنطن. والأخطر من ذلك، أن الدرس الذي تعلمته موسكو وبكين، هو أن العقوبات المفروضة عليهما، لن تستمر لفترات طويلة للغاية. لقد جعلت إدارة بايدن، النظام الدولي الهشّ أقل أمانًا".